مصر... 10 أسباب لفشل حوار الإخوان والأقباط

23 فبراير 2017
جهود الإخوان في تحسين علاقة الجماعة بالكنيسة فشلت(فرانس برس)
+ الخط -

عقب ثورة 25 يناير حاولت جماعة الإخوان المسلمين، مد جسور التواصل مع المكون المصري المسيحي من أجل معالجة مخاوف الأقباط تجاه صعودهم السياسي والشعبي، عبر العديد من الوسائل واللقاءات المباشرة وغير المباشرة، من بينها حضور الدكتور محمود عزت، نائب المرشد العام للجماعة، والدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة، قداس عيد الميلاد المجيد في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية في يناير/كانون الثاني من عام 2012.

في هذا السياق استضاف المرشد العام للإخوان المسلمين لقاء جمع قيادات الكنيسة الإنجيلية مع قيادات الإخوان المسلمين في فبراير/شباط من عام 2012 بمقر المركز العام للإخوان المسلمين، ويبدو الاهتمام الكبير من الجماعة بتوثيق عرى العلاقة مع المصريين الأقباط في زيارة المرشد العام للإخوان لمقر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مارس/آذار 2012 والتي قال عنها القمص صليب متى ساويرس- كاهن كنيسة مارجرجس بشبرا- أنها "تحمل رسائل إيجابية وتعبر عن ضرورة التواصل، وتؤكد أننا جميعا مصريون نعيش في وطن واحد ونسعى من أجل التكاتف والتفاهم حول القضايا المشتركة".

في الشهر ذاته قام وفد من جماعة الإخوان المسلمين في 21 مارس، بزيارة الكاتدرائية المرقسية بالعباسية لتقديم العزاء فى رحيل البابا شنودة الثالث، برئاسة الدكتور محمد بديع، المرشد العام للجماعة، وأحمد سيف الإسلام حسن البنا، نجل مؤسس الجماعة، ومحمد عبد القدوس، رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحافيين، ومحمود غزلان، المتحدث الإعلامي باسم الجماعة، ووليد شلبي المنسق الإعلامي، وأطلق الدكتور محمد بديع كذلك في مارس مبادرة وطنية تتضمن قيامه بإجراء لقاءات مباشرة مع الشباب المسيحي في مصر لتوضيح مواقف جماعة الإخوان المسلمين والرد على أي مخاوف يمكن أن يطرحها الشباب.


مساعد رئيس الجمهورية


ويعتبر خبراء أن تعيين الرئيس المصري محمد مرسي، نائب محافظ القاهرة السابق سمير مرقص، مساعداً له في يوليو/تموز، كان خطوة هامة على طريق انفتاح الجماعة على المصريين المسيحيين، إذ يعد مرقص أول مسيحي يُعين مساعداً لرئيس الجمهورية في مصر، ويلفت الخبراء إلى أن عمليات الانفتاح هذه تجسدت في إعلان الجماعة تشكيل لجان لحماية الكنائس والأقباط خلال الاحتفالات بعيد الميلاد في عام 2012، بعد عام من تفجير كنيسة القديسين الذي وقع في 1 يناير/كانون الثاني 2011.

وذكرت الجماعة في بيان صحافي أصدرته وقتها أنها "قررت تشكيل هذه اللجان بهدف حماية الكنائس خلال أعياد الميلاد حتي لا تمتد الأيدي الآثمة، وتفسد تلك الاحتفالات كما حدث في عهد النظام السابق".


لماذا فشلت جهود الإخوان؟


لم تفلح جهود الإخوان المسلمين في تبديد مخاوف المكون المصري المسيحي ودفع الكنيسة المصرية، إلى التخلى عن مخاوفها التاريخية والمعاصرة من الإخوان المسلمين، لأسباب عديدة يمكن حصرها في التالي:

أولاً: ضيق الوقت إذ إن مجمل الحوارات بين جماعة الإخوان والمكون المسيحي لم يمض عليها سوى عام واحد فقط؛ فقد بدأت معظمها فى بدايات عام 2012 ثم توقفت مع وقوع الانقلاب العسكري فى منتصف عام 2013.

ثانياً: اقتصار الحوار بين الطرفين على المستوى السياسي فقط دون غيره من مناحى الحياة؛ إذ لم يتم تفعيل الجانب الثقافي والإجتماعي؛ وعلى سبيل المثال لم نسجل تواصلاً بين شباب من الإخوان مع نظرائهم من الأقباط، ولم تعقد أنشطة بين المكون النسائي في الطرفين.

ثالثاً: رفض القوى المدنية تواصل الإخوان مع الكنيسة والمكون المصري المسيحي والتشكيك في أهدافه وشن حملات إعلامية ضده في وسائل الإعلام بدعوى أن هذه اللقاءات ستقوي موقف الإسلاميين فى الصراع الانتخابي المُرتقب.

رابعاً: انشغال قيادات الكنيسة بترتيب البيت الداخلي وإعادة هيكلية القيادات الكنيسة عقب وفاة البابا شنودة، والانشغال بإجراءات باختيار خليفه له ليكون على رأس الكنيسة المصرية.

خامساً: عدم تمتع البابا تواضروس الذي تولى رئاسة الكنيسة المرقسية خلفاً للبابا شنودة بالحنكة والخبرة السياسية الكافية لإدارة حوار ناجح مع الإخوان المسلمين.

سادساً:  تغيير الموقف السياسي لجماعة الإخوان المسلمين من عدم الترشح للرئاسة وعدم الحصول على الأغلبية البرلمانية في مجلس الشعب والشورى إلى الدفع بمرشح رئاسي وحصولهم على رئاسة مجلسي الشعب والشورى بعد ذلك، ما ساهم في إظهار الحوارات ومحاولات التواصل مع المكون المسيحي بالمظهر الانتهازي الراغب في حصد الأصوات الانتخابية فقط، دون الحرص على بناء تواصل إنساني ثقافي واجتماعي متجاوز للسياسة.

سابعاً: وقوع العديد من الأحداث الطائفية في فترة حكم الرئيس مرسي مثل الهجوم على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، واصدار بيان من الكنيسة يحمل السلطة القائمة (الإخوان) المسؤولية السياسية عن الأحداث.

ثامناً:  تحالف الإخوان المسلمين غير المعلن مع التيار السلفي وحزب النور ذي الخطاب الديني المعادي للمكون المسيحي ساهم في تأكيد مخاوف المكون المسيحي من الإخوان المسلمين بشدة.

تاسعاً: استقالة مساعد رئيس الجمهورية الدكتور سمير مرقص من منصبه عقب إصدار الرئيس الإعلان الدستوري الذي عمق من أجواء القطيعة بين الإخوان والمكون المسيحي.

عاشراً: عدم اهتمام الإخوان بإشراك النخب العلمانية المسيحية في الحوار واللقاءات، واقتصار الحوار والتواصل فقط مع رجال الكنيسة، أضر بالحوار وجعله أشبه بحوار أديان ومذاهب، وليس حوار شركاء في بناء مصر على أسس المواطنة.


يمكن القول إن هذه الأسباب، حرمت المجتمع المصري من فرصة تاريخية نادرة كان يمكن من خلالها بناء جسور شراكة وتواصل بين أكبر جماعة إسلامية مصرية معاصرة، وأكبر مكون مسيحي في الوطن العربي.