مائة ألف ساعة من العزل والحصار في غزة

25 يناير 2017
معظم السكان يعتمدون على المساعدات الدولية(عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -
يرصد تقرير أصدره "المرصد الأورو متوسطي" لحقوق الإنسان، ومقره الرئيس في جنيف، أوضاعاً إنسانية بغاية الصعوبة في قطاع غزة الساحلي المحاصر منذ أحد عشر عاماً، ومع هذا الحصار تزداد أوضاع مليوني فلسطيني محاصرين سوءاً.

وازدادت الكارثة الإنسانية التي يعانيها قطاع غزة سوءاً عقب الهجمات التي شنها الاحتلال الاسرائيلي بين عامي (2008 - 2014)، وهي حروب ثلاث مدمرة، أتت على الإنسان والحياة والبنية التحتية التي باتت مدمرة ومتهالكة أكثر من أي وقت مضى.

ونتيجة للحصار الإسرائيلي، وفق "المرصد"، فإنّ معدلات الفقر والفقر المدقع تتجاوز 65 في المئة، فيما تجاوزت نسبة انعدام الأمن الغذائي 72 في المئة لدى الأسر في قطاع غزة، وأصبح 80 في المئة من سكان القطاع يعتمدون على المساعدات الدولية.

وذكر التقرير الحقوقي، الذي ينشر، اليوم الأربعاء، وحصل "العربي الجديد" على نسخةٍ منه، أنّ نسبة البطالـة شهدت ارتفاعاً غير مسبوق، حيـث تجاوزت معدل 43 في المئة مع نهاية عام 2016، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بنحو 18.7 في المئة في الضفة الغربية.

وتمـارس سلطات الاحتلال الإسرائيلي سياسـة الإغـلاق والحصـار علـى قطـاع غـزة كمنهـج مسـتمر منـذ أحد عشر عاماً، وذلـك مـن خلال السـيطرة على المعابر التجاريـة وغيـر التجارية، ومنع المواطنين مـن السفر للخارج، ومنـع الصياديــن مــن الدخــول إلــى المســاحة المســموح بهــا قانونيـاً، بالإضافة إلـى منـع دخول الأغذيـة والسـلع والمـواد الرئيسـية والأدويـة والأجهـزة الطبيــة التـي تحتاجهـا المشـافي لعـلاج المرضــى، وفق توثيق "الأورو متوسطي".

ومن بين تداعيات الحصار المفروض على القطاع، أصيب الاقتصاد الغزي بالشلل التام، وتوقفت العديد من المشاريع الاقتصادية، وفرضت سلطات الاحتلال مزيداً من القيود المشددة على حركة الأفراد والبضائع من وإلى القطاع.

وأكد تقرير المرصد الحقوقي أنّ الاقتصاد في قطاع غزة دخل في حالة من الركود العام، منذ بداية فرض الحصار، والذي شمل إغلاق جميع معابر القطاع الاقتصادية بشكل تام، باستثناء معبر كرم أبو سالم، والذي تجاوزت نسبة إغلاقه 36 في المئة خلال العام 2016.


ولفت "الأورو متوسطي" إلى التشديدات التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على منح التصاريح للمرضى الراغبين في العلاج في الضفة الغربية أو الأراضي المحتلة، حيث بلغت نسبة الموافقة على تصاريح الخروج في الربع الأخير من العام الماضي 44 في المئة فقط.

وأشار إلى وجود طفل من بين كل 4 أطفال داخل القطاع (225.000)، ما زالوا بحاجة للدعم الاجتماعي والنفسي عقب الهجوم الإسرائيلي الأخير على القطاع صيف العام 2014.

وفي ما يتعلق بمنح التصاريح التجارية عبر معبر بيت حانون/إيرز، بيّن تقرير الأورو متوسطي أنه وخلال الفترة الممتدة من (يناير/ كانون الثاني وديسمبر/ كانون الأول 2016)، "عمدت السلطات الإسرائيلية إلى إلغاء 1.900 تصريح من أصل 3.700 تصريح تجاري، فيما وافقت في نهاية عام 2016، على أقل من 50 في المئة فقط من طلبات الحصول على تصريح للخروج عبر معبر إيرز بهدف تلقي العلاج الطبي، مقارنة بنسبة موافقة على تصاريح الخروج وصلت إلى 92.5 في المئة في عام 2012".

ولفت التقرير إلى انخفـاض عـدد الصياديـن المسـجلين فـي قطـاع غـزة مـن 10.000 إلـى 4.000 صياد فـي الفتـرة مـا بـين 2000-2016، حيـث يعتمـد نحـو 95 في المئة منهـم علـى المسـاعدات الدولية، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشــا".

ودعا المرصد الحقوقي المجتمــع الدولــي للعمــل الجــاد علــى إنهــاء الحصــار الإســرائيلي الجائــر والمسـتمر علـى قطـاع غـزة، وبشـكل عـام، العمل علـى إنهـاء الاحتلال الإسـرائيلي طويــل الأمــد لكافــة الأراضــي الفلســطينية المحتلــة، باعتبــاره ســبباً رئيســياً في مـا يتـم مـن جرائـم حـرب وعقوبـات جماعيـة فـي قطـاع غـزة وباقـي الأراضـي الفلســطينية المحتلــة.

وطالب "الأورو متوسطي" بمحاسبة ومحاكمـة المسـؤولين عـن اسـتمرار ممارسـة العقـاب الجماعـي، وتجويع السـكان المدنییـن، باعتبـار هـذه الأفعـال تمثـل جريمـة حـرب.



واعتبرت مديرة مكتب "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" في الأراضي الفلسطينية، مها الحسيني، أنّ استمرار الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة على مدى 11 عاماً هو دليل على التعامل الدولي مع إسرائيل على أنّها دولة فوق القانون، وإعطاء الحصانة لقادة الاحتلال المتورطين بارتكاب جرائم حرب.

ولفتت الحسيني في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إلى التلكؤ في اتخاذ إجراءات فعلية لمحاسبة ومحاكمة مرتكبي الانتهاكات، ما يعطي "الضوء الأخضر" لقادة الاحتلال للاستمرار بارتكاب المزيد منها.

وقالت الحسيني في الوقت عينه، إنّ "المجتمع الدولي غير متجاهل لملفات غزة، إذ بات الآن أكثر وعياً بانتهاكات إسرائيل وتصرفها على الدوام كدولة احتلال فوق القانون، رغم افتقاره للإرادة السياسية في ملاحقة هذه الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها".

ودعت الحسيني إلى "اتخاذ إجراءات فعلية لمحاكمة قادة الاحتلال، وفرض العقوبات على السلطات الإسرائيلية لحثها على الوفاء بالتزاماتها تجاه القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني"، مشيرة إلى أن "المجتمع الدولي كان ولا يزال يتعامل مع قضية حصار غزة على أنّها تحتاج في المقام الأول إلى الدعم المادي والإنساني، لا على أنّها قضية تقرير مصير السكان الواقعين تحت الاحتلال وعيشهم بكرامة".

كما بيّن النائب في المجلس التشريعي ورئيس اللجنة الشعبية لكسر الحصار جمال الخضري، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، أنّ الاستهداف الإسرائيلي "لا يقتصر فقط على غزة وحصارها، إذ يتبع سياسة الاستيطان في الضفة الغربية وتوسعة المستوطنات وعزل القرى والمدن، فضلاً عن التهويد الشامل في القدس المحتلة عبر مشروع القدس 2020 بهدف إحاطتها بالمستوطنات".

وأشار إلى أنّ نحو 80 في المائة من الغزيين يعيشون تحت مستوى خط الفقر بالإضافة إلى مليون ونصف المليون إنسان يتلقون مساعدات إغاثية، عدا عن نحو 40 في المائة من أطفال القطاع يعانون من سوء التغذية.

وأوضح أنّ نحو 60 في المائة من الغزيين يعيشون في بطالة، بينما يبلغ متوسط دخل الفرد اليومي نحو دولارين، بالإضافة إلى المصانع المغلقة جزئياً جراء منع إدخال المواد الخام الخاصة بالصناعة إلى غزة.

وأضاف الخضري أنّ "هناك تأخيراً كبيراً في عملية إعادة إعمار المنازل المدمرة في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة"، موضحاً أنّ 60 ألف من أصحاب المنازل المدمرة لا يزالون مشردين، عدا عن تلوث نحو 90 في المائة من مياه غزة غير صالحة للشرب.

يشار إلى أنّ تقريراً أصدره المرصد عن الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة للعام الحادي عشر على التوالي، والذي سجل مائة ألف ساعة من عزل القطاع، أشار إلى أنّ الحروب الإسرائيلية الثلاث التي شنتها على القطاع بين عامي 2008 و2014 زادت الأوضاع سوءاً، ودمّرت البنية التحتية، وحصدت أرواح أكثر من 5 آلاف فلسطيني، وأضعافهم من الجرحى والمعاقين.

كما وثّق ارتفاع معدلات الفقر والفقر المدقع، وانعدام الأمن الغذائي واعتماد نحو 80 في المائة من سكان القطاع على المساعدات الدولية، إضافة إلى زيادات غير مسبوقة في نسب البطالة، إذ تجاوزت نسبة 43 في المائة مع نهاية عام 2016.







المساهمون