الأنبار تقترب من وضعية 2013: "داعش" غرباً والمليشيات شرقاً

09 يوليو 2017
تحذيرات من استمرار تجاوزات القوات العراقية بالأنبار(صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -
تشهد محافظة الأنبار (غرب العراق) انتشاراً واضحاً لتجمعات تنظيم "داعش" في صحرائها الغربية، وحصاراً خانقاً تمارسه عليها القوات العراقية ومليشيات "الحشد الشعبي" على حدودها الشرقية، ما دفع مسؤولين محليين لتشبيه ما يحدث اليوم بالأجواء التي سادت في المحافظة نهاية عام 2013، وما تلا ذلك من عمليات اجتياح قام بها "داعش" لعدد من مدن المحافظة المهمة، كالفلوجة وهيت والرمادي. وحذر عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار، راجع بركات، من محاولة بعض الجهات العودة بالمحافظة إلى الانفلات الأمني الذي ساد عام 2013. وأوضح في حديث لـ"العربي الجديد" أن الأنبار تخضع منذ عيد الفطر لحصار أمني من جهة بغداد، فضلاً عن وجود تنظيم "داعش" في المناطق الصحراوية، وعدم إعداد خطة لتحرير المناطق الغربية للمحافظة، كالقائم وراوة وعانة. وأشار إلى أن القوات العراقية تصر على إغلاق "منفذ الصقور" أمام مواطني الأنبار الذين يحاولون الوصول إلى بغداد من أجل العلاج وقضاء احتياجاتهم، على الرغم من الوعود المتكررة بفتحه. وأكد أن هذا المنفذ يفتح لساعات قليلة عند حضور النواب والمسؤولين، قبل أن يتم إغلاقه مرة أخرى. وأضاف أنه "إذا بقي الحال على ما هو عليه، ليس لدينا حل غير إعلان (تشكيل) إقليم الأنبار وفتح الحدود مع دول الجوار". وتابع "لا نريد ذلك ولكن ليس لدينا غير هذا الخيار"، موضحاً أن دعوته لإعلان إقليم الأنبار لاقت استحسان كثيرين.

بدوره، حذر عضو مجلس شيوخ الفلوجة في شرق الأنبار، محمد الجميلي، من تبعات إصرار القوات العراقية ومليشيات "الحشد الشعبي" على إغلاق "منفذ الصقور" بوجه المسافرين من الأنبار إلى بغداد. وقال خلال حديثه لـ"العربي الجديد" إن مثل هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تكرار حادثة قتل أحد مواطني المحافظة على يد عنصر بالجيش العراقي. وأضاف أن "الإجراءات التعسفية للقوات العراقية ومليشيات الحشد الشعبي تجاه مواطني الأنبار قد تدفع شيوخ المحافظة وسياسييها ومواطنيها للتفكير بخيار تشكيل الإقليم". وبيّن أن الأنبار تمتلك حدوداً واسعةً مع سورية والأردن، ويمكنها أن تحصل على موارد اقتصادية كبيرة في حال إعلان الإقليم بالفعل.

التوتر في محافظة الأنبار لا يقتصر على حدودها الشرقية التي تربطها مع العاصمة العراقية، بل إن الخطر الأكبر يداهمها من صحرائها الغربية التي لا تزال أجزاء كبيرة منها تحت سيطرة تنظيم "داعش". وقد حذر رئيس بلدة الرطبة في غرب الأنبار، عماد الدليمي، من الخطر الكبير الذي يمثله "داعش" المتمركز في الصحراء الغربية للمحافظة. وعبّر خلال حديثه لـ"العربي الجديد" عن خشيته من تكرار سيناريو عامي 2013-2014 الذي شهد سقوط عدد من مدن الأنبار بيد التنظيم.


وأشار الدليمي إلى قيام "داعش" بشنّ هجمات متكررة تستهدف القوات العراقية القريبة من المناطق الصحراوية، آخرها العملية التي استهدفت الجيش العراقي يوم الجمعة الماضي، وأسفرت عن سقوط 16 قتيلاً وجريحاً. وأوضح أن تهديد "داعش" للمناطق الآمنة لا يزال قائماً، مؤكداً الحاجة لإسناد مستمر من قبل الطيران المروحي، من أجل ردع مسلحي التنظيم.

ويأتي ذلك في وقت تؤكد فيه مصادر عسكرية عراقية قيام "داعش "بتجميع مقاتليه في منطقة "وادي حوران" بصحراء المحافظة. وقال ضابط في قيادة "عمليات الجزيرة والبادية"، المسؤولة عن أمن غرب الأنبار، أن تنظيم "داعش" يعمل على استجماع قواه في الصحراء الغربية للمحافظة، وتحديداً في منطقة وادي حوران الواقعة خارج سيطرة القوات العراقية. وأشار خلال حديثه لـ"العربي الجديد" إلى صعوبة القضاء على عناصر التنظيم المنتشرين في الصحراء بسبب المساحات الواسعة التي يختبئون فيها نهاراً، ليقوموا بتنفيذ هجماتهم خلال الليل، وفق تعبيره. ولفت إلى أن أمن الأنبار لن يتحقق بتحرير المدن فقط من سيطرة "داعش"، بل من خلال تنظيف صحراء المحافظة من الخلايا التابعة للتنظيم، موضحاً أن القطعات التابعة للجيش وتجمعات العشائر المساندة لها غير قادرة على القيام بهذه المهمة وحدها.

في هذا السياق، أكد آمر "فوج الشهيد جلال" التابع لطوارئ الأنبار، العقيد عاشور جلو، قيام تنظيم "داعش" بشن هجوم مباغت على قطعات الجيش العراقي في منطقة نويهم، غرب الرمادي. وأكد لـ"العربي الجديد" تمكن القوات العراقية من التصدي للهجوم الذي أسفر عن سقوط عدد من الجرحى من عناصر الجيش، وعدد غير معلوم من القتلى والجرحى في صفوف "داعش". وأضاف أن "قوة من الجيش العراقي والعشائر قامت يوم الثلاثاء بجولة تفتيش عن عناصر داعش في منطقة الصكار غرب الأنبار"، مبيّناً أن الحملة لم تسفر عن اعتقال عناصر بالتنظيم. وحذر من وجود مسلحي "داعش" في وادي حوران، مشيراً إلى وجود خطر على المدن المحررة التي قد تتعرض لهجمات التنظيم الذي ينتشر في المناطق التي تشهد فراغاً أمنياً. وأكد عدم قدرة القوات العشائرية على اقتحام وادي حوران والمناطق الصحراوية الأخرى، موضحاً أن السيطرة على هذه المناطق تتطلب حملة عسكرية واسعة بغطاء جوي أميركي.

يشار إلى أن التوتر الأمني الذي شهدته محافظة الأنبار نهاية عام 2013 تسبب لاحقاً بسقوط مدن كالفلوجة والرمادي وهيت ومناطق أخرى بيد "داعش". وعلى الرغم من إعلان القوات العراقية العام الماضي عن تحرير مدن الفلوجة والرمادي وهيت بمحافظة الأنبار من سيطرة التنظيم، إلا أنه لا يزال يسيطر على ثلاث بلدات غربي المحافظة هي القائم وراوة وعانة، فضلاً عن وجوده في مساحات صحراوية واسعة تصل إلى الحدود مع الأردن وسورية.
المساهمون