إعادة توجيه التوتر

06 مايو 2017
هل سيلتزم النظام باتفاق المناطق الهادئة؟(أمين سنسار/الأناضول)
+ الخط -
نجحت روسيا بتحقيق مجموعة أهداف دفعة واحدة من خلال اختراع "مناطق تخفيف التوتر"، الذي يحاكي من جهة مطالب المعارضة المستمرة منذ بداية الثورة السورية بإنشاء مناطق آمنة في سورية تخفف المعاناة عن المدنيين السوريين، والتي كانت تلقى رفضاً قطعياً من الإدارة الأميركية السابقة، واللافت أن إحدى أهم الحجج الأميركية لرفض المنطقة الآمنة هي عدم الاصطدام مع روسيا التي ترفضها بالمطلق. ومن جهة أخرى، يتوافق هذا الاختراع الروسي مع المطلب التركي المستمر بإنشاء منطقة آمنة شمال سورية. كما تقطع "مناطق تخفيف التوتر" الطريق على طرح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أخيراً، إنشاء مناطق آمنة، والذي لاقى ترحيباً تركياً، وتطرح فكرة مناطق آمنة من طرف طيران النظام السوري "فيما لو التزم بها"، ومفتوحة على معارك مع كل الفصائل التي تصنفها روسيا كتنظيمات إرهابية، مع عدم نسيان وضع محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) كأولوية، لتحاكي بذلك أولوية السياسة الأميركية في سورية.

ومن خلال هذا الاتفاق، تمكنت روسيا من تحويل الأنظار عن جنيف إلى مسار أستانة لتثبيته كمرجعية سياسية في أي حل في سورية، أو على الأقل كمرجعية لا يمكن تجاهلها. كما تمكنت من فرض نفسها، ومعها إيران، بقوة في الملف السوري بتحولهما من قوى احتلال إلى قوى ضامنة. وقطعت روسيا الطريق على الولايات المتحدة لتحقيق أي تفاهم مع تركيا حول المناطق الآمنة خلال الاجتماع المرتقب بين الرئيسين دونالد ترامب ورجب طيب أردوغان في 16 من مايو/أيار الحالي، وذلك من خلال ضم تركيا كطرف ضامن للاتفاق.

إلا أن الإنجاز الأهم للروس في اتفاق مناطق تخفيف التوتر هو إعادة توجيه التوتر من توتر بين النظام وكل الفصائل التي تقاتل ضده، سواء كانت فصائل إسلامية متطرفة، أو فصائل "جيش السوري الحر" والتي كانت تستنزف قوته وقوى الدول الداعمة له، إلى صراع بين تلك الفصائل يستنزفها جميعاً كون روسيا تنظر إلى جميع الأطراف المتحاربة كأعداء. ويساهم هذا الاتفاق بصرف النظر وتأجيل الحديث عن مصير بشار الأسد ونظامه كونه السبب الحقيقي في مأساة السوريين والسبب الرئيسي وراء نشوء كل تلك التنظيمات المتطرفة، كما يساهم بإعطاء النظام فرصة لالتقاط أنفاسه واقتناص الفرصة المناسبة للاستفراد بفصائل المعارضة والقضاء عليها.

المساهمون