أسفرت لقاءات ومشاورات قادة وزعماء القوى السياسية في بغداد، والتي تتم برعاية الرئيس العراقي برهم صالح، الذي بدا خلال اليومين الماضيين كمنسق اجتماعات وناقل مواقف بين مختلف الكتل السياسية، عن تقدّم واضح في ملف الاتفاق على "حكومة السنة الواحدة"، التي تعمل على إجراء الانتخابات وتمرير الموازنة المالية للبلاد بالدرجة الأولى، فضلاً عن التفاوض مع المتظاهرين من خلال الاستجابة لطلباتهم.
لكن الخلافات لا تزال قائمة بشأن اسم رئيس الوزراء البديل، بحسب عضو بارز في البرلمان العراقي تحدث لـ"العربي الجديد" من بغداد، عما سمّاه "رفض سيناريو تدفع له أطراف سياسية وفصائل مسلحة، توصف عادة بأنها مرتبطة بإيران، لإبقاء الوضع على ما هو عليه إلى حين إجراء الانتخابات، بعد تطويع عادل عبد المهدي وضعه القانوني ببدعة الغياب الطوعي، وذلك بسبب مكاسب كبيرة، مادية وسياسية وحتى أمنية، على مستوى المناطق التي تنتشر بها حصلت عليها في زمن حكومة عبد المهدي".
ووفقاً لعضو في البرلمان العراقي، وهو أيضاً أحد القادة المفاوضين في تحالف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، فإن المشاورات انتهت إلى قناعة بأن الحكومة يجب أن تكون حكومة السنة الواحدة، وبمهام محددة تُقرر مسبقاً، قبل التوجّه إلى انتخابات شاملة في البلاد، من الضروري أن تشرك بعثة الأمم المتحدة فيها. وأكد أن "الحديث الآن لا يزال في طور طرح قائمة أسماء، والتفاوض بشأنها، مع ملاحظة أن المزاج الإيراني في فرض اسم معين لم يعد كما كان أيام وجود قاسم سليماني، ويعود ذلك إلى ضعف البدلاء الإيرانيين عنه في هذا الأمر تحديداً".
ويجري صالح حوارات ومشاورات مع قوى سياسية عراقية، بهدف حسم تسمية مرشح جديد لرئاسة الحكومة قبل الـ17 من الشهر الحالي، وهو موعد انتهاء المهلة الدستورية الجديدة البالغة خمسة عشر يوماً، التي حُددت لصالح وفق الدستور العراقي. وقال النائب عن تحالف "الفتح" حنين قدو، في اتصال مع "العربي الجديد"، إن "المفاوضات السياسية لا تزال قائمة وبشكل مستمر وجدي، للتوافق على مرشح يتم تكليفه من قبل رئيس الجمهورية برهم صالح، قبل انتهاء المهلة الدستورية". وأوضح أن "الأسماء التي طُرحت خلال المفاوضات الجارية لاختيارها لرئاسة الحكومة العراقية الجديدة، هي أسعد العيداني، ومصطفى الكاظمي، وعلي شكري، وقصي السهيل، وحيدر العبادي، لكن لغاية الآن لا اتفاق أو توافق على شخصية من هذه بين القوى السياسية الشيعية". وأضاف: "نتوقع أن الأقرب لرئاسة الوزراء هو مدير جهاز المخابرات العراقي الحالي مصطفى الكاظمي، فهناك جهات سياسية تدعمه، وكانت تريده أن يكون حتى قبل محمد توفيق علاوي، وهي تعمل على ترشيحه أو تكليفه حالياً".
في المقابل، قال مقرب من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لـ"العربي الجديد"، إن "الصدر ليس لديه أي اعتراض أو تحفظ على ترشيح الكاظمي لرئاسة الحكومة، بل هو كان مؤيداً لذلك حتى قبل اختيار علاوي، لكن تحفظات بعض الأطراف السياسية الشيعية المقربة من إيران، حالت دون اختيار الكاظمي". وأوضح المقرب من الصدر أن "الكاظمي له مقبولية ودعم كبير من قبل القوى السياسية السنّية كافة، وعلاقاته طيبة وجيدة مع القوى الكردية، وهذا ما يمكّنه من الحصول على ثقة البرلمان، في حال تم تكليفه، وهذا التكليف أيضاً مدعوم من قبل رئيس الجمهورية". وأضاف أن "الجهات السياسية الشيعية، التي تمتلك فصائل مسلحة، لديها تخوف كبير من تسلّم الكاظمي رئاسة الوزراء، فهو يملك معلومات كاملة عن تحركات تلك الفصائل وما تمتلكه من قوة مالية وتسليحية، ما يجعلها هدفاً سهلاً للقضاء عليها مع استمرار الكاظمي في رئاسة الحكومة الجديدة".
في المقابل، طرح العبادي، أمس الأربعاء، مبادرة سياسية للخروج من الأزمة الحالية. وقال، في بيان صدر عن مكتبه، إن المبادرة تتضمن أن يكلّف رئيس الجمهورية شخصية مستقلة وقوية لرئاسة الحكومة خلال 15 يوماً، يقوم بدوره بتشكيل حكومة مصغرة لإدارة المرحلة الانتقالية لا يتجاوز عمرها سنة واحدة من تاريخ تسلمها المسؤولية، تكون مهامها إجراء انتخابات مبكرة نزيهة، بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة، وبتاريخ أقصاه 31 ديسمبر/كانون الأول العام الحالي، وأن تتولى عملية ضبط الأمن وحصر السلاح بيد الدولة، وتقديم الجناة بحق المتظاهرين وقوات الأمن إلى العدالة، وحياد القرار الوطني، وأن يكون شكل الحكومة بعيداً عن المحاصصة وتحافظ على تمثيل التنوع المجتمعي الوطني العراقي.