حشود إدلب وفرص الصدام

07 يونيو 2020
تواصل تركيا استقدام الأرتال إلى المنطقة (كرم المصري/Getty)
+ الخط -
على الرغم من صمود الهدنة التي أعقبت العملية العسكرية التي قادت روسيا خلالها النظام السوري للاستيلاء على أجزاء واسعة من ريف إدلب الجنوبي، لكن قوات النظام تواصل الحشد على محاور القتال شرقي جبل الزاوية وفي مدينة سراقب، بالتوازي مع استقدام تركيا مزيداً من الأرتال العسكرية إلى المنطقة ونشرها عدداً من منظومات الدفاع الجوي فيها، الأمر الذي أثار مخاوف أهالي المنطقة من استكمال النظام لعمليته العسكرية في المنطقة، في ظل عدم تمكّن فصائل المعارضة من الصمود أمام كثافة نيران الطائرات الروسية.

ولكن بالعودة إلى السيناريو الذي انتهت به عملية النظام في إدلب، يُلاحظ أن تلك العملية تخطت خلالها روسيا حدود اتفاق سوتشي الذي وقّعته مع تركيا، وسيطرت على مدينتين مهمتين في محافظة إدلب، هما معرة النعمان وسراقب. كذلك ترافقت مع استفزازات من قبل موسكو والنظام لأنقرة واستهداف الجيش التركي مباشرةً، الأمر الذي دفع تركيا إلى الرد بقوة من خلال الطائرات المسيّرة التي أثبتت قدرة عالية على تحقيق الأهداف. واتجهت أنقرة للقيام بعملية "درع الربيع" وتوجيه إنذار إلى النظام بالانسحاب إلى حدود اتفاق سوتشي، وإلا فسيكون إرجاعه بالقوة، قبل أن تأتي الهدنة التي اتفق عليها الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين. هذه المعطيات تعني أنه في حال فشل الهدنة، ستعود أنقرة للمطالبة بانسحاب النظام إلى حدود سوتشي وستدخل على خط دعم فصائل المعارضة بشكل أكثر فعالية، ولا سيما أنها تمتلك حالياً أوراق قوة أكثر مما كانت تمتلكه حين وقّعت اتفاق الهدنة مع الروس.

وما يرجّح احتمال قيادة تركيا هجوماً معاكساً في حال فشل الهدنة، التعزيزات العسكرية التركية على طول خطوط الجبهة، وتعزيزها بمنظومات دفاع جوي، إحداها منظومة "هوك" الأميركية، التي يشكل نصبها في إدلب رسالة لروسيا تؤكد الدعم الأميركي لأي عملية تركية في إدلب. كذلك إن تصريحات المسؤولين الأتراك كلها تؤكد أن عملية "درع الربيع" المتوقفة حالياً لم تنتهِ بعد، وهي قابلة للاستئناف.

يضاف إلى ما سبق المعلومات التي تؤكد إيعاز تركيا إلى فصائل المعارضة في إدلب بالرد على أي تقدّم للنظام، والتأكيدات بأن أي تحرك من قبل النظام سيتبعه دخول للجيش التركي في المعركة مباشرةً، ولا سيما أن أنقرة تقع تحت ضغط وعبء النازحين الذين هجروا خلال الحملة الأخيرة للنظام والذين وعدت أنقرة باعادتهم إلى بلداتهم. كل هذه المعطيات ترجّح أن تكون تعزيزات النظام هي دفاعية للحفاظ على مدينتي سراقب ومعرة النعمان أكثر من كونها هجومية، خصوصاً أن النظام خبِر قدرة المسيّرات التركية التي قتلت المئات من عناصره، ودمرت عدداً من منظوماته الدفاعية والهجومية.
المساهمون