عاملات تصفيف الشعر في العراق: عنف وفقر وتهميش قانوني

26 يوليو 2016
خلال فاعليات مهرجان في بغداد (باتريك باز/ فرانس برس)
+ الخط -
لم تحصل منى هاشم على أجرها الكافي في صالون الحلاقة الذي تعمل فيه بالعاصمة بغداد نظراً للجهد الكبير الذي تبذله ويصل إلى 12 ساعة في اليوم. وتتحدث هاشم (30 عاماً) عن أنها تحمل شهادة البكالوريوس في كلية الآداب من جامعة بغداد، ولجأت إلى العمل في صالونات الحلاقة بعد فشلها في إيجاد وظيفة حكومية أو خاصة تتناسب مع طبيعة شهادتها.

وتقول إن "العمل في الصالونات مزعج جداً ولا يتناسب مع الجهد الذي أبذله، حيث أعمل 12 ساعة في اليوم وعلى مدار الشهر دون وجود عطلة يوم واحد وبراتب شهري يبلغ 750 ألف دينار (583 دولاراً)"، مشيرة إلى أن "معظم أصحاب العمل لا يحترمون حقوق الإنسان ونتعرض إلى انتهاكات كبيرة من خلال التجاوزات اللفظية التي تصل إلى حد الضرب".
 

وتلفت في حديثها لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "خلال الأعوام التي شهدت فيها البلاد حرباً طائفية وانتشار الأطراف المتشددة والمسلحة، بدأ استهداف العاملات في صالونات التجميل بسبب تحريم عملهن من قبل رجال الدين المتشددين. وبالتالي فضل معظم النساء العمل من منازلهن خصوصاً بعد مقتل العديد من العاملات".

وتشير منى إلى أن "نقابة العمال لا تستطيع الدفاع عنا، وحصلت العديد من المشاكل مع أصحاب العمل وبالتالي يكون المصير الطرد من العمل دون الحصول على الحقوق المالية". وتؤكد أن "راتبي أنفقه بالشكل التالي 400 دولار تذهب لإيجار المنزل و78 دولاراً لإيجار مولد الكهرباء في المنطقة، والباقي القليل أنفقه على شراء الخضروات والفواكه وحاجات الأطفال".

من جهة أخرى، تشرح سعاد كريم، العاملة في صالون حلاقة شرق بغداد، طبيعة عملها اليومي لـ"العربي الجديد": "أمتهن تجميل الوجه عبر الماكياج، عملي يعتمد على أخذ نسبة 25% مما يدفعه كل زبون، لأن الصالون معتمد علي بشكل كبير جداً"، مشيرة إلى أنه "لا علاقة لي بإحضار مواد المكياج وإنما هذه الأمور تتحملها صاحبة العمل".
وتشير إلى أنه "لا يوجد قانون يحكم عمل الصالونات ولكن المتعارف عليه هو أخذ نسبة يجري الاتفاق عليها مع صاحبة العمل أو بالأجر اليومي أو راتب شهري".
وترى كريم أن "العمل في الحلاقة صعب جداً ويتطلب متابعة الموضة ومعرفة استخدام الأدوات بالشكل الصحيح، لأن بعض العاملات أتلفن شعر الزبائن وكذلك الوجوه بسبب سوء الاستخدام".

وتنوه إلى أن "المجتمع العراقي يكيل التهم جزافاً وبالتحديد على العاملات في صالونات الحلاقة، حيث يقوم البعض بتشويه صورتهن"،
مشيرة إلى أن "العاملات اللاتي تعرضن للظلم من قبل أصحاب العمل تركن العمل وقمن بفتح مشاريع صغيرة للحلاقة داخل منازلهن".

أما من جانب الرجال، يقول سليم الزيدي الذي يعمل حلاقاً شرقي بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "عمل الحلاقين معروف للكل، ولا يحصل أي غبن للعامل أو صاحب العمل لأنه يجري أتفاق بينهما يكون على أساس تأجير كرسي أو يحصل على نصف الإيراد اليومي". ويضيف أن "معاهد تعليم الحلاقة منتشرة في العراق والدورة التعليمية الواحدة بـ 250 الف دينار (195 دولاراً) وتستمر لمدة شهر ولكنها تعتمد على ذهنية المتلقي ورغبته في تعلّم مهنة الحلاقة"، مشيراً إلى أن "عمل الحلاقة عشوائي وغير منظم في البلاد وبإمكان أي شخص أن يفتح محلاً دون أخذ الموافقات من الجهات الرسمية".

ويلفت إلى أن "الفوضى الحالية أثرت على العمل النقابي، حيث كان عمل الحلاقين في السابق منظماً ولديهم عطلة في الأسبوع وهو يوم الاثنين والذي يخالف التعليمات يحاسب".

ويفتقد العراق إلى أرقام عن عدد العاملين والعاملات في صالونات الحلاقة، كما تغيب عن معظم العاملين ثقافة العمل النقابي نتيجة ضعف الترويج لها من قبل القائمين عليها وبالتالي، يفتقدون للتأمين والضمان الاجتماعي، لا بل إن غالبيتهم لا يعتبرون أن هذا حق يضمنه القانون ويجب أن يطالبوا به حين العمل في مراكز التجميل.


ويقول رئيس اتحاد نقابات العمال في العراق، علي رحيم الساعدي لـ"العربي الجديد"، إن "معظم العاملات في صالونات الحلاقة ينتمين إلى اتحاد نقابات العمال"، مشيراً إلى أن "الاتحاد يدافع عنهن في حال تعرضهن لأي انتهاك في حقوقهن المالية والمعنوية".
ويضيف أن "بعض العاملات يحاولن الحصول على الضمان الاجتماعي لكن الصالونات التي يعملن فيها غير مسجلة، وبالتالي يواجهن صعوبة في الحصول على الإجازة الصحية بسبب الروتين في الدولة العراقية".

ويبين أن "نقابة العمال حددت أجر العامل غير الماهر بـ250 ألف دينار (أي ما يعادل 194 دولاراً) في الشهر"، مشيراً إلى أن "العاملات في صالونات الحلاقة أغلبهن ماهرات وبالتالي يجري الاتفاق بينهن وبين أصحاب المحال وفق النسبة أو استئجار الكرسي".
المساهمون