طهران والرياض وسلمان رُشدي: ماذا عن "إسرائيل"؟

10 أكتوبر 2015
(تصوير: ميريام دالسغارد)
+ الخط -

طهران والرياض متّفقتان. إنه لأمر مثيرٌ للاهتمام، لأنه لا يحدث كلّ يوم. ثمّة خطبٌ ما استطاع توحيدهما، ليُعبّرا عن غضبهما بشكل متزامن تقريباً. وهذا الخطب ليس، بالطبع، جرائم الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة في القدس المحتلّة، ضدّ الأقصى والفلسطينيين، وإنّما سلمان رُشدي وكتابه "آيات شيطانية" الصادر في لندن سنة 1988.

بعد يومين من إعلان إيران مقاطعتها لـ "معرض فرانكفورت للكتاب" في ألمانيا، الذي ينطلق الأربعاء القادم، احتجاجاً على استضافة الكاتب الذي سبق للجمهورية الإسلامية وأن أهدرت دمه، استدعت وزارة الخارجية السعودية سفير جمهورية التشيك في الرياض، لتعبّر له عن استنكار المملكة واستهجانها لترجمة الكتاب.

تحتجُّ إيران "بشدّة" على دعوة "شخص يمقته العالم الإسلامي" ومنحه فرصة لإلقاء كلمة في "معرض فرانكفورت للكتاب"، بينما تُطالب السعودية بإيقاف نشر الترجمة الجديدة لكتابه.

هكذا، ببساطة تقرّر الأولى من يستضيف المعرضُ الألماني ومن لا يستضيف، وتريد الثانية من بلد أوروبي أن يتدخّل ليمنع دار نشر خاصّة من إصدار كتاب. في الحالتين، ثمّة من جهة، مقاربة خاطئة تستند إلى مفاهيمنا الخاصّة المتعلّقة بتدخّل الدولة ووصايتها على التفكير والتعبير، ومن جهة أخرى تجييش مزيد من مشاعر الكراهية ضدّ كاتب وكتابه والذي لسنا من معجبيه بالمناسبة.

لكن تزامن الموقفين لا بدّ أن يثير هذا التساؤل: هل هو سباق غير معلن بين العاصمتين الإسلاميتين الكبيرتين لمغازلة الرأي العام في العالم الإسلامي من بوّابة "رفض الإساءة إلى المقدّسات الدينية للمسلمين"؟ إن كان الأمر كذلك، فالأولى أن يكون التسابق شطر المسجد الأقصى في القدس المحتلة، حيثُ تنتهك المقدّسات.. والأرواح أيضاً.

أسوأ ما في الأمر، أن يكون محاولة لذرّ الرماد في العيون وتوجيهاً للأنظار عن قضيّة أساسية تُقابل بالصمت المطبق، لصالح قضيّة مفتعلة يُراد لها أن تملأ الدنيا وتشغل الناس مُجدّداً. وجميعنا يعلم أن فتوى الخميني بإهدار دم الكاتب البريطاني عام 1989 لم تزد الكاتب إلاّ شهرةً، والكتاب إلاّ انتشاراً.

لعلّنا نبالغ ونُعطي المسألة أكثر ممّا تستحقّ. دعونا، إذن، نضعها في حجمها الطبيعي، أيّ كونها مجرّد دعاية جديدة للكتاب الذي مضى على صدوره 27 عاماً!

المساهمون