العراقيون يهرعون لتخزين السلع... وسوق سوداء للوقود

04 أكتوبر 2019
بعض تجار السوق السوداء رفعوا أسعار الوقود (فرانس برس)
+ الخط -

رصد مراسل "العربي الجديد" ارتفاعا جديدا في أسعار المواد الغذائية والوقود مع دخول حظر التجوال في العاصمة بغداد يومه الثاني.

وكانت الأسواق العراقية قد شهدت، الخميس، إقبالا غير مسبوق من قبل المواطنين الذين اندفعوا بكثافة إلى الأسواق والمحال التجارية لشراء الأغذية بهدف تخزينها بالإضافة إلى زيادة الإقبال على محطات الوقود لتموين سياراتهم وشراء غاز التدفئة.

وتزامن ذلك مع فرض السلطات العراقية حظرا للتجوال في العاصمة بغداد وعدد من مدن جنوب البلاد تسبب في انقطاع الطرق وعدم وصول أي بضائع للعاصمة، سواء غذائية أو استهلاكية، وخاصة الخضروات والوقود. 

ومع تصاعد توتر الأوضاع الأمنية ولتجارب سابقة لديهم، حرصوا على شراء أي شيء ممكن أن ينفعهم، ما تسبب في ارتفاع ملحوظ بالأسعار لكثير من السلع في الأسواق إلى الضعفين أو أكثر، كما خلت الأسواق من بعض البضائع، مثل الفواكه والخضروات نتيجة عدم القدرة على إدخالها إلى بغداد.

وقالت مصادر محلية في بغداد لـ"العربي الجديد"، إن القوات الأمنية قطعت الطرق المؤدية إلى محطات الوقود، ما دفع المواطنين إلى الوصول إليها عبر أزقة فرعية، مشيرة إلى أن هذه المحطات شهدت زحاما كبيرا، بينما أعلنت بعضها أن كميات الوقود التي كانت مخزنة فيها نفدت بسبب الطلب الكبير عليها. 

وأكدت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، أن بعض تجار السوق السوداء رفعوا أسعار وقود الغاز، إذ بلغ سعر القنينة الواحدة 20 ألف دينار عراقي (18 دولارا)، بعد أن كان سعرها لا يتجاوز 6 آلاف دينار في الأوضاع الطبيعية.

وفرضت قوات الأمن العراقية، فجر الخميس، حظرا شاملا للتجوال في عموم العاصمة، تطبيقا لقرار رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، في مسعى لاحتواء موجة الاحتجاجات التي انطلقت الثلاثاء الماضي.

وقال المواطن سعد فياض، وهو من سكان حي الكرادة في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن أسعار المواد للغذائية ارتفعت بشكل جنوني خلال الساعات الماضية، مؤكدا لـ"العربي للجديد"، أنه اضطر لشراء كميات كبيرة من بعض المواد الضرورية، كالدقيق والرز والسكر والخضار والبقوليات خشية استمرار أزمة التظاهرات وقتا أطول.

أما طلال الحسناوي، وهو أحد تجار الجملة بساحة عدن في بغداد، فقال لـ"العربي الجديد"، إن جميع مخازنه خلت من المواد الغذائية التي بيعت بالكامل، الليلة قبل الماضية وصباح أمس الخميس، لأصحاب المحال التجارية في المناطق السكنية بعد حجزها عن طريق الموبايل.

وأشار الحسناوي إلى أن فرض حظر التجوال في بغداد ومحافظات جنوبية كان حائلا دون وصول بضائع جديدة، وأن هذه البضائع من إقليم كردستان أو وصلت عن طريق البصرة التي تشهد هي الأخرى تظاهرات عارمة.

ضابط بوزارة الداخلية العراقية قال، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن قوات الأمن لم تقصد التسبب بأزمة معيشية عبر حظر التجوال، بل هي تطبق أومر الجهات العليا.

وأكد الضابط، الذي رفض ذكر اسمه، أن تطبيق الحظر لا يميز بين سيارة تحمل مدنيين وأخرى تنقل البضائع، مبينا أن نقاط التفتيش الموقتة التي فرضت بسبب حظر التجوال سترفع بعد استقرار الأوضاع الأمنية.
فيما أوضح عضو غرفة تجارة بغداد أن الشاحنات المحملة بالبضائع تقف عند حواجز التفتيش على حدود بغداد، ولا يسمح لها بالدخول، ولو صبر الناس قليلا لكان أفضل، فالسلطات ستسمح بإدخالها خلال يوم على أقصى تقدير. 

وتابع عضو الغرفة، الذي رفض ذكر اسمه: "الإقبال على الأسواق رفع الأسعار، وللأسف هناك من استغل الأزمة بالتأكيد"، معتبرا أنها مؤقتة ولن تدوم.

ويعاني العراقيون من موجة غلاء حادة في مختلف السلع والخدمات وسط تراجع مؤشرات الاقتصاد العراقي. وكشفت تقارير حكومية حديثة ارتفاع معدلات التضخم لمستويات كبيرة خلال الفترات الأخيرة.


ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة بغداد خليل الصالحي، إن استمرار حظر التجوال ينذر بتفاقم الأوضاع الاقتصادية في البلاد، ويبعث برسائل سيئة للمستثمرين أو من يفكر بضخ رؤوس أموال في العراق مستقبلا.

وأضاف الصالحي أن التضييق الحالي أصاب المواطن والشركات، ومسألة قطع الإنترنت عن البنوك والمؤسسات المالية بالتأكيد كبدها خسائر غير منظورة النسبة حاليا، مبينا أن الحكومة مطالبة بوضع حلول عاجلة والتخلي عن فكرة القطع والحجب في كل أزمة، فهي لا تتسبب إلا بنتائج عكسية على الاقتصاد العراقي المنهك أصلا.

وبسبب التوترات أغلقت إيران معبري خسروي بمحافظة "كرمانشاه"، وجذابة في "خوزستان" الحدوديين، بسبب تطور الأوضاع الأمنية في العراق. ويستخدم المعبران في نقل البضائع بالإضافة إلى عبور المسافرين.

وفي بيان صادر عنه، أمس، قال قائد حرس الحدود الإيراني، قاسم رضائي، إنه تم إغلاق منفذي "خسروي" و"جذابة" الحدوديين مع العراق اعتبارا من ليلة الأربعاء/ الخميس، بسبب الأحداث التي تشهدها بغداد ومدن أخرى.

وأوضح رضائي أنه ستجري إعادة فتح المعبرين بعد توقف الأحداث في العراق وتوفر الأمن للمنافذ الحدودية.

المساهمون