تلعثموا عند خروجهم من البيت

28 يوليو 2016
تصوير: ألبرتو سيرا ريستريبو، 2012
+ الخط -

رغبات السائرين
اجعل لهم علامةً
في الأيام الشقراء التي ترفض أن تنتهي،
في الأحلام التي لم يؤجّجها حزيران،
ادمغ جبهات أصحاب الأرقام والشرارات،
حين تتأرجح أياديهم برعونة ولا تجرؤ على قول شيء في مساء أبيض سخيف.

لتعذّبهم تلك الدمغة، ولتجلب الانتباه إليهم
فيكون للثلاثين كلمة التي منحت لهم قوّة وجدوى،
اجعل من لياليهم مرتعاً لليأس.

لا تنس أنهم كسالى،
وأن الرفاهية أسكنتهم في الممرّات المظلمة،
وأن قشور الليمون التي عضُّوها بهمجية ما زالت ملقاة على أرض الحديقة العطرة.

اغفر أخطاء السفهاء المجدية،
اعذرهم لأنهم تلعثموا عند خروجهم من البيت،
جنّبهم الوقوع في قذارة الحسد،
وامنحهم فجراً خالياً من العتب.


نشيد مشاع
نتوق لنشيد مختزل بلحنٍ مزركش
نشيد لا قارب شراعي به ولا ربَّان،
بل به حقل تنيره الشمس،
وطائرة ورقية في السماء قليلة الشكوى،
كلاب تبارك المساء،
تجعله أكثر سهولة،
صاحب بيتٍ يترك للزائرين الخمور الثمينة،
كلّ القرنفل المحفوظ في قماش متّسخ، طري جداً،
حين يُخلص المزارع لعمله.

إلى مملكتهم المتواضعة، لن يصل المجامِلون،
ولن يكون في فناء بيوتهم غنيمة يقتسمونها.
إنما هو لهب لم يشتعل تحت الأصطبة،
النقاء أوسَم الأرواح،
تحمله بين شفتيها طفلة قادمة من طرف البحر الآخر.

والرمال التي تعيق السير تنجز عملها بشكل كامل،
لأنها تعرف أن حجم الأيام الميّت ضروري لشد أوتار النشيد
لجعله أعمق، نابضاً بالحياة، مشاعاً، يقيّد الرغبات التي تصمُّ الشعور،
ينيرنا في ليلة مظلمة، يكون دليلاً لخطواتنا،
راسماً طريقاً واضحاً في الغابة.

عند المسبح يمكن سماع الأغنيات التي لا تتوقّف في الإذاعة، اللقاءات السرية الليلية، المساءات اللامنتهية،
أتاحت للنشيد أن يصل إلى أسماعنا،
أن يخرج من ألسنتنا، من صدورنا، من دواخلنا،
أن يرافقنا ويداعبنا.

ماهرٌ من يعرف نوتاته،
تردُّداته الصامتة،
فهذا النشيد لا يعرف الخيانة، ولم يجرّبها،
والذين يتنزّهون قرب المياه يعرفون ماذا يحبُّ،
واليوم منحوا أنفسهم للبؤس.

إشاعة صغير تكبر، وتبدأ الحياة من دون ظلال.


* Juan Felipe Robledo شاعر كولومبي من مواليد ميديين عام 1968. درس الأدب في "جامعة هافيريانا" في بوغوتا، التي يعمل حالياً مدرّساً فيها. من دواوينه: "موسيقى الساعات" و"من الغد"

** ترجمة غدير أبو سنينة وينشر بالتعاون مع "إلكترون حر"

المساهمون