كان البيانو بيتي الصغير كبيت الفأر في الرسوم المتحركة. كان جداري الزجاجي. جزيرةٌ من ريشٍ حامضٍ تحملني لأصطاد بصنارتي النوارس المحملة بالموج. كنت أُطيعه كما أُطيع أمّي، أستيقظ على عزفه ليلاً حين تعزف أشباحي عليه. أُشعل الحطب بأصابعه فيركض مهرٌ في كفّي. ألتهم طعامي على مفاتيحه، وحين أشرب الشّاي أنسى السّكر لأذوّب نوتةً تترك دوامةً صغيرةً.
سمعت أجهزة الأمن، هناك طفلٌ موسيقاه أعلى من ضجيج طائراتنا، يحرك القلوب التي تعجز خطب القيصر عن تحريكها. حين يكبر ويصبح قادرًا على حمل البيانو، فلربما نصبه أمام أسوار القصر، فيلتمع البرق في مرآة الحاكم، وتنهار رجلاه كهرمٍ أمام غمازتي امرأةٍ.
عبأت الطائرة وقودها وصواريخها الذّكية، استعانت بتكنولوجيا الأقمار، أشار أحدهم بإصبع الّليزر إلى النّافذة الهاببة من أنامل الطّفل، وأخذًا للحيطة وضعو فرقة المدفعية تحت التأهب.
قصفت الطائرة البيانو بحمولة شهرٍ من الصواريخ... وقُصف البيت معه.
طمأنت أجهزة الأمن الحاكم: قتلنا موسى سيدي. لكنهم لم يعرفو أن البيانو وضع الطّفل في اليمّ حين شمّ النّفط المعبأ في شرايين الطّائرة. لم يعرفوا أن البيانو الذي دكّوه ليس سوى ظلٍّ للبيانو المحفوظ في صدر الطّفل.