سلطت افتتاحية صحيفة "واشنطن بوست" الضوء على الزيارة التي يستهلها، اليوم الأربعاء، وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إلى الرياض، مشددة على أنها فرصة مواتية للتساؤل بشأن تقاعس واشنطن عن اتخاذ إجراءات تجاه القمع المتواصل بالمملكة العربية السعودية.
وفيما اعتبرت الصحيفة أن أجندة الزيارة ستهم على الأغلب جهود إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لاحتواء النفوذ الإيراني، إلا أنها ذكرت أن بياناً حولها ورد فيه ذكر "حقوق الإنسان والشؤون القنصلية المرتبطة بالسعودية"، ما حداها على التعبير عن أملها في أن يقوم بومبيو بالكف عن تقبل التماطل السعودي بشأن القمع المتواصل لعدة مواطنين أميركيين داخل السعودية.
وجاء في الافتتاحية: "على امتداد أشهر عدة، عمد النظام السعودي إلى مخادعة الإدارة بتقديم وعود بإنهاء محاكمة بدون أي أساس للطبيب وليد فتيحي، الذي كان يقدم الرعاية الطبية لأفراد الطاقم الدبلوماسي الأميركي بالقنصلية الأميركية بجدة".
واعتقلت السلطات السعودية فتيحي الذي ينحدر من أسرة غنية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، وتم إيداعه في فندق "الريتز كارلتون" الذي تحول إلى سجن للأمراء ورجال الأعمال لمدة ثلاثة أشهر قبل أن يُنقل إلى سجن الحائر السياسي في الرياض، ثم نُقل في أواخر يناير/كانون الثاني 2019 إلى سجن ذهبان في جدة.
وأشارت "واشنطن" بوست" إلى أن فتيحي تعرض للتعذيب خلال اعتقاله، ضمن ما عُرف بـ"الحملة على الفساد" التي أطلقها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، مؤكدة أنه جرى الزج به في السجن لفترة 21 شهراً من دون أي تهمة. كما ذكرت أنه حينما بدأت أخيراً أطوار محاكمته الصورية جرى فرض حظر سفر على سبعة أفراد من عائلة فتيحي، بالإضافة إليه، وجميعهم من مواطني الولايات المتحدة الأميركية.
وأوضحت الصحيفة أن المسؤولين الأميركيين تلقوا وعوداً بأنه سيتم الإفراج عن فتيحي خلال جلسة محاكمة في 9 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بحسب الناشط الحقوقي محمد سلطان. وقالت في الافتتاحية إنه بدل ذلك تم تأجيل الجلسة لشهرين، ليتم تأجيلها مجدداً يوم 2 فبراير/ شباط.
واعتبرت الصحيفة أن "مثل هذا الموقف الفج بعدم الاكتراث بمراعاة المصالح الأميركية قد يبدو مهولاً، إذا ما نظرنا إلى أن ترامب قام مؤخراً بنشر الآلاف من الجنود الإضافيين وإرسال تجهيزات عسكرية أميركية لمنطقة الخليج لحماية السعودية من أي هجمات إيرانية".
Twitter Post
|
إزاء ذلك قالت "واشنطن بوست" إن ولي العهد السعودي استنتج بما لا يدع مجالا للشك بأن في وسعه قمع الصحافيين، والمناوئين له، وحتى المواطنين الأميركيين، دون أن يكون لذلك أي تبعات على العلاقات مع واشنطن، بما أنه لم يسجل أي رد فعل أميركي.
وفي هذا الصدد، أعادت الصحيفة للأذهان قضية الصحافي جمال خاشقجي، الذي كان مقيما بالولايات المتحدة الأميركية ويكتب في صحيفة "واشنطن بوست" عمود رأي، وتم اغتياله قبل نحو 16 شهراً على يد فريق اغتيال سعودي بقنصلية بلاده في إسطنبول.
وقالت الصحيفة إن بومبيو كرر مرات عدة أن الولايات المتحدة تحقق في القضية وستعاقب كل المتورطين، موضحة أنه باستثناء فرض حظر سفر على 21 شخصاً من غير الوارد أنهم سيزورون الأراضي الأميركي، لم تقم الإدارة الأميركية بأي إجراء آخر.
وأشارت الافتتاحية كذلك إلى أن إدارة ترامب لم تستجب لطلب قدمه الكونغرس لتقديم تقرير له حول المتورطين في تدبير اغتيال خاشقجي، ومن يقف وراء ذلك، والمتلاعبين بالأدلة. وأكدت أن ذلك سيقود بالضرورة إلى اسم ولي العهد السعودي، الذي خلصت وكالة الاستخبارات الأميركي "سي أي إيه" إلى أنه من أعطى الأوامر بقتل خاشقجي.