دليلك لمعرفة أزمات النظام السوري

08 فبراير 2016
التهجير مستمر وإفلاس النظام كذلك (كريك كوكالار/ الأناضول)
+ الخط -
لا يمر يوم واحد تقريباً من دون ظهور مؤشرات جديدة تكشف الصعوبات المالية التي تعانيها الحكومة السورية. ففي شهر كانون الثاني/يناير، وبعد مرور أسابيع فقط على المصادقة على موازنة 2016، طلبت الحكومة من محاسبي الإدارات في الجهات العامة ذات الطابع الإداري والمديرين الماليين في الجهات العامة ذات الطابع الاقتصادي خفض الصرف بنسبة 30% من الاعتمادات المخصصة في بعض البنود في موازنة الوزارات والجهات العامة لعام 2016، وذلك بحسب ما ورد في صحيفة الثورة. كما أن مراجعة الحكومة لموازنة عام 2016، التي لم يمر على إنفاذها سوى بضعة أسابيع فقط، يمكن أن يعني أن وضع الحكومة المالي قد تدهور بسرعة أكبر بكثير مما كان متوقعاً، أو أن الإيرادات الفعلية على أرض الواقع أقل من المتوقعة بكثير.
وإذا أخذنا بالاعتبار توقف النفقات الاستثمارية بشكل شبه كامل تقريباً خلال السنوات الأخيرة، فإن ذلك يعني أن الحكومة تنوي إنفاق غالبية الأموال المتاحة على بندين اثنين فقط هما: أجور موظفيها المدنيين ودعم المواد الغذائية ومنتجات الطاقة. حيث لا تتضمن الموازنة النفقات العسكرية.
وفي حين تواصل الحكومة، نظرياً، دعم العديد من المنتجات والخدمات، فأنها خفضت غالبيته في الواقع، إذ إن الكلفة النقدية لهذا الدعم أقل بالكثير من كلفته النظرية.
على سبيل المثال، تعتبر الكهرباء أحد البنود الأكثر تكلفة من ناحية الدعم الذي تقدمه الحكومة التي تقيس تكلفة إنتاج الكهرباء على أساس الأسعار العالمية للغاز المستعمل لإنتاج الكهرباء. لكن في الواقع لا تدفع الحكومة مبالغ نقدية لقاء الحصول على الغاز لأنها تملك حقول إنتاجه. أي بمعنى آخر، رغم ادعاءات الحكومة، يمكن اعتبار الكهرباء غير مدعومة نقدياً. وبكلمات أخرى، يمكن، وبدرجة كبيرة اعتبار الرواتب والأجور التي تدفعها الحكومة لموظفي القطاع العام البند الرئيسي من النفقات الحكومية والذي يمثل نسبة 25% من موازنة عام 2016.
ومما ذكرناه آنفا بإمكان المرء التوصل إلى ثلاثة استنتاجات مهمة: أولاً، أن النفقات الحكومية الفعلية هي عملياً أقل بكثير مما أعلن في الموازنة، وهذا يفسر كيف تستطيع الحكومة الاستمرار بتغطية هذه النفقات. ثانياً، أن خفض النفقات يتم على حساب قدرة المواطنين الشرائية وعلى حساب مستوى معيشتهم. أما الاستنتاج الثالث، فهو أنه على الرغم من تدني النفقات الحكومية، فإن الحكومة لا تزال بحاجة إلى فرض المزيد من التخفيض في نفقاتها مما يشير إلى المستوى المتدني الذي بلغته إيراداتها.
(باحث وخبير اقتصادي سوري)

اقرأ أيضاً: محاولة تفكيك ألغاز النفط السوري
المساهمون