كشفت مصادر مطلعة في مجلس النواب المصري أن رئيس المجلس علي عبد العال دعا لجنة الشؤون التشريعية للانعقاد بشكل مغلق في حضوره، اليوم الثلاثاء، للتصويت على تقرير اللجنة الفرعية المُشكلة لدراسة تعديلات الدستور، إيذاناً بصياغة اللجنة المشروع النهائي للمواد المقترح تعديلها، وطرحه للمناقشة والتصويت في جلسات البرلمان المنعقدة أيام 14 و15 و16 إبريل/نيسان الحالي. وقالت المصادر، في حديث خاص مع "العربي الجديد"، إن اللجنة الفرعية شُكلت في الأصل لجمع الاقتراحات المقدمة من النواب على تعديلات الدستور، وكذلك المقدمة كتابياً في جلسات "الحوار المجتمعي" التي عقدها المجلس، غير أن تقريرها انتهى إلى تأييد جميع التعديلات المقترحة، وعلى رأسها المادة المستحدثة التي تعطي الرئيس عبد الفتاح السيسي حق الترشح مجدداً لانتخابات الرئاسة بعد انتهاء ولايته الثانية في عام 2022.
وأضافت المصادر أن بعض أعضاء تكتل "25-30" المعارض للتعديلات، تلقوا تهديدات من رئيس المجلس، عبر القيادي في ائتلاف الأغلبية والمتحدث باسم البرلمان صلاح حسب الله، بشأن إمكانية فتح ملفات إسقاط عضويتهم الموضوعة في مكتب لجنة القيم، بدعوى تورطهم في العديد من الوقائع ومخالفة اللوائح، في حالة إعلان رفضهم لتقرير اللجنة الفرعية، والتي اختير جميع أعضائها من الأغلبية المؤيدة للتعديلات. وأشارت المصادر إلى أن رسالة عبد العال سمحت لنواب التكتل بالاعتراض على أي من التعديلات، عدا المتعلقة بمد الفترة الرئاسية من 4 إلى 6 سنوات، أو المستحدثة على قياس السيسي، لافتة إلى إبقاء تقرير اللجنة الفرعية على جميع التعديلات كما هي، باستثناء مادة تخصيص ربع مقاعد مجلس النواب للمرأة، من خلال تخيير أعضاء اللجنة التشريعية بين أن تكون "كوتا المرأة" بشكل دائم، أو تقتصر على دورتين تشريعيتين (10 سنوات).
وأوضحت المصادر أن تقرير اللجنة الفرعية لم يتعرض لأي من المواد الخاصة بتعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية، أو إنشاء مجلس أعلى للقضاء برئاسة رئيس الجمهورية، للنظر في الشؤون المشتركة للجهات والهيئات القضائية، وكذلك إنشاء غرفة ثانية للبرلمان تحت اسم "مجلس الشيوخ". وهو ما اعتبرته المصادر "إهداراً لأموال الدولة"، لأن عودة المجلس جاءت مقرونة بنزع الصلاحيات التشريعية والرقابية عنه، بموجب التعديلات. وحسب المصادر فإن إبداء اللجنة الفرعية رأيها بتأييد التعديلات الدستورية "يصادر حق النواب في إبداء آرائهم، خصوصاً من الرافضين للتعديلات"، مؤكدة أن اللجنة ليست صاحبة رأي، وفق اللائحة، ويقتصر دورها على وضع التقرير أمام اللجنة الأصلية (التشريعية)، متضمناً ملخصاً للمقترحات المطروحة على التعديلات، سواء من نواب البرلمان أو المواطنين، أو فئات المجتمع التي استمع لها المجلس في جلسات الحوار.
وأفادت المصادر أن عبد العال هو من سيترأس لجنة صياغة التعديلات الدستورية، حتى يضمن خروج التقرير النهائي للجنة، والمقرر عرضه على الجلسات العامة، بصورة يرضى عنها، لافتة إلى أن لجنة الصياغة ستضم عدداً محدوداً من النواب، على رأسهم رئيس اللجنة التشريعية بهاء الدين أبو شقة، وعضو اللجنة القاضي السابق حسن بسيوني، وهما من المعينين في مجلس النواب بقرار رئاسي من السيسي. وفي سياق متصل، قالت المصادر إن الهيئة الوطنية للانتخابات لم تحدد بشكل قاطع مواعيد إجراء الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية، في انتظار عودة السيسي من زيارة الولايات المتحدة لأخذ موافقته على مقترح إجرائه أيام 22 و23 و24 إبريل، مضيفة أن "موافقة أكثر من ثلثي عدد أعضاء البرلمان على مشروع التعديل مسألة تحصيل حاصل، لأن هناك تعليمات مشددة من أجهزة سيادية بحشد نواب الأغلبية في جلسة التصويت المقررة الثلاثاء المقبل".
وتتزامن زيارة السيسي لواشنطن مع حدثين مهمّين، هما تصويت البرلمان على تعديل الدستور، وقرب إعلان البيت الأبيض عن خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية، والمعروفة إعلامياً باسم "صفقة القرن"، المرتقب في النصف الأول من مايو/أيار المقبل، في ظل ترجيحات بتجاهل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إثارة حالة حقوق الإنسان المتردية في مصر أثناء الزيارة، لكسب دعم النظام المصري للصفقة الموعودة، أو على الأقل مساعدته لتسويق مغرياتها الاقتصادية لدول المنطقة. وينظم وفد برلماني مصري جولة خارجية للترويج لتعديلات الدستور، في توقيت متزامن مع زيارة السيسي للولايات المتحدة، بهدف الحشد لتأييد التعديلات الرامية إلى تمديد حكم السيسي حتى عام 2034، إذ تشمل الجولة دول الكويت، والإمارات، والسعودية، وسويسرا، وألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا، وبريطانيا، وتنتهي في 17 إبريل الحالي. وسبق أن قال مصدر برلماني مطلع، لـ"العربي الجديد"، إن الجولة جاءت بتكليف من رئيس مجلس النواب، الذي وافق على تحمل موازنة المجلس تكاليف السفر والانتقال والإقامة لكل من وكيل لجنة الشباب والرياضة في البرلمان محمود حسين، ووكيل لجنة الصناعة النائب محمد السلاب، بما يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات الذي أقره الدستور، وكون موازنة البرلمان "أموال عامة" ولا يجوز صرفها إلا وفق ضوابط محددة.
إلى ذلك، تواصل الأجهزة المحلية، مدعومة بضباط وأفراد الشرطة، وجهاز الأمن الوطني، حملة واسعة على جميع المصانع والمتاجر الكبرى في مختلف المحافظات المصرية، بناءً على تعليمات رئاسية، لإرغام أصحابها على طباعة وتعليق لافتات ضخمة لتأييد تعديلات الدستور، مصحوبة بصور السيسي، عوضاً عن توقيع غرامات مالية كبيرة عليهم، بحجة مخالفة هذه المحال أو المصانع لشروط منح التراخيص. وتمهد تعديلات الدستور المصري لبقاء السيسي في منصبه لمدة 12 سنة إضافية، على المدتين المحددتين بثماني سنوات في الدستور الحالي، إلى جانب منحه صلاحية تعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا ونائبه والنائب العام، بالإضافة إلى اشتراط موافقة الجيش على تسمية رئيس الجمهورية لوزير الدفاع، وإضافة "حماية مدنية الدولة" إلى الاختصاصات الدستورية للمؤسسة العسكرية. كما تستهدف التعديلات التوسُع في محاكمات المدنيين أمام القضاء العسكري، من خلال حذف كلمة "مباشر" التالية لكلمة "اعتداء" من المادة 204 من الدستور، إيذاناً بمحاكمة المدنيين "في الجرائم التي تمثل اعتداءً على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة، أو ما في حكمها، أو المنشآت التي تتولى حمايتها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك". وكان تقرير حديث للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في مصر، قد كشف أن الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي شهدت محاكمات عسكرية، مثل فيها 1638 مدنياً، علاوة على صدور أحكام بالإعدام ضد 24 متهماً، منهم خمسة متهمين أيدت محكمة النقض حكم إعدامهم، في حين نفذت أحكام الإعدام ضد 15 متهماً مدنياً في محاكمات عسكرية.