لا يزال الطيار الإيراني الكابتن هوشنغ شهبازي، يتذكر جيدا رحلته من موسكو إلى طهران في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2011، إذ حاول حينها الهبوط في مدرج مطار الإمام الخميني الدولي، حيث كانت وجهته، لكن الإطارات الأمامية للطائرة البوينغ 727 لم تفتح حينها بسبب عطل فني، فاضطر للتحليق مجددا، حتى استطاع الهبوط بالطائرة اضطرارياً من دون استخدام العجلات في مطار مهر أباد غربي العاصمة، منقذا حياة 97 مسافرا، و19 شخصا من طاقمه.
شهبازي الذي يعد أحد أشهر طياري إيران أير (شركة الطيران الوطنية في إيران)، حلق 16 ألف ساعة، واجه خلالها وضعا خطيرا في عدة رحلات، وتعرض لحوادث كثيرة كان سببها العطل الفني كما يقول لـ"العربي الجديد"، مؤكدا أن المشكلات التي يعانيها الأسطول الجوي المدني في إيران تقنية بالأساس، بسبب قلة عدد الطائرات مقارنة بالاحتياجات وقِدمها.
ويبلغ حجم الأسطول الإيراني 300 طائرة مدنية، من شركات إيرباص الأوروبية، وبوينغ الأميركية، إي تي آر الفرنسية ــ الإيطالية، وفوكر الهولندية (شركة صناعة طائرات توقفت عام 1996)، و70٪ من هذه الطائرات تمتلكها شركات خاصة والبقية تابعة لأكثر من شركة حكومية، وفق ما أوضحه المتحدث باسم منظمة الطيران المدني الايراني رضا جعفر زاده لـ"العربي الجديد"، غير أن قطع غيار هذه الطائرات نادرة بسبب العقوبات المفروضة على إيران، ما يضطر المهندسين إلى استخدام قطع غير أصلية بحسب الكابتن شهبازي، والذي لفت إلى أن اللوازم الضرورية للصيانة غير متوفرة، وما تمتلكه شركات الطيران مر على عمره أكثر من ثلاثة عقود.
وفرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على الطيران المدني الإيراني عقب احتجاز دبلوماسيّيها في طهران، في ما عرف بأزمة رهائن السفارة الأميركية في العام 1979، ثم تطورت العقوبات إلى حظر تجاري كامل في العام 1995.
اقــرأ أيضاً
حوادث عديدة
وثقت معدة التحقيق تعرض 74 طائرة مدنية وعسكرية إيرانية لحوادث بالغة، منذ الثورة الإسلامية في العام 1979، كان آخرها حادثة تحطم طائرة متجهة من طهران إلى ياسوج جنوب غربي البلاد في 18 فبراير/شباط الماضي، لدى اصطدامها بمرتفعات جبل دنا بالقرب من أصفهان وسط إيران، توفي على أثرها 66 راكبا، كما توفي 39 شخصا إثر سقوط طائرة من طراز أنتونوف المسماة بإيران-140، تابعة لشركة سباهان، بالقرب من منطقة سكنية بعد إقلاعها بدقائق من طهران، نتيجة عطل أصاب محركها في أغسطس/آب 2014، وعقب الحادث أوقفت رحلات هذا النوع من الطائرات.
وسقطت طائرة بوينغ 727 تابعة لشركة الطيران الإيرانية في 2011، عندما كانت متوجهة من طهران إلى مدينة أرومية شمال غربي إيران، ونتج من الحادثة وفاة 78 شخصا، وفي العام 2009 توفي 168 بحادثة سقوط طائرة توبوليف تي يو 154، روسية الصنع تمتلكها خطوط كاسبين، في قزوين أثناء توجهها من طهران إلى أرمينيا.
وفي العام 2006 سقطت طائرة أنتونوف 74 مملوكه للحرس الثوري الإيراني في مطار مهر أباد، توفي على أثرها 36 شخصا، وجرح اثنان، بينهم عسكريون، وفي ذات العام تحطمت طائرة توبوليف تو 154 تابعة لشركة إيران إير تور، في مطار مشهد، وتوفي في الحادثة 28 راكبا، وأصيب 50 من أصل 148 كانوا على متنها.
حادث مأساوي آخر وقع في العام 2005 إذ سقطت طائرة سي-130 تابعة للجيش، كان على متنها صحافيون، وعسكريون فوق مجمعات سكنية غربي العاصمة طهران، نتج عن الحادثة وفاة 110 أشخاص من ركاب الطائرة، وسكان منازل في تلك المجمعات، وتحطمت طائرة إي أل-76 جنوب شرقي إيران توفى إثرها 203 أشخاص في العام 2003.
ويعني عدم تطوير الأسطول الجوي وجود مخاطر جديدة على الطائرات وعلى الاقتصاد بحسب المختص في الشأن الاقتصادي مهدي بيك، والذي يؤكد أن أميركا تستخدم قطاع الطيران كوسيلة ضغط على إيران، وهو ما جعل أسطولها من أقدم الأساطيل في المنطقة.
وضع الأسطول
تقر المديرة العامة للخطوط الجوية الإيرانية (هما) فرزانه شرفبافي بأن وضع أسطول الطيران سيئ للغاية، إذ يبلغ متوسط عمر طائرات إيران المدنية 24 عاما، مؤكدة أن طائرات بلدان ثانية مجاورة لإيران مثل العراق وأفغانستان أفضل بكثير من طائرات بلادها التي لن تستطيع الحصول على قطع غيار بل وحتى التزود بالوقود خلال الرحلات الأجنبية بعد عودة العقوبات، وكل هذا مرتبط بعدم قدرة طهران على إنجاز التحويلات المالية اللازمة، بحسب ما أعلن عقب الاجتماع الذي عقدته مع مسؤولي الادعاء العام في طهران مطلع يونيو/حزيران لبحث أسباب تأخر الطائرات وخاصة في الرحلات الداخلية.
صفقات معلقة
في ديسمبر/كانون الأول 2016 وقعت وزارة الطرق والمواصلات مع شركة إيرباص الفرنسية صفقة لشراء مائة طائرة، تسلّمت منها ثلاثا حتى الآن، وبعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي خرجت تصريحات من إيرباص تستبعد تسليم ما تبقى منها، ويعلق رئيس غرفة التجارة والصناعة الإيرانية الفرنسية مهدي ميرعمادي على هذه الصفقة بالقول: "إن المفاوضات بين الطرفين مازالت جارية"، مؤكدا على وجود مشكلات مالية من طرف إيران، إضافة لتفضيل فرنسا الحصول على ترخيص من الخزانة الأميركية، على الرغم من أن إيران كان أمامها فرصة، منذ الإعلان عن قرار ترامب بشأن الاتفاق النووي، لتكثيف الحوار، لكن ذلك لم يصل إلى نتيجة، وعن ارتباط فرنسا بأميركا، وتعليق الصفقة رغم أن باريس ظلت في الاتفاق النووي، قال ميرعمادي إن "10٪ من تجهيزات طائرات إيرباص تأتي من الولايات المتحدة، ولن تعرض هذه الشركة نفسها لخطر العقوبات الأميركية من أجل إيران" .
وأصبحت الصفقة الثانية التي وقعتها إيران مع بوينغ الأميركية، بحكم المنتهية، رغم أن الطرفين اتفقا على بيع إيران 80 طائرة خلال عشر سنوات وفق عقد قيمته 16 مليار دولار، وتنوي إيران التقدم بشكوى دولية ضد بوينغ، كونها لن تنفذ الصفقة بحسب ما ذكره عضو اللجنة الاقتصادية البرلمانية تقي كبيري لوكالة تسنيم في 8 يونيو/حزيران الماضي.
العقوبات بددت الأمل
على الرغم من توقيع الاتفاق النووي بين إيران والقوى الست الكبرى في يوليو/تموز 2015، ما رفع العقوبات نظريا عن الطيران المدني الإيراني، إلا أن طهران لم تستطع حل مشكلة تهالك الأسطول الجوي المدني، بحسب ما أوضحه مهندس الطيران في الخطوط الجوية الإيرانية "هما" إبراهيم جعفري والذي قال لـ"العربي الجديد": "لو استطاعت البلاد إدخال عدة طائرات تستخدم في النقل لمسافات طويلة ومتوسطة لاستطاعت خلق تحول جذري".
وبسبب عدم إكمال الصفقات اللازمة لتحديث الأسطول تستعد طهران للعودة للمربع الأول، حسب وصف الكابتن شهبازي، الذي لفت إلى أن المشكلات المنعكسة على طائرات إيران ذات سبب سياسي، إذ إن شركاءها التجاريين، لا يمتلكون تقنيات الطائرات التي يحتاجها الأسطول المدني، كما يقول.
ولن تتوقف الأمور عند إلغاء الصفقات التي أسعدت إيران مؤقتا ونظريا، فانسحاب أميركا من الاتفاق النووي في 8 مايو/أيار الماضي، يعني عودة عقوبات الطيران المدني المفروضة سابقا إلى جانب قرارات جديدة، ففي 25 مايو/أيار الماضي وضعت الولايات المتحدة 31 طائرة مدنية إيرانية تمتلكها شركات خاصة هي ماهان، معراج، كاسبين وبويا، على قائمة الحظر، وأدرجت وزارة الخزانة الأميركية شركة ماهان للطيران على لائحة العقوبات في ديسمبر/كانون الأول 2011 بسبب تقديم خدمات للحرس الثوري الإيراني في إيران وسورية، ثم شددت العقوبات المفروضة عليها مجدداً في شهر مارس/آذار من عام 2016 لنفس السبب، لكن الكابتن شهبازي يقول "كان يجب أن تحل مسألة تسلم الطائرات الجديدة قبل صدور قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي في مايو/أيار الماضي، إذ كان أمام إيران فترة للحصول على ما تريد، من خلال تخصيص عائداتها المالية لشراء الطائرات، وهو ما لم يحصل"، غير أن مهندس الطيران جعفري يرى أن طهران واجهت العقوبات سابقا، والقلق من إلغاء الصفقات لن يغير الوضع الراهن كثيرا، فطائرات البلاد مازالت تعاني من ذات المشكلات، مضيفا أن إيران اعتمدت خلال السنوات الفائتة على الشركات الأجنبية لنقل المسافرين منها وإليها، أما في رحلاتها الداخلية فقد تضطر مستقبلا لاستئجار طائرات مستعملة من دول حليفة وصديقة لها.
الحلول المطروحة
يتوجب على إيران استخدام أدوات الضغط المتاحة أمامها لإقناع المجتمع الدولي بأن هذه العقوبات خطيرة وتهدد المدنيين علها تغير الرأي العام، أو تقنع الآخرين بمساعدتها في الحصول على تراخيص الخزانة الأميركية، رغم أن الأمر معقد للغاية كما يقول مهدي بيك، مضيفا أن طهران كانت واعية لاحتمال انسحاب أميركا من الاتفاق، فلم تضع كل البيض في سلتها، حتى صفقة بوينغ لم تكن الوحيدة، غير أن الإشكال هو أنها مع إيرباص تعدان الشركتان الرئيستان في هذا القطاع، لكن جعفر زاده يقول إن لدى إيران سيناريوهات لمواجهة الحظر، وسبق أن توقع الغرب عدم قدرة إيران على إصلاح وصيانة طائراتها بنفسها، لكن تبين أن لديها مهندسين يقومون بذلك، مضيفا أن طهران حاولت جاهدة تحديث الأسطول وصناعة النقل الجوي وتطوير المطارات وحتى الوسائل التعليمية في هذا المجال، وسبق أن استطاعت مواجهة العقوبات، والحفاظ على النقل الجوي، رغم كل القيود، وكما تعاملت إيران مع الأمر سابقا، ستستمر بذلك.
شهبازي الذي يعد أحد أشهر طياري إيران أير (شركة الطيران الوطنية في إيران)، حلق 16 ألف ساعة، واجه خلالها وضعا خطيرا في عدة رحلات، وتعرض لحوادث كثيرة كان سببها العطل الفني كما يقول لـ"العربي الجديد"، مؤكدا أن المشكلات التي يعانيها الأسطول الجوي المدني في إيران تقنية بالأساس، بسبب قلة عدد الطائرات مقارنة بالاحتياجات وقِدمها.
ويبلغ حجم الأسطول الإيراني 300 طائرة مدنية، من شركات إيرباص الأوروبية، وبوينغ الأميركية، إي تي آر الفرنسية ــ الإيطالية، وفوكر الهولندية (شركة صناعة طائرات توقفت عام 1996)، و70٪ من هذه الطائرات تمتلكها شركات خاصة والبقية تابعة لأكثر من شركة حكومية، وفق ما أوضحه المتحدث باسم منظمة الطيران المدني الايراني رضا جعفر زاده لـ"العربي الجديد"، غير أن قطع غيار هذه الطائرات نادرة بسبب العقوبات المفروضة على إيران، ما يضطر المهندسين إلى استخدام قطع غير أصلية بحسب الكابتن شهبازي، والذي لفت إلى أن اللوازم الضرورية للصيانة غير متوفرة، وما تمتلكه شركات الطيران مر على عمره أكثر من ثلاثة عقود.
وفرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على الطيران المدني الإيراني عقب احتجاز دبلوماسيّيها في طهران، في ما عرف بأزمة رهائن السفارة الأميركية في العام 1979، ثم تطورت العقوبات إلى حظر تجاري كامل في العام 1995.
حوادث عديدة
وثقت معدة التحقيق تعرض 74 طائرة مدنية وعسكرية إيرانية لحوادث بالغة، منذ الثورة الإسلامية في العام 1979، كان آخرها حادثة تحطم طائرة متجهة من طهران إلى ياسوج جنوب غربي البلاد في 18 فبراير/شباط الماضي، لدى اصطدامها بمرتفعات جبل دنا بالقرب من أصفهان وسط إيران، توفي على أثرها 66 راكبا، كما توفي 39 شخصا إثر سقوط طائرة من طراز أنتونوف المسماة بإيران-140، تابعة لشركة سباهان، بالقرب من منطقة سكنية بعد إقلاعها بدقائق من طهران، نتيجة عطل أصاب محركها في أغسطس/آب 2014، وعقب الحادث أوقفت رحلات هذا النوع من الطائرات.
وسقطت طائرة بوينغ 727 تابعة لشركة الطيران الإيرانية في 2011، عندما كانت متوجهة من طهران إلى مدينة أرومية شمال غربي إيران، ونتج من الحادثة وفاة 78 شخصا، وفي العام 2009 توفي 168 بحادثة سقوط طائرة توبوليف تي يو 154، روسية الصنع تمتلكها خطوط كاسبين، في قزوين أثناء توجهها من طهران إلى أرمينيا.
وفي العام 2006 سقطت طائرة أنتونوف 74 مملوكه للحرس الثوري الإيراني في مطار مهر أباد، توفي على أثرها 36 شخصا، وجرح اثنان، بينهم عسكريون، وفي ذات العام تحطمت طائرة توبوليف تو 154 تابعة لشركة إيران إير تور، في مطار مشهد، وتوفي في الحادثة 28 راكبا، وأصيب 50 من أصل 148 كانوا على متنها.
حادث مأساوي آخر وقع في العام 2005 إذ سقطت طائرة سي-130 تابعة للجيش، كان على متنها صحافيون، وعسكريون فوق مجمعات سكنية غربي العاصمة طهران، نتج عن الحادثة وفاة 110 أشخاص من ركاب الطائرة، وسكان منازل في تلك المجمعات، وتحطمت طائرة إي أل-76 جنوب شرقي إيران توفى إثرها 203 أشخاص في العام 2003.
ويعني عدم تطوير الأسطول الجوي وجود مخاطر جديدة على الطائرات وعلى الاقتصاد بحسب المختص في الشأن الاقتصادي مهدي بيك، والذي يؤكد أن أميركا تستخدم قطاع الطيران كوسيلة ضغط على إيران، وهو ما جعل أسطولها من أقدم الأساطيل في المنطقة.
وضع الأسطول
تقر المديرة العامة للخطوط الجوية الإيرانية (هما) فرزانه شرفبافي بأن وضع أسطول الطيران سيئ للغاية، إذ يبلغ متوسط عمر طائرات إيران المدنية 24 عاما، مؤكدة أن طائرات بلدان ثانية مجاورة لإيران مثل العراق وأفغانستان أفضل بكثير من طائرات بلادها التي لن تستطيع الحصول على قطع غيار بل وحتى التزود بالوقود خلال الرحلات الأجنبية بعد عودة العقوبات، وكل هذا مرتبط بعدم قدرة طهران على إنجاز التحويلات المالية اللازمة، بحسب ما أعلن عقب الاجتماع الذي عقدته مع مسؤولي الادعاء العام في طهران مطلع يونيو/حزيران لبحث أسباب تأخر الطائرات وخاصة في الرحلات الداخلية.
صفقات معلقة
في ديسمبر/كانون الأول 2016 وقعت وزارة الطرق والمواصلات مع شركة إيرباص الفرنسية صفقة لشراء مائة طائرة، تسلّمت منها ثلاثا حتى الآن، وبعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي خرجت تصريحات من إيرباص تستبعد تسليم ما تبقى منها، ويعلق رئيس غرفة التجارة والصناعة الإيرانية الفرنسية مهدي ميرعمادي على هذه الصفقة بالقول: "إن المفاوضات بين الطرفين مازالت جارية"، مؤكدا على وجود مشكلات مالية من طرف إيران، إضافة لتفضيل فرنسا الحصول على ترخيص من الخزانة الأميركية، على الرغم من أن إيران كان أمامها فرصة، منذ الإعلان عن قرار ترامب بشأن الاتفاق النووي، لتكثيف الحوار، لكن ذلك لم يصل إلى نتيجة، وعن ارتباط فرنسا بأميركا، وتعليق الصفقة رغم أن باريس ظلت في الاتفاق النووي، قال ميرعمادي إن "10٪ من تجهيزات طائرات إيرباص تأتي من الولايات المتحدة، ولن تعرض هذه الشركة نفسها لخطر العقوبات الأميركية من أجل إيران" .
وأصبحت الصفقة الثانية التي وقعتها إيران مع بوينغ الأميركية، بحكم المنتهية، رغم أن الطرفين اتفقا على بيع إيران 80 طائرة خلال عشر سنوات وفق عقد قيمته 16 مليار دولار، وتنوي إيران التقدم بشكوى دولية ضد بوينغ، كونها لن تنفذ الصفقة بحسب ما ذكره عضو اللجنة الاقتصادية البرلمانية تقي كبيري لوكالة تسنيم في 8 يونيو/حزيران الماضي.
العقوبات بددت الأمل
على الرغم من توقيع الاتفاق النووي بين إيران والقوى الست الكبرى في يوليو/تموز 2015، ما رفع العقوبات نظريا عن الطيران المدني الإيراني، إلا أن طهران لم تستطع حل مشكلة تهالك الأسطول الجوي المدني، بحسب ما أوضحه مهندس الطيران في الخطوط الجوية الإيرانية "هما" إبراهيم جعفري والذي قال لـ"العربي الجديد": "لو استطاعت البلاد إدخال عدة طائرات تستخدم في النقل لمسافات طويلة ومتوسطة لاستطاعت خلق تحول جذري".
وبسبب عدم إكمال الصفقات اللازمة لتحديث الأسطول تستعد طهران للعودة للمربع الأول، حسب وصف الكابتن شهبازي، الذي لفت إلى أن المشكلات المنعكسة على طائرات إيران ذات سبب سياسي، إذ إن شركاءها التجاريين، لا يمتلكون تقنيات الطائرات التي يحتاجها الأسطول المدني، كما يقول.
ولن تتوقف الأمور عند إلغاء الصفقات التي أسعدت إيران مؤقتا ونظريا، فانسحاب أميركا من الاتفاق النووي في 8 مايو/أيار الماضي، يعني عودة عقوبات الطيران المدني المفروضة سابقا إلى جانب قرارات جديدة، ففي 25 مايو/أيار الماضي وضعت الولايات المتحدة 31 طائرة مدنية إيرانية تمتلكها شركات خاصة هي ماهان، معراج، كاسبين وبويا، على قائمة الحظر، وأدرجت وزارة الخزانة الأميركية شركة ماهان للطيران على لائحة العقوبات في ديسمبر/كانون الأول 2011 بسبب تقديم خدمات للحرس الثوري الإيراني في إيران وسورية، ثم شددت العقوبات المفروضة عليها مجدداً في شهر مارس/آذار من عام 2016 لنفس السبب، لكن الكابتن شهبازي يقول "كان يجب أن تحل مسألة تسلم الطائرات الجديدة قبل صدور قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي في مايو/أيار الماضي، إذ كان أمام إيران فترة للحصول على ما تريد، من خلال تخصيص عائداتها المالية لشراء الطائرات، وهو ما لم يحصل"، غير أن مهندس الطيران جعفري يرى أن طهران واجهت العقوبات سابقا، والقلق من إلغاء الصفقات لن يغير الوضع الراهن كثيرا، فطائرات البلاد مازالت تعاني من ذات المشكلات، مضيفا أن إيران اعتمدت خلال السنوات الفائتة على الشركات الأجنبية لنقل المسافرين منها وإليها، أما في رحلاتها الداخلية فقد تضطر مستقبلا لاستئجار طائرات مستعملة من دول حليفة وصديقة لها.
الحلول المطروحة
يتوجب على إيران استخدام أدوات الضغط المتاحة أمامها لإقناع المجتمع الدولي بأن هذه العقوبات خطيرة وتهدد المدنيين علها تغير الرأي العام، أو تقنع الآخرين بمساعدتها في الحصول على تراخيص الخزانة الأميركية، رغم أن الأمر معقد للغاية كما يقول مهدي بيك، مضيفا أن طهران كانت واعية لاحتمال انسحاب أميركا من الاتفاق، فلم تضع كل البيض في سلتها، حتى صفقة بوينغ لم تكن الوحيدة، غير أن الإشكال هو أنها مع إيرباص تعدان الشركتان الرئيستان في هذا القطاع، لكن جعفر زاده يقول إن لدى إيران سيناريوهات لمواجهة الحظر، وسبق أن توقع الغرب عدم قدرة إيران على إصلاح وصيانة طائراتها بنفسها، لكن تبين أن لديها مهندسين يقومون بذلك، مضيفا أن طهران حاولت جاهدة تحديث الأسطول وصناعة النقل الجوي وتطوير المطارات وحتى الوسائل التعليمية في هذا المجال، وسبق أن استطاعت مواجهة العقوبات، والحفاظ على النقل الجوي، رغم كل القيود، وكما تعاملت إيران مع الأمر سابقا، ستستمر بذلك.