وراء الشمس نقتل الشعراء

09 مايو 2017
(عمل لـ شاكر حسن آل سعيد، 1984)
+ الخط -

شمسٌ تذهّب جدار المسجد. أتأمله من سطحنا وأنا المحموم. ثغاء النعاج يتساوق مع شقشقة العصافير. وبجانبي مصحف؛ وألف ليلة وليلة؛ وما يطلبه المستمعون. ونخلة هناك، آه للنخل الذي هناك. ونداء أم: حان وقت الرغيف.

للشمس جدائل قالت لي أختي ذات صباح. وتراب جدار المسجد يداوي الجراح. وأخرجت الأم الرغيف الشمسي من الفرن ووقع حوله العراك. وأنا ممدّد أنتظر الصفير.

النخيل جذلانة بجمالها تكاد الشمس تغيّر منه. وهناك وراء التلال أمنيات. لقد عاد المسافرون الحصادون ببضعة أكياس قمح وتعب دفين.

أتمنى لو تستمر الشمس. أنا أكره الظلام.

بعد قليل سيحلّ الرفاق وأنسى الحمى والليل. الحمى مثل السكر تريك المستور؛ وتهبك غلالة لطيفة بها يأسرك كل شيء.

ومرت حدأة تهدد عصفورة يتيمة.

وفتحت كتاب السندباد. مذ تلوت منه بدأت أومن بضيق كلمة اسمها وطن اشتقت دون شك من وثن. لماذا مات السندباد فينا وغادر إلى بلاد الظلمات. العصافير مبهجة بنزقها تذكر بطفولة الكون.

والحمام، والرحمن سرب حمام يمرّ الآن بين الأبراج. هل فعلاً يعلم الحمام يوم موته. الكل يعلم يوم موته حتى الإنسان يشفق فقط فيكذب. وطيف ذكرى غربية يحلّ وأكلّمه كأنه جالس معي. تلك الكتب ستفسد عنك عقلك قال الطيف.

جدائل الشمس، هل حقاً للشمس جدائل. أم شعر أختي الأشقر من أوحى لها بذلك. كنت لا أتعب من تملي ضفائر أختي الصفراء. لا قالت. للشمس ضفائر أو ضفيرة واحدة تدليها ليصعد إلى قرب وجهها الأمير الذي أهدى عيونه الخرزية للفقراء. وبقي أعمى؟ لا لم يكن بحاجة للعيون كي يرى. الأمراء وجوههم بدون عيون. والوجوه لا تقدر لغة على وصفها. نحن لا نختار وجوهنا.

وحده الله يتكفل بصنع الوجوه.

ومر صاحب دراجة بناقوس ضخم أزعج العصافير. ولعنته في سري.. لو زرعنا الطريق شوكاً حتى لا يلوث هؤلاء الركاب الفضاء. الواحة خلقت للراجلين فحسب، ويجب أن تبقى للراجلين.

وغابت الشمس. سيؤذن المؤذن البلالي بعد قليل. سيؤذن المؤذن البلالي بعد قليل وأتيمم وأصلي جالساً. أبي الفقيه يسر ولم يعسر. وسيتوسط لي عند النبي ليتوسط عند الملأ الأعلى.

أنت تخلط كل شيء بكل شيء؛ أباك والنبي وسقراط. قال لي الرفيق ذات يوم.

وعلا نواح من بعيد. لقد مات الشاعر. قتله أخوه. يعيد قصة قابيل وهابيل.

هذا القتل أحزنني كثيراً.

لماذا وراء الشمس هنا نقتل الشعراء؟

توقف الحنين وأوقفت الكتابة.


* كاتب قصة من المغرب

دلالات
المساهمون