ظلّ هذا الحضور مهميناً على اختلاف التوجّهات التي انتمى إليها رسّامو الورد حيث ارتبطت برموز ودلالات مختلفة كالتعبير عن معتقدات دينية مسيحية أو جمال الطبيعة أو العاطفة أو تسليط الضوء عليها نفسها كموضوع ومعاينة تحوّلات الظلّ والنور.
تشكّل العودة إليها اليوم تحدّياً كبيراً للفنان في زمن ما بعد الحداثة التي لم تعد فيه حدود واضحة بين المدارس الفنية أو بين الفن الواقع. هذه الأفكار وغيرها يقاربها المعرض الصيفي "(لا شيء سوى) الزهور" الذي افتتح في "غاليري صالح بركات" في بيروت منتصف الشهر الماضي، ويتواصل حتى الرابع والعشرين من الشهر الجاري.
يعتمد المعرض على دراسة استقصائية للفنانين العرب الذين جسدوا الورود والأزهار في أعمالهم الفنية، بدءاً من أعمال بيبي زغبي (1890 – 1973) التي دأبت على رسم الزهور طوال حياتها المهنية، فرسمت في رحلاتها إلى أفريقيا وأميركا اللاتينية اكتشافاتها للطبيعة كضمّات من الأزهار الوحشية ومناظر الطبيعة الصامتة.
كما يستكشف المنظّمون الطرق التي طوّر بها الفنانون الحديثون والمعاصرون في ما بعد الإمكانيات المرئية لتمثيل هذا العنصر الطبيعي المعين، حيث كات يتم تمثيل الزهور كشكل من أشكال الزينة عبر التاريخ، ولكن مع ظهور اللوحة الفنية، أصبحت الزهرة معروفة كعلامة على جمال الفن.
يأخذ المعرض عنوانه من أغنية لفرقة الروك الأميركية " Talking Head" التي أدّتها عام 1988، وتتحدّث حول الرغبة الرومانسية في العودة إلى حالة الطبيعة ما قبل كلّ هذا التطور والتقدّم التكنولوجي والعمراني، حيث تضيء الأعمال المشاركة على الطرق التي تحدّى بها الفنانين الطبيعة في الفن، وقدّموا فيها الزهرة من أجل مقاربة جانب من اهتماماتهم الاجتماعية والسياسية.
من بين الفنانين المشاركين: كلارا أبي نادر وريما أميوني وهيلين الخال وويلي عرقتنجي وخليل زغيب وعمر الأنسي وإبراهيم مرزوق وعارف الريس وحسين ماضي وأسامة بعلبكي من لبنان، وضياء العزاوي من العراق، وبرهان كركوتلي ونصير شورى وفاتح المدرس ولؤي كيالي من سورية، و جوليانا سيرافيم وعبد الرحمن قطناني من فلسطين.