رحيل جيرمانو تشيلانت: من الفن الفقير إلى الطليعية العالمية

30 ابريل 2020
(جيرمانو تشيلانت في معرض بـ "غوغنهايم" نيويورك)
+ الخط -

رحل أمس الناقد الإيطالي والمؤرّخ الفني جيرمانو تشيلانت (1940-2020)، متأثراً بمضاعفات فيروس كورونا، تاركاً كتابات غيّرت في صناعة المعارض الفنية ودراسات الفن المعاصر، ومئات الكتب والمقالات التي جعلت منه قيّماً رائداً، وربطت اسمه بنظرية الفن الفقيرarte povera.

صاغ تشلانت مصطلح الفن الفقير عام 1967، وكتَب وقتها مانيفستو نشره في مجلة "فلاش آرت" تحت عنوان "ملاحظات عن حرب العصابات"، وانضمّ إليه في البيان آنذاك أومبرتو إيكو وفيتوريو غيلاميتي وإدواردو سانغوينتي.

قال تشيلانت في البيان إن "الفن الفقير ملتزم بالطوارئ، بالأحداث، ملتزم بغير التاريخي، بالوقت الحاضر"، ليعبّر بذلك عن نتاج مجموعة من الفنانين الطليعيين الذين أعطوا معنى للمواد التي لم يكن ينظر الفن إليها، ويكشف المصطلحُ الفرقَ بين الفن في إيطاليا بعد الحرب والفن في أميركا، فقد كانت إيطاليا تمرّ بفترة صناعية ولكن الفنانين فيها لم يصنعوا فن البوب على عكس الفنانين الأميركيين.

تنسجم فكرة "الفن الفقير" مع فكر تشيلانت الذي ولد في جنوة شمال إيطاليا، وذكرياته الأولى متعلّقة بشكل وثيق بالصراع بين العمال الشيوعيين والفاشيين الجدد، وهي أحداث أثّرت عليه بعمق وجعلته يسارياً وينظر إلى الفن من هذا الموقع.

في "جامعة جنوة"، درس الراحل على يد أوجينيو باتيستي، مؤرخ للفن الإيطالي في القرن السادس عشر الذي ألهمه أفكاراً حول آليات التلقي البصري، وظلّت ملاحظاته حاضرة في المعارض التي نظّمها تشيلانت للفن الفقير، حيث استخدم الفنانون في مدينتي روما وتورين خلال فترة من النضال العمالي وعدم الاستقرار الاقتصادي والاحتجاجات الطلابية المواد المعاد تدويرها والأشياء اليومية.

في عام 1971، تحوّل تشيلانت من النقد إلى تاريخ الفن، وأعاد تركيز اهتمامه فانطلق من الفن الإيطالي نحو الممارسات الأوسع عبر أوروبا والولايات المتحدة، وقام بتنظيم أول معرض واسع النطاق له "البيئة/ الفن: من المستقبل إلى فن الجسد"، في بينالي البندقية عام 1976.

عمِل الراحل ما بين عام 1988 و2009 منسقاً في "متحف غوغنهايم" في نيويورك، كما عمل بعدّة متاحف ومؤسسات فنية عالمية مثل "مؤسسة برادا". ومن المعارض التي نظّمها "التحول الإيطالي 1943-1968"، و"سياسة الحياة الفنية: إيطاليا 1918–1943".

أصدر تشيلانت العديد من الكتب في تاريخ الفن والفن المعاصر، وقدّم قراءات في المعارض المختلفة. من بين إصداراته "الكتاب كعمل فني"، و"لا-تعبيرية"، و"الفن المفاهيمي، الفن الفقير، فن الأرض"، و"المستقبلية والطليعية العالمية"، إلى جانب تأليفه العديد من الكتب النقدية عن فنانين معاصرين ومصوّرين فوتوغرافيين.

دلالات
المساهمون