وأفادت مصادر عدة في المعارضة السورية، بأن "السعودية طلبت أخيراً بشكل عاجل عقد مؤتمر للمستقلين في هيئة التفاوض"، التي تتكون حالياً من 36 عضواً، هم ثمانية من الائتلاف السوري المعارض، و4 من منصة القاهرة، ومثلهم من منصة موسكو، وسبعة من الفصائل العسكرية، وخمسة من هيئة التنسيق الوطني، إضافة إلى ثمانية مستقلين.
وبحسب المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن السعودية تسعى إلى "تشكيل مرجعية للمستقلين، لتكون هي صاحبة الكلمة عليهم، من دون أن يتم احتسابهم على أحد المكونات"، مضيفة أنه "من المنتظر أن يتم إعلان موعد إعلان المؤتمر خلال الأسبوع الحالي".
وأوضحت المصادر أن المشروع السعودي قديم، ويعود إلى أكثر من عام، وكانت الفكرة أن يتم عقد مؤتمر للمستقلين، لتكوين مرجعية لهم مثل بقية المكونات لهيئة التفاوض، كالائتلاف وهيئة التنسيق، وحالياً يتم العمل على الموضوع من خلال جمع أسماء مستقلين لانتخاب ثمانية منهم، ليكونوا ضمن هذا المكون بشكل مستقل.
واعتبرت المصادر أن توقيت المؤتمر مريب، خصوصاً أنه يأتي في وقت توقفت فيه اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف، بسبب مواقف النظام الرافضة للخوض في الدستور، في مقابل موقف المعارضة بعدم التنازل وعدم الاستسلام، والانفتاح على مناقشة المضامين الدستورية.
ورأت المصادر، وفق ذلك، أن أي تغيير حالياً في تركيبة الهيئة، سيؤدي إلى زعزعة استقرارها، إذ سعت هيئة التفاوض إلى تأجيل انتخاب الأعضاء الجدد لما بعد انطلاق أعمال اللجنة الدستورية، في ظلّ رفض سعودي لهذا التأجيل. كما أن ضمّ مستقلين وتحديد مرجعية لهم، بحسب رأيها، سيكون لهما دور هام في الانتخابات التي ستجري في الهيئة بعد شهرين، ما يطرح أسماء جديدة ضمنها لقيادتها، ويفتح المجال بالتالي أمام الرياض لزجّ أسماء مقربة منها. وقد يكون الاستعجال السعودي هو الوصول إلى الانتخابات، وربما عقد مؤتمر الرياض 3، لتخرج المعارضة بتوازنات جديدة تجعلها مقربة من السعودية أكثر من قربها لتركيا، ما يضعف يد أنقرة دولياً في محور جنيف، والانحسار بمحور أستانة.
والنقطة الثانية الهامة بحسب المصادر ذاتها، تتمثل في أن هذا التطور، وإن كان مخططه قديماً، يأتي في وقت تعزز فيه السعودية دورها شرق الفرات بالتعاون مع الولايات المتحدة. واعتبرت المصادر أنه مع تشكل المرجعية السعودية الجديدة للمستقلين، وسحب ملفهم من بقية أطراف المعارضة، فإن الأبواب ستكون مشرعة أمام الرياض لزجّ أسماء من "قسد" أو وحدات الحماية الكردية، وهي مطالب أميركية بالأساس، وكذلك تأتي تتويجاً للدور السعودي في منطقة شرق الفرات، والأهم هو مناكفة تركيا التي سترفض من جهتها بشدة هذه الخطوة، ما يجعل مستقبل هيئة التفاوض مجهولاً لجهة التقاربات والسياسات المستقبلية. هذا الوضع، قد يسفر، بحسب المصادر، كذلك، عن دفع الهيئة إلى تقديم تنازلات أكبر للنظام في أي مفاوضات مقبلة، أو يضعف ويشرذم المعارضة التي تعاني أساساً من تخلٍ دولي عنها.
يذكر أن تشكيلات المعارضة السورية مرّت منذ بدء الحراك الشعبي في العام 2011 بمراحل عديدة، وأجسام سياسية مختلفة، بدأت بالمجلس الوطني، مروراً بالائتلاف السوري ومنصات أخرى، وانتهت بتشكيل مظلة جامعة تتمثل بهيئة التفاوض السورية التي تولت منذ تأسيسها قبل أربعة أعوام، العملية السياسية وفق مرجعية جنيف، وهي تضم كتلاً ومكونات عدة، وتقود العملية السياسية من بوابة اللجنة الدستورية التي تشرف عليها من جانب المعارضة.