تحالفات في البرلمان الأردني تتجاوز "العمل الإسلامي"

18 نوفمبر 2024
من الانتخابات التشريعية في عمّان، 10 سبتمبر 2024 (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- افتتحت الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة الأردني العشرين بخطاب العرش الذي ألقاه الملك عبدالله الثاني، مع التركيز على السياسات الوطنية والقضايا الإقليمية، وتم تخصيص 41 مقعداً للتنافس الحزبي لأول مرة.

- أسفرت الانتخابات عن حصول حزب جبهة العمل الإسلامي على 31 مقعداً، وتشكيل تحالفات لدعم ترشيح أحمد الصفدي لرئاسة مجلس النواب، مما يعكس الديناميكيات السياسية الجديدة.

- يواجه البرلمان تحديات البطالة والفقر والاستقرار التشريعي، مع الحاجة إلى استراتيجية لمواجهة المخاطر الإقليمية، خاصة محاولات تهجير الفلسطينيين.

تبدأ اليوم الاثنين، أعمال الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة الأردني العشرين بشقيه (النواب والأعيان) بخطاب العرش الذي يلقيه العاهل الأردني عبدالله الثاني، ويستعرض خلاله السياسات الوطنية ومرتكزات القضايا المهمة في المنطقة، ثم ستجري انتخابات رئاسة المجلس، والمكتب الدائم، في ظل توقعات بأن يشهد البرلمان الأردني خطاباً سياسياً مرتفعاً بعد تخصيص 41 مقعداً للتنافس الحزبي للمرة الأولى، من بين 138 مقعداً، خصوصاً أن المنطقة تشهد توتراً غير مسبوق فيما تعاني البلاد صعوبات اقتصادية جمّة.

وأسفرت انتخابات مجلس النواب التي جرت في 10 سبتمبر/أيلول الماضي بحسب الهيئة المستقلة للانتخاب، عن حصول حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية لحركة الإخوان المسلمين) والمصنف بالمعارض، على 31 مقعداً في مجلس النواب، بينها 17 في الدائرة العامة و14 في الدائرة المحلية، فيما حصل حزب الميثاق الوطني على 21 مقعداً بواقع أربعة في الدائرة العامة و17 في الدوائر المحلية، وحزب إرادة على 19 مقعداً، بينها ثلاثة في الدائرة العامة و16 في الدوائر المحلية، وحزب تقدم على ثمانية مقاعد، بينها ثلاثة في الدائرة العامة وخمسة في الدوائر المحلية.

نبيل غيشان: تمّ فعلياً إقصاء جبهة العمل الإسلامي عن قيادة توجهات المجلس

وحصد الحزب الوطني الإسلامي سبعة مقاعد، بينها ثلاثة في الدائرة العامة وأربعة في الدوائر المحلية، وتيار الاتحاد الوطني خمسة مقاعد، بينها ثلاثة في الدائرة العامة ومقعدان في الدوائر المحلية، وفاز حزب الأرض المباركة بمقعدين اثنين في الدائرة العامة ولم يحصد أي مقعد في الدوائر المحلية، وحاز حزب العمال مقعدين اثنين فقط كذلك في الدائرة العامة، وحصل حزب نماء على مقعد واحد في الدائرة العامة.

تحالف الأحزاب الوسطية

وتوافقت خلال الأيام الماضية ست كتل نيابية (الميثاق، تقدّم، إرادة، الوطن الإسلامي، اتحاد الأحزاب الوسطية، وعزم) على تسمية النائب أحمد الصفدي مرشحاً لرئاسة مجلس النواب والنائب مصطفى الخصاونة نائباً أول للرئيس والنائب أحمد الهميسات نائباً ثانياً، والنائبين هدى نفاع ومحمد المراعية مساعدين للرئيس، وذلك في مواجهة كتلة جبهة العمل الإسلامي التي أعلنت عن ترشيح رئيس الكتلة النائب صالح العرموطي لموقع الرئاسة، ولذا فإن التوقعات تشير إلى انحسار المنافسة على موقع رئاسة البرلمان الأردني بين الصفدي والعرموطي، علماً أن الترشح الرسمي يتم خلال انعقاد الجلسة.

وبعد ظهور نتائج الانتخابات، أعلن العاهل الأردني عن حكومة جديدة برئاسة الدكتور جعفر حسان، وسيكون لزاماً عليها التوجه إلى مجلس النواب، لطلب الثقة. وتقول المادة 53/5 من الدستور إنه "إذا كان مجلس النواب منحلاً، فعلى الوزارة أن تتقدم ببيانها الوزاري، وأن تطلب الثقة على ذلك البيان خلال شهر من تاريخ اجتماع المجلس الجديد".

واعتبر النائب السابق نبيل غيشان، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تحالف الأحزاب الوسطية أصبح قائماً وواضحاً الآن، وكتلة حزب جبهة العمل الإسلامي التي تضم 31 نائباً، الأكبر حزبياً، أصبحت أقلية مقارنة مع تحالف الأحزاب الوسطية الذي يضم عدداً من الأعضاء يفوق عددهم بثلاثة أضعاف. وأشار غيشان إلى أن المؤشرات الحالية تدل على أن المجلس المقبل سيكون شبيهاً بالمجالس السابقة، لكن حزب الجبهة سيكون له حضور وقوة داخل المجلس، و"لا أحد يستطيع إنكار وجوده أو التقليل من تأثيره، لكن في النهاية يدرك الحزب أن موازين القوى ليست لصالحه داخل المجلس، وهذا يعني عملياً أن الحزب أُقصي عن قيادة توجهات المجلس".

وفي ما يتعلق بالأوضاع الإقليمية، رأى غيشان أن عنوان المرحلة المقبلة يجب أن يكون "استعادة ثقة الأردنيين بمؤسسات الدولة الدستورية، وعلى رأسها البرلمان الأردني". وبرأيه، فإن "هذا ما يجب أن يعمل عليه النظام السياسي الأردني عموماً، وعندما يستعيد البرلمان قوته وثقة الشعب، سيكون ذلك مؤشراً على قوة الدولة ومؤسساتها". وأضاف غيشان أن وجود الحركة الإسلامية في البرلمان الأردني "قد يكون عاملاً مساعداً كبيراً للدولة في مواجهة الأخطار القادمة من الخارج، خصوصاً الضغوط المحتملة من الإدارة الأميركية الجديدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي في ما يتعلق بمسألة حلّ الدولتين والتهجير وفرض حلول على حساب الأردن، فوجود برلمان قوي سيكون رديفاً قوياً للنظام السياسي لمواجهة الضغوط الخارجية المتوقعة".

أولويات البرلمان الأردني

من جهته، قال الكاتب الصحافي زياد الرباعي، لـ"العربي الجديد"، إن التحالفات التي جرت حول انتخاب رئاسة مجلس النواب هي جزء من العمل الديمقراطي، وإن هذه التحالفات تأتي في إطار تعبير الأحزاب عن قوتها السياسية. وأعرب الرباعي عن أمله في أن يرسخ المجلس الحالي تقاليد ديمقراطية جديدة، خصوصاً مع انتخاب 41 نائباً بناءً على انتمائهم الحزبي، إذ يفترض أنهم سيعملون على إثبات وجودهم في البرلمان، أملاً في الحصول على المزيد من المقاعد في الانتخابات المقبلة. وأضاف: "المطلوب من مجلس النواب هو رقابة حقيقية ودقيقة على أداء الحكومة، خصوصاً في ما يتعلق بالتعيينات في الوظائف العليا، والمشاكل التي تواجه المواطنين مثل ارتفاع البطالة والفقر وهروب الاستثمارات، بالإضافة إلى الإشكاليات الناتجة عن غياب الاستقرار التشريعي".

زياد الرباعي: هناك حاجة ماسّة لبناء استراتيجية محكمة لمواجهة المخاطر التي تهدد الأردن، خصوصاً في ما يتعلق بمحاولات تهجير الفلسطينيين

وفي ما يتعلق بالوضع السياسي بالمنطقة، أكد الرباعي أن المنطقة في وضع خطر جداً، وأن المخاطر زادت مع عودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة، موضحاً أن هناك حاجة ماسّة لبناء استراتيجية محكمة لمواجهة المخاطر التي تهدد الأردن، خصوصاً في ما يتعلق بمحاولات تهجير الشعب الفلسطيني ومحاولة خلق وطن بديل.

بدوره، اعتبر مدير مركز "راصد" المعني بالرقابة على الانتخابات وأداء البرلمان الأردني والحكومة، عامر بني عامر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه بالنظر إلى التوازنات السياسية والتحالفات داخل المجلس، قد تكون نتيجة انتخابات الرئاسة أقرب إلى الحسم لصالح الرئيس السابق أحمد الصفدي، فالتحالفات السابقة ودور الكتل السياسية الفاعلة يدعم هذا التوقع، لا سيما أنه جرى الإعلان أن عدداً كبيراً من النواب شكلوا تحالفاً للمكتب الدائم. وحول هذه التحالفات، أوضح بني عامر، أنه لا يرى أن هناك عملية عزل ممنهجة للحركة الإسلامية، بل هو نتيجة طبيعية للديناميكيات السياسية الحالية والتحالفات داخل المجلس، ولكن المهم اليوم برأيه "هو أن نرى تطوراً في الأداء التشريعي والرقابي لمجلس النواب لما في ذلك من أهمية حقيقية مرتبطة بمسيرة التحديث السياسي والفلسفة التي قام عليها قانون الانتخاب".

عامر بني عامر: المواطن ينتظر ما سيقدمه المجلس بقضايا البطالة والفقر والخدمات الاجتماعية

وتابع: "اليوم مطلوب من الجميع أن يكونوا ضمن بوتقة واحدة، وأن يبادروا بالاشتباك المباشر بما يقتضي تغليب أولويات الدولة الأردنية على مختلف الأولويات الفرعية، خصوصاً أننا ضمن مراحل مرتبطة بعدد من خطط التحديث الاقتصادي والقطاع العام، وهذا يتطلب تكاتفاً للجهود وبذل مزيد من الأداء الكمّي والنوعي على حدٍ سواء من قبل الأحزاب التي وصلت إلى البرلمان".

ولفت مدير مركز "راصد" إلى أن "المواطن الأردني ينتظر من برلمانه الجديد ما سيقدمه بالعديد من القضايا ومن أهمها البطالة والفقر والخدمات الاجتماعية والصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية، لذا فإن نظرة المواطن اليوم ستكون مرتبطة بأثر المجلس العشرين على قرارات الحكومة ومدى عكس أولويات المواطنين لتكون قرارات وإجراءات على مستوى الدولة الأردنية". أما عن أبرز القضايا المتوقعة على طاولة المجلس في المرحلة المقبلة، فأشار بني عامر إلى أنه ستكون على أجندة المجلس مناقشة البيان الوزاري وجلسة الثقة بالحكومة، وقانون الموازنة العامة للعام 2025، ومن المهم جداً رؤية أداء فاعل لمتابعة تنفيذ برامج التحديث الاقتصادي، والمساهمة بمعالجة التحديات الاقتصادية وقضايا البطالة، ومناقشة التشريعات من خلال حوارات وطنية يشعر المواطن عبرها أنه شريك في عملية صنع القرار. ورأى أن الحل الأنجع في الفترة المقبلة، هو الحوار البنّاء بين جميع مكونات المجلس، والتركيز على القضايا التي تهم المواطن الأردني، إذ إن جسور الثقة بين مختلف الأطراف السياسية تعد ضرورية لضمان استقرار المجلس وفعاليته في معالجة القضايا الملحة.


 

المساهمون