استمع إلى الملخص
- أكد السيسي على أهمية نهر النيل لمصر، مشيراً إلى مبادرات لتعزيز التعاون الإقليمي في مجال المياه ودعوة المجتمع الدولي لدعم الجهود الأفريقية لتحقيق الأمن المائي.
- تحدث رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن تحديات سد النهضة، مشيراً إلى استثمارات مصرية لتعزيز كفاءة المياه، ومحذراً من مخاطر التحركات الأحادية في إدارة الموارد المائية المشتركة.
أشار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد، في كلمة مسجلة بمناسبة افتتاح أسبوع القاهرة للمياه، إلى أزمة سد النهضة الإثيوبي، فيما قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، إنّ "سد النهضة يفقد مصر 15% من رقعتها الزراعية".
وخلال كلمته المصورة، قال السيسي إنّ "المياه هي سرّ الحياة، وأساس كل تنمية وتقدّم، ولذلك يوجه نداء للعالم أجمع بأن الماء حق لكل إنسان على وجه الأرض، ويجب إعلاء قيمة المياه في الأجندة الدولية، خاصة مع تصاعد أزمة الشح المائي، وندرة المياه لأسباب وعوامل طبيعية وبشرية". وأضاف أنّ "من أسباب شح المياه تنفيذ المشروعات العملاقة التي تهدف إلى استغلال الأنهار الدولية بشكل غير مدروس، ومن دون مراعاة لأهمية الحفاظ على سلامة واستدامة الموارد المائية الدولية، وفقاً لمبادئ القانون الدولي للمياه، وما تؤكده من ضرورة الإخطار المسبق، وتبادل المعلومات والتشاور، وإجراء الدراسات اللازمة، وضمان الاحتياجات الأساسية للإنسان، وعدم الإضرار"، في إشارة منه إلى سد النهضة الإثيوبي.
وتابع السيسي: "تضع مصر المياه على رأس أولوياتها، حيث يعتبر نهر النيل تحديداً قضية ترتبط بحياة الشعب المصري وبقائه، كونه يشكل المصدر الرئيسي للمياه بنسبة تتجاوز 98%، وبالتالي فإن الحفاظ على هذا المورد الحيوي هو مسألة وجود تتطلب التزاماً سياسياً دؤوباً، وجهوداً دبلوماسية، وتعاوناً مع الدول الشقيقة لضمان تحقيق الأهداف المشتركة".
وأكمل: "تبنت مصر العديد من المبادرات والبرامج القارية ذات الصلة بالمياه، من أجل تعزيز التعاون الإقليمي في مجال المياه، وأواصر التعاون الثنائي في مجال المياه مع العديد من الدول الأفريقية، لا سيما دول حوض نهر النيل، عبر تنفيذ المشروعات بتمويل مصري خالص مثل حفر الآبار، وإزالة الحشائش في المجاري المائية، وإنشاء مراكز للتنبؤ بالأمطار، وتأهيل الموانئ، وبناء سدود حصاد الأمطار". ودعا السيسي، المجتمع الدولي إلى زيادة دعمه لجهود الدول الأفريقية في مجال إدارة الموارد المائية، وتوفير التمويل والتكنولوجيا اللازمة لتنفيذ المشاريع والبرامج الهادفة إلى تحقيق الأمن المائي والتنمية ونشر السلام في القارة الأفريقية".
بدوره، قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، إنّ "بلاده استثمرت نحو عشرة مليارات دولار خلال السنوات الخمس الماضية لتعزيز كفاءة نظام المياه، وإعادة استخدام حوالي 21 مليار متر مكعب من الموارد المائية غير التقليدية"، مستطرداً بأنه "مع تنامي الحروب طويلة الأمد في المنطقة (العربية) وخارجها، أصبح الوصول إلى الماء واحداً من أبرز التحديات الإنسانية".
وأضاف مدبولي: "في الأراضي الفلسطينية المحتلة في غزة، يعمل الاحتلال على منع الوصول إلى المياه والطاقة والغذاء كأداة للضغط والسيطرة، بعدما أدت الحرب (الإسرائيلية) إلى تقليص إمدادات المياه في القطاع بنسبة تتجاوز 95%، ما أجبر السكان على استخدام مرافق المياه والصرف الصحي غير الآمنة، وأدى إلى تهجير قسري لهم، بالمخالفة لمبادئ القانون الدولي الإنساني".
وذكر مدبولي أن "الحرب أدت أيضاً إلى تعطيل الزراعة وإنتاج الغذاء في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما نتج عنه انعدام الأمن الغذائي، ومواجهة نحو 2.3 مليون شخص خطر الجوع المتزايد. وفي جمهورية السودان، فقدت غالبية القرى والبلدات السودانية إمكانية الحصول على المياه النظيفة، إذ فاقمت الحرب الدائرة منذ أكثر من عام ونصف العام من معاناة المواطنين، وهو ما تسبب في معاناة إنسانية غير مسبوقة بسبب صعوبة توفير المياه، وندرة مياه الشرب النقية".
واستطرد بقوله: "تسببت التغيرات المناخية والسيول الجارفة في تزايد حدة الأزمة، بعد أن واجهت مدينة بورتسودان أزمة حادة في مياه الشرب بعد انهيار سد أربعات، الذي يمثل أكبر مصدر يمدها بالمياه النقية. وبعد جفاف المياه ستشهد المدينة كارثة حقيقية في ظل وجود آلاف النازحين، واكتظاظ السكان في المنطقة".
وواصل مدبولي: "مصر تعاني من تحديات مركبة مترتبة على تغير المناخ والندرة المائية، وهي دولة المصب الأدنى بنهر النيل، ومن ثم لا تتأثر فحسب بالتغيرات المناخية التي تجري في حدودها، وإنما بمختلف التغيرات عبر سائر دول حوض النيل. وتؤمن بأهمية النهج التعاوني، وضرورة إعمال مبادئ القانون الدولي القائمة على تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المائية العابرة للحدود، على نحو يتفادى إيقاع الضرر بالدول والمجتمعات الأخرى، ويحافظ على مصالحهم الحيوية، وحقوقهم الأساسية".
وأردف: "نعاني من المخاطر الناتجة عن التحركات المنفردة والأحادية، التي لا تلتزم بمبادئ القانون الدولي على أحواض الأنهار المشتركة، ومن أبرزها السد الإثيوبي الذي بدأ إنشاؤه منذ أكثر من 13 عاماً على نهر النيل، بلا أي تشاور أو دراسات كافية تتعلق بالسلامة أو بالتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الدول المجاورة، ما مثل انتهاكاً للقانون الدولي، بما في ذلك اتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في 2015".
وتابع مدبولي: "يشكل استمرار تلك التحركات خطراً وجودياً على أكثر من مائة مليون مواطن مصري، وعلى الرغم من الاعتقاد السائد بأن السدود الكهرومائية لا تشكل ضرراً، فإن التشغيل الأحادي غير التعاونى للسد الإثيوبي قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، إذا استمرت هذه الممارسات بالتزامن مع فترات جفاف مطول".
وحذر رئيس الوزراء المصري من تداعيات سد النهضة الإثيوبي، قائلاً: "قد يفقد أكثر من مليون ومائة ألف شخص سبل عيشهم، مع فقدان ما يقرب من 15% من الرقعة الزراعية، ما يشكل تهديداً لزيادة التوترات الاجتماعية والاقتصادية. وقد يؤدي ذلك إلى النزوح والتهجير وتفاقم الهجرة غير الشرعية عبر حدود الدولة المصرية".