غشّاش صغير في البرلمان

22 ديسمبر 2015
انتظرهم في الجهة المقابلة (العربي الجديد)
+ الخط -

الأحد الماضي كان فرصة مناسبة للرياضيين على كورنيش المنارة البحري في بيروت، للاستمتاع بالصحو والشمس المفاجئين بعد يومين من الأمطار والرياح.

برودة الطقس ما زالت في الأجواء، لكنّ أمواج البحر سكنت، وفتحت المجال أمام رواد آخرين من أجل "تعبئة" رؤوسهم بأنواع مختلفة من الكافيين. يسندون أجساداً منهكة على الدرابزين المعدني الذي يفصلهم عن الماء، ويذهبون في أفكارهم بعيداً بُعد المكان الذي تقصده تلك الباخرة، وتتعلق آمال كثيرين به.

لكنّ هؤلاء كانوا قلّة هذه المرة، فالكورنيش والشارع الممتد معه في خطين متوازيين، مخصصان اليوم لبطولة ركض مدرسية مختلفة الفئات العمرية. الدرك قطعوا كلّ الطرقات المؤدية إلى الكورنيش، من مناطق الحمراء وعين المريسة والنادي العسكري.

وحدهم المشاة يمكنهم الوصول. وبعضهم أبعد ما يكونون عن الرياضة وممارسيها في هذا النهار، شأن ثلاثة شبان ما دون العشرين عاماً. يحمل كلّ منهم نارجيلته مع عدتها الكاملة ويمضي باتجاه الصخور القريبة. هم أيضاً يريدون "تعبئة" رؤوسهم.

بينما يتصاعد صراخ المنظمين بمكبّر الصوت في محاولة للسيطرة على فوضى الأطفال والفتية والفتيات، يتسلّل أحد الصغار المشاركين إلى المقهى القريب.

يجلس القرفصاء بين دراجتين ناريتين على الرصيف، وينتظر. سباق أول يمرّ أمامه وينتظر. سباق آخر بطلاته فتيات صغيرات، يلحق بهن رجال الأمن الداخلي على دراجات هوائية. يتربّص. تتأخر بعض الصغيرات كثيراً. بل إنّ الأخيرة بينهن صغيرة جداً في الرابعة ربما. ألبسها أهلها ملابس سميكة ومع ذلك هي بردانة وتحاول التحرك في ما يشبه الركض، فلا تتمكن. تبكي وتنادي أمّها، فلا تحظى إلّا بدرّاج الأمن بملابسه الزرقاء، يواكبها حتى تصل وهو يشجعها ويطيّب خاطرها.

الفتى المتسلّل يرتدي الملابس الرياضية الكاملة، ويضع إشارة زرقاء على صدره تدلّ على مشاركته في السباق. يراقب من مكانه سير السباقات بحماس.

يحسبه العمال مختبئاً كتقاعس عن المشاركة. لكنّ أحد رواد المقهى القلائل يسأله، فيجيبه أنّه ينتظر المناداة على فئته العمرية (2005-2004)، كي يلتحق بالسباق قبل نهايته بقليل عندما يمرّ أمامه، ويفوز به وبالكأس.

هو يطمح إلى ذلك بكلّ جدية، فالعام الماضي فعل الأمر نفسه لكنّه حلّ في المركز الثاني ونال ميدالية فقط، كما يقول بحسرة.

يتركه الرجل، من دون أن يؤنّبه على غشّه: "يجب أن تفوز بكأس الاختباء". يردّ الفتى: "لكنت فزت به لو أنّه موجود". عندها يردّ الرجل مغتاظاً: "مستقبلك السياسي كبير في لبنان.. أقلّه ستصل إلى البرلمان".

اقرأ أيضاً: سندويش الشاورما الأسبوعي
المساهمون