التبغ يقتل ملايين الهنود

03 مايو 2019
التدخين عابر للجنسين في الهند (تشاندان خانا/ فرانس برس)
+ الخط -

التبغ في الهند مشكلة صحية كبيرة جداً، وتزداد سوءاً كلّ عام، على الرغم من مزاعم الحكومة الهندية بالعمل الحثيث من أجل مكافحة التبغ بجميع أنواعه وطرق تعاطيه، إذ يتسبب في وفاة نحو مليون شخص سنوياً في البلاد، بحسب الإحصائيات الرسمية. وتشير الإحصائيات إلى أنّ ثلث الرجال في الهند يدخنون أو يمضغون التبغ، ومع أنّ عدد النساء اللواتي يتعاطينه أقل من الرجال، فالمخاطر الصحية كبيرة على الجنسين معاً.

ينتشر تدخين التبغ ومضغه منذ زمن بعيد في جميع أنحاء الهند، وتعاني منه الطبقة الفقيرة خصوصاً، فهو سبب رئيس لأمراض السرطان، خصوصاً سرطان الفم والحنجرة، بالإضافة إلى أمراض الفم الأخرى. وتؤكد الإحصائيات، أنّ المضغ شائع بين الرجال والنساء، وهناك 31 في المائة من الرجال و19 في المائة من النساء يمضغون التبغ، والنسبة المئوية لمضغ التبغ في بعض مناطق الهند كولاية بيهار، أكبر بكثير، إذ إنّ 69 في المائة من الرجال و22 في المائة من النساء يدمنون مضغ التبغ هناك. للظاهرة نتائج خطيرة، خصوصاً ما يرتبط بالنساء وتحديداً الحوامل، إذ قد يؤدي مضغ التبغ إلى انخفاض وزن الجنين، وخلق مشاكل كثيرة عند الوضع، بالإضافة إلى العيوب الخلقية للمواليد، والأمراض الجسدية لدى الحوامل. في المقابل، يعتبر الإقلاع عن التدخين ومضغ التبغ من أهم عوامل الصحة لدى الهنود، لكنّ المؤسف هو أنّ نسبة من يتركون هذه العادة لا تتجاوز خمسة في المائة، ومعظم هؤلاء يتركون التدخين والمضغ بعد سنّ الأربعين.




يحظر القانون الهندي التدخين واستخدام التبغ في الأماكن العامة، لكنّ العمل على هذا القانون شبه معطل، إذ إنّ الهنود يدخنون في الأماكن العامة؛ في السيارات والحافلات والأسواق والجامعات والمعاهد والمدارس، من دون أن يواجهوا أيّ عقوبة. يعتبر قانون السجائر ومنتجات التبغ الشامل لضبطها وحظر إعلانها وتنظيم تجارتها من أهم القوانين لمكافحة التدخين واستخدامات التبغ. وصدر هذا القانون عام 2003، قبل أن تصبح الهند طرفاً لاتفاقية منظمة الصحة العالمية لمكافحة التبغ. وفي عام 2004 عزز القانون بمزيد من المواد، لكنّ كلّ ذلك لا يؤدي إلى شيء بسبب النقص في التنفيذ. وبذلك، تبرز الحاجة الملحة إلى التطبيق، مع سنّ قوانين جديدة من شأنها أن تمنع الهنود من التدخين واستخدام التبغ، خصوصاً في المناطق النائية والفقيرة حيث يستخدم السكان أنواعاً مختلفة من التدخين، لا سيما التبغ، كوسيلة لتهدئة الأعصاب ومواجهة مشاكل الحياة.

تخسر الهند بسبب التدخين وتداعياته نحو 16 مليار دولار أميركي سنوياً، لذلك، أعلنت مراراً اتخاذ كلّ خطوة من شأنها التصدي له، علاوة على التعاون مع منظمة الصحة العالمية، والالتزام باتفاقية المنظمة لمكافحة التبغ. ونظراً للأضرار الكبيرة، أعلنت الهند في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 التزامها باتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ، وذكرت وزارة الصحة آنذاك أنّ الحكومة ملتزمة بالتنفيذ الكامل للاتفاقية لأنّ الهند تخسر الكثير من أموالها وأبنائها نتيجة تعاطي التبغ.

الاتفاقية المسندة بالبيانات، تؤكد على حق كلّ إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه. وهي تشكل تحولاً في وضع استراتيجيات التصدي للتدخين. وبخلاف المعاهدات والاتفاقيات الأخرى الخاصة بمكافحة المخدرات، تؤكد الاتفاقية بشان مكافحة التبغ على أهمية استراتيجيات الحدّ من الطلب وكذلك على القضايا الخاصة بالعرض. وترد في مواد الاتفاقية من 6 إلى 14 الأحكام الأساسية الخاصة بالحدّ من الطلب والتدابير السعرية والضريبية الرامية إلى الحد من الطلب على التبغ، بالإضافة إلى تدابير غير سعرية ترمي إلى الحد من الطلب على التبغ، ومنها الحماية من التعرض لدخان التبغ، وتنظيم محتويات ومنتجات التبغ، وتنظيم الكشف عن منتجات التبغ، والتثقيف والاتصال والتدريب وتوعية الجمهور.




مع ذلك، فإنّ قطاع صناعة التبغ في الهند، عارض بعض الإجراءات الواردة في الاتفاقية. كذلك، مارست مجموعات صناعة التبغ الضغط على الحكومات الهندية على مدار التاريخ بذريعة أو أخرى كي تثنيها عن كلّ خطوة من شأنها التصدي لأنواع التدخين وتعاطي التبغ المختلفة.
المساهمون