وسيحذر جونسون، في كلمته، من إمكانية الانسحاب من المفاوضات إذا لم تناسب الرغبة البريطانية، مفضلاً القبول بالتعرفة الجمركية على البضائع، على الالتزام بقواعد الاتحاد الأوروبي. ويشدد جونسون على أنّ اتفاق تجارة حرة يجب ألا يحتوي بالضرورة على قبول قواعد الاتحاد الأوروبي.
وسيؤكد جونسون أنّ خروج بريطانيا من السوق المشتركة، كان ثمناً لاستعادتها السيطرة التامة على قوانينها، مطالباً قادة الاتحاد بالالتزام بجانبهم من اتفاق "بريكست".
ويشمل اتفاق "بريكست" إعلاناً سياسياً غير ملزم، يحتوي على تصور الطرفين لطبيعة العلاقة بينهما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد.
وفي أجزاء من كلمته وزعتها الحكومة البريطانية، وحصل "العربي الجديد" على نسخة منها، يقول جونسون إنه "لا حاجة لاتفاق تجارة حرة يشمل القبول بقواعد الاتحاد الأوروبي حول سياسة المنافسة، أو الدعم الحكومي، أو الحماية الاجتماعية، أو البيئة، أو أي شيء مماثل، أكثر من حاجة الاتحاد الأوروبي للقبول بالقواعد البريطانية".
ويضيف أنّ "بريطانيا ستحتفظ بأعلى المعايير في هذه النواحي، بل وأفضل، في العديد منها، من الاتحاد الأوروبي، ومن دون إجبار في شروط معاهدة، ومن الضروري تأكيد ذلك الآن".
وأكد أنّه "قيل لنا إننا يجب أن نختار بين الوصول التام إلى السوق الأوروبية، وقبول قواعدها ومحاكمها، كما هو حال النموذج النرويجي، أو الحصول على اتفاق تجارة حرة طموح، والذي قد يفتح أبواب الأسواق ويجتنب الخضوع التام للقواعد الأوروبية، على النموذج الكندي"، مضيفاً: "لقد حسمنا أمرنا: نريد اتفاق تجارة حرة شبيهاً بذلك الخاص بكندا، ولكن وفي حال فشلنا في التوصل إلى ذلك، وهو أمر مستبعد، فإنّ الاتفاق التجاري سيكون مبنياً على اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي".
وشدد على أنّ "الخيار أمامنا ليس اتفاقا أم لا اتفاق. إنما السؤال هو ما إذا كنا سنوافق على علاقة تجارية مع الاتحاد الأوروبي شبيهة بتلك الخاصة بكندا أو تلك الخاصة بأستراليا"، مضيفا أنّه "في الحالتين، لا شك لدي في أن بريطانيا ستزدهر. وبالطبع فإن العلاقة الجديدة مع أقرب جيراننا ستمتد إلى ما هو أبعد من التجارة. سنسعى لاتفاق عملي حول الأمن وحماية مواطنينا من دون التعدي على استقلالية الأنظمة القانونية الخاصة بالطرفين".
وكانت بريطانيا والاتحاد الأوروبي قد دخلا في خلاف حول تفسير التزامات الجانبين، في ما يتعلق بـ"المنافسة العادلة" في الاتفاق المستقبلي.
وأعربت الحكومة البريطانية عن استيائها من إصرار بروكسل على أن تتبع بريطانيا مجموعة من القواعد الأوروبية، ليست مفروضة على كندا في اتفاقها الخاص بالتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي.
وكانت كندا قد تعهدت بالتزامات عامة، على سبيل المثال، بعدم تقويض حقوق العمال، في سعي منها لجلب الاستثمارات. بينما يطلب الاتحاد الأوروبي من بريطانيا، الالتزام قانوناً بقواعد العمالة الأوروبية.
ويجادل الاتحاد الأوروبي بأنّ موقع بريطانيا وحجم اقتصادها، يتطلبان التزامات مختلفة عن تلك المطلوبة من كندا. وهو ما دفع جونسون للتحذير من استعداده للانسحاب من المفاوضات، والالتزام بالنموذج الأسترالي.
ولا تمتلك أستراليا اتفاق تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي، بل هناك اتفاقية شراكة تشمل تعرفة جمركية محددة على البضائع والمنتجات الزراعية.
وستسعى بريطانيا إلى الدخول في مفاوضات تجارية مع أطراف أخرى خلال التفاوض مع الاتحاد الأوروبي، ومنها اليابان وأستراليا وغيرهما.
بينما قد لا تكون المفاوضات مع الولايات المتحدة بالسهولة التي يتوقعها جونسون، نظراً للخلاف حول مسألة "هواوي"، وضريبة الشركات الرقمية، إضافة إلى أنّ 2020 هو عام الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وكان وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، قد أشار، أمس الأحد، إلى أنّ الالتزام بقواعد الاتحاد الأوروبي يناقض الهدف من "بريكست". واستدرك بالقول إنّ بريطانيا "ستدخل المفاوضات بروح إيجابية وحسن نية".
وقال راب، في مقابلة مع "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي): "نتوقع من الجانبين الالتزام بتعهداتهما. ونريد أن نكون واضحين أن الاتفاق على النموذج الكندي لا يشمل التوافق التنظيمي". ويشتمل الاتفاق التجاري بين كندا والاتحاد الأوروبي على إزالة التعرفة الجمركية عن معظم البضائع المتداولة بين الجانبين.
وكانت بريطانيا قد خرجت رسمياً من الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة الماضي، بعد مفاوضات مرهقة استمرت لأكثر من ثلاث سنوات. ودخلت لندن بعد ذلك في مرحلة انتقالية، تستمر فيها الأمور على ما هي عليه، حتى نهاية العام الجاري. ويستغل الطرفان فترة الـ11 شهراً الجارية للتفاوض على اتفاق تجاري جديد يرسم العلاقة بينهما مع ابتداء عام 2021.
موقف أوروبي
وبدوره حدد ميشيل بارنييه كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي، صباح الإثنين، الموقف الأوروبي من المفاوضات المقبلة، وذلك خلال مؤتمر صحافي لم يحمل أي مفاجآت. وبالتزامن مع كلمة بارنييه نُشرت وثيقة تشمل الموقف الأوروبي التفاوضي.
وقال بارنييه إنّ بريطانيا ستحصل على اتفاق تجاري أقل وصولاً إلى السوق الأوروبية المشتركة في موقعها الحالي خارج الاتحاد الأوروبي، إلا أنّ الاتحاد يسعى إلى اتفاق "طموح" مع لندن، بحسب قوله.
وأضاف أنّ "أكثر الشراكات طموحاً هي التي كانت بيننا، لأننا كنا في الاتحاد ذاته"، حيث ستخسر بريطانيا الحقوق والميزات التي تمتعت بها في الاتحاد.
وأصرّ بارنييه على ضرورة "المنافسة العادلة" في التجارة بين الجانبين، وهو ما يتم من خلال الالتزام البريطاني بقواعد الاتحاد الأوروبي، إن أرادت لندن الوصول إلى السوق الأوروبية.
وأوضح أنّ الوثيقة التي ينشرها الاتحاد، اليوم، تشمل الشراكة الاقتصادية والتعاون الأمني وغيرها من القضايا المشتركة بين الطرفين، مشيراً إلى أنّ الاتحاد الأوروبي مستعد لمنح بريطانيا إعفاء من الرسوم الجمركية ومن دون قيود على البضائع، وصفقة طموحة في ما يتعلق بالخدمات المالية. كما سيشمل الاتحاد الأوروبي أيضاً الخدمات الرقمية والحقوق الفكرية فيها.
وأكد أن هذا العرض مشروط بأمرين؛ أولهما أن تكون المنافسة مفتوحة وعادلة على المدى الطويل، وثانيهما ضرورة التوصل إلى اتفاق على حقوق صيد الأسماك في مياه الطرفين.
ونبه بارنييه إلى أن البضائع البريطانية ستخضع للتفتيش في المداخل الحدودية الأوروبية، في ظل عدم الاعتراف المتبادل بالقوانين التنظيمية للطرف الآخر.