أصبح سعر بيع الدولار في لبنان بين 2150 ليرة و2250 ليرة، الأربعاء، مرتفعاً بنسبة تراوح ما بين 42% و49% عن السعر الرسمي المحدد عند 1507 ليرات. أما فيما يتعلق بالشراء، فغالبية محال الصرافة تجيب المواطنين بعبارة واحدة: "لا توجد دولارات".
واقعٌ ألقى بظلاله على القدرة الشرائية التي تتهاوى بسرعة، وسط انخفاض قيمة الرواتب بنسبة الفارق ذاته ما بين سعري الليرة الرسمي والموازي. أما القطاعات الاقتصادية فتواجه مشكلة ضخمة.
ويشكو المستوردون من عدم قدرتهم على الشراء بالدولار وفق السعر الموازي المطروح في السوق، وتسليم السلع وفق الأسعار التي كانت سائدة سابقاً، حيث تصل المنتجات إلى المحال بأسعار مضاعفة، وإلى المستهلك بقيم أعلى بعد إضافة أرباح التجار.
بعض المؤسسات بدأ يقفل أبوابه لعدم قدرته على تحمّل أكلاف التشغيل. البعض الآخر يحذّر من الإفلاس، وتشكو قطاعات مختلفة من ضعف الطلب وتلوّح بصرف المزيد من العمال.
اقــرأ أيضاً
هذا باختصار ما يحصل في لبنان، بموازاة تعنّت السلطة السياسية في الاستجابة إلى مطالب الشارع، الذي أطلق انتفاضة، في 17 تشرين الأول/أكتوبر، ضد الفساد، مطالباً بحكومة انتقالية تتكون من مستقلين خارج الأحزاب التي أدت إلى إفلاس البلد بسياساتها ومحاصصاتها.
وبدلاً من ذلك، شهد لبنان توتراً أمنياً في عدد من المناطق، حمل صبغة مذهبية وطائفية وحزبية، تعيد إلى أذهان اللبنانيين مشاهد سابقة من الحرب الأهلية.
يقول أحد خبراء الاقتصاد (طلب عدم الكشف عن اسمه)، أن الأمور تنحو صوب أزمة مفتوحة. يشرح أن المصارف لم تعد قادرة على تلبية الطلب على الدولار "تقوم كل يوم بخفض سقف السحب، مع احتجاز للودائع، بموازاة خلاف ما بين المصارف ومصرف لبنان المركزي، حول عدم تجاوبها مع شراء الدولارات من المركزي بفائدة 20%، ولا بزيادة رأسمالها نحو 10% حتى نهاية العام".
ويضيف: "هذه الفوضى تتزامن أيضاً مع حالة من الاستنفار لدى الطبقة السياسية التي ترفض السير باتفاق على حل لتشكيل الحكومة يراعي توقعات جمهور الانتفاضة، ولا تطرح تسويات تقليدية للأزمة".
يتابع الخبير الاقتصادي، لـ "العربي الجديد": "البنك الدولي يتوقع ارتفاع التضخم 35% في لبنان، في حين أن زيادة الأسعار بنسبة 25% سترفع الفقر من 30% إلى 52%".
ويتوقع أنه "خلال شهرين أو ثلاثة سيتضاعف مؤشر الفقر، في حين لا توجد حتى الآن أرقام حول ارتفاع نسبة البطالة، ولا حلول جدية مطروحة".
ويتابع: "الناس أوقفت مصاريفها غير الملحّة، والمستوردون يلجؤون إلى الدولارات في السوق الموازية للحصول على البضائع من الخارج. بدأنا نشهد انقطاعات في بعض المواد، والمؤسسات الاقتصادية تواجه بدورها أزمة تشغيل. الأزمة كبيرة وما هو قادم صعب جداً".
وكان رئيس جمعية تجار بيروت، نقولا شماس، الذي يعتبر جزءاً من الهيئات الاقتصادية التي تبدأ إضراباً اليوم الخميس ويستمر حتى السبت، لفت إلى أن "50% من المؤسسات والشركات لا يمكن أن تستمرّ وتصمد 6 أشهر. وستقوم غالبية المؤسسات بصرف العمال أواخر الشهر الحالي وخفض رواتب موظفيها أو عدم دفعها بالكامل. وبالتالي لا يمكن للهيئات الاقتصادية أن تبقى صامتة تجاه هذا الواقع".
وأضاف "إننا دخلنا اليوم المرحلة القاتلة، حيث باتت الضرورات تبيح كل المحظورات. ومع تراجع أعمال الشركات بنسبة 80%، لم يعد أمامها سوى المفاضلة بين دفع الضرائب للدولة أو للموردين أو تسديد الفوائد المصرفية أو دفع رواتب موظفيها".
وفي السياق، أعلن مجلس إدارة نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري، في بيان، أن 265 مؤسسة من المؤسسات التي تتعاطى الطعام والشراب أقفلت أبوابها نهائياً في غضون شهرين. ومن المتوقع أن يرتفع عدد الإقفالات النهائية أكثر فأكثر خلال الشهر الحالي، لتنضم 200 مؤسسة أخرى إلى سابقاتها".
اقــرأ أيضاً
ويلفت رئيس جمعية المستهلك زهير برو، إلى أن الجمعية تقوم بجولات أسبوعية في الأسواق لمراقبة أسعار الغذاء والأدوات المنزلية. ما تم استنتاجه أنه توجد فوضى شاملة على صعيد الأسعار، وكل متجر يسعّر وفق ما يناسبه من دون أي معايير ولا مقاييس ولا اعتبارات لحقيقة الأسعار.
ويضيف: "ما نستطيع قوله إنه يوجد تراجع في القدرة الشرائية بين 25% و30%، وازدياد في الأسعار بين 15% و20% في عدد من مواد الغذاء والأدوات المنزلية. وكل هذه المؤشرات تشهد تغييرات سريعة تكاد تكون يومية، وكل الدلائل تقول إن هذه انسب تتجه صعوداً في الفترة المقبلة".
فكيف يمكن للمستهلكين التعامل مع هذه الأزمات؟
يقول برو إنه "على المستهلك أن يبحث بين المتاجر عن السعر الأفضل. لا توجد حلول خلال الحالة الراهنة. الحكومة دخلت في التشبّه بالأشباح، ولا توجد لديها أي فاعلية في السوق".
ويضيف "التقينا مع وزير الاقتصاد وناقشنا الموضوع، وأعتقد أن الملاحقات القضائية يمكن أن تشكل ضغطاً على السوق، بحيث يمكن لمراقبي الوزارة سطر محاضر الضبط وتطبيقها فورا وفق قانون العقوبات، بحيث يتحول الضبط فورا نحو التحقيق القضائي. وحسب الوعود، فإن الوزارة قيد إصدار قرار في هذا الإطار".
أما فيما يتعلق موضوع الدولار واستخدامه في المعاملات الداخلية فـ"هو من أخطر النقاط التي نواجهها اليوم" وفق برو، ويشرح: "تقدمنا بدعوى قضائية ضد شركتي الخليوي "أم تي سي" و"ألفا" في هذا الإطار، حتى الآن واجهت الشركتان الدعوى بالاعتراض وطلب رد الدعوى، وننتظر مسارها".
ويلفت برو إلى أن تسعير خطوط التشريج بالليرة يخفف العبء عن 4.83 ملايين مشترك، وهذا الأمر يقلص قليلاً من الأكلاف الإضافية التي يتحملها المستهلك نتيجة هذه الأزمة القائمة".
ويؤكد برو أن "الخط الساخن لتلقي الشكاوى في الجمعية لم يتوقف خلال الأيام الماضية، حيث يشكو المستهلكون من الفوضى والأسعار وأيضاً من المواد الفاسد ومنتهية الصلاحية"، داعياً المواطنين إلى التنبه.
بعض المؤسسات بدأ يقفل أبوابه لعدم قدرته على تحمّل أكلاف التشغيل. البعض الآخر يحذّر من الإفلاس، وتشكو قطاعات مختلفة من ضعف الطلب وتلوّح بصرف المزيد من العمال.
وبدلاً من ذلك، شهد لبنان توتراً أمنياً في عدد من المناطق، حمل صبغة مذهبية وطائفية وحزبية، تعيد إلى أذهان اللبنانيين مشاهد سابقة من الحرب الأهلية.
يقول أحد خبراء الاقتصاد (طلب عدم الكشف عن اسمه)، أن الأمور تنحو صوب أزمة مفتوحة. يشرح أن المصارف لم تعد قادرة على تلبية الطلب على الدولار "تقوم كل يوم بخفض سقف السحب، مع احتجاز للودائع، بموازاة خلاف ما بين المصارف ومصرف لبنان المركزي، حول عدم تجاوبها مع شراء الدولارات من المركزي بفائدة 20%، ولا بزيادة رأسمالها نحو 10% حتى نهاية العام".
ويضيف: "هذه الفوضى تتزامن أيضاً مع حالة من الاستنفار لدى الطبقة السياسية التي ترفض السير باتفاق على حل لتشكيل الحكومة يراعي توقعات جمهور الانتفاضة، ولا تطرح تسويات تقليدية للأزمة".
يتابع الخبير الاقتصادي، لـ "العربي الجديد": "البنك الدولي يتوقع ارتفاع التضخم 35% في لبنان، في حين أن زيادة الأسعار بنسبة 25% سترفع الفقر من 30% إلى 52%".
ويتوقع أنه "خلال شهرين أو ثلاثة سيتضاعف مؤشر الفقر، في حين لا توجد حتى الآن أرقام حول ارتفاع نسبة البطالة، ولا حلول جدية مطروحة".
ويتابع: "الناس أوقفت مصاريفها غير الملحّة، والمستوردون يلجؤون إلى الدولارات في السوق الموازية للحصول على البضائع من الخارج. بدأنا نشهد انقطاعات في بعض المواد، والمؤسسات الاقتصادية تواجه بدورها أزمة تشغيل. الأزمة كبيرة وما هو قادم صعب جداً".
وكان رئيس جمعية تجار بيروت، نقولا شماس، الذي يعتبر جزءاً من الهيئات الاقتصادية التي تبدأ إضراباً اليوم الخميس ويستمر حتى السبت، لفت إلى أن "50% من المؤسسات والشركات لا يمكن أن تستمرّ وتصمد 6 أشهر. وستقوم غالبية المؤسسات بصرف العمال أواخر الشهر الحالي وخفض رواتب موظفيها أو عدم دفعها بالكامل. وبالتالي لا يمكن للهيئات الاقتصادية أن تبقى صامتة تجاه هذا الواقع".
وأضاف "إننا دخلنا اليوم المرحلة القاتلة، حيث باتت الضرورات تبيح كل المحظورات. ومع تراجع أعمال الشركات بنسبة 80%، لم يعد أمامها سوى المفاضلة بين دفع الضرائب للدولة أو للموردين أو تسديد الفوائد المصرفية أو دفع رواتب موظفيها".
وفي السياق، أعلن مجلس إدارة نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري، في بيان، أن 265 مؤسسة من المؤسسات التي تتعاطى الطعام والشراب أقفلت أبوابها نهائياً في غضون شهرين. ومن المتوقع أن يرتفع عدد الإقفالات النهائية أكثر فأكثر خلال الشهر الحالي، لتنضم 200 مؤسسة أخرى إلى سابقاتها".
ويلفت رئيس جمعية المستهلك زهير برو، إلى أن الجمعية تقوم بجولات أسبوعية في الأسواق لمراقبة أسعار الغذاء والأدوات المنزلية. ما تم استنتاجه أنه توجد فوضى شاملة على صعيد الأسعار، وكل متجر يسعّر وفق ما يناسبه من دون أي معايير ولا مقاييس ولا اعتبارات لحقيقة الأسعار.
ويضيف: "ما نستطيع قوله إنه يوجد تراجع في القدرة الشرائية بين 25% و30%، وازدياد في الأسعار بين 15% و20% في عدد من مواد الغذاء والأدوات المنزلية. وكل هذه المؤشرات تشهد تغييرات سريعة تكاد تكون يومية، وكل الدلائل تقول إن هذه انسب تتجه صعوداً في الفترة المقبلة".
فكيف يمكن للمستهلكين التعامل مع هذه الأزمات؟
يقول برو إنه "على المستهلك أن يبحث بين المتاجر عن السعر الأفضل. لا توجد حلول خلال الحالة الراهنة. الحكومة دخلت في التشبّه بالأشباح، ولا توجد لديها أي فاعلية في السوق".
ويضيف "التقينا مع وزير الاقتصاد وناقشنا الموضوع، وأعتقد أن الملاحقات القضائية يمكن أن تشكل ضغطاً على السوق، بحيث يمكن لمراقبي الوزارة سطر محاضر الضبط وتطبيقها فورا وفق قانون العقوبات، بحيث يتحول الضبط فورا نحو التحقيق القضائي. وحسب الوعود، فإن الوزارة قيد إصدار قرار في هذا الإطار".
أما فيما يتعلق موضوع الدولار واستخدامه في المعاملات الداخلية فـ"هو من أخطر النقاط التي نواجهها اليوم" وفق برو، ويشرح: "تقدمنا بدعوى قضائية ضد شركتي الخليوي "أم تي سي" و"ألفا" في هذا الإطار، حتى الآن واجهت الشركتان الدعوى بالاعتراض وطلب رد الدعوى، وننتظر مسارها".
ويلفت برو إلى أن تسعير خطوط التشريج بالليرة يخفف العبء عن 4.83 ملايين مشترك، وهذا الأمر يقلص قليلاً من الأكلاف الإضافية التي يتحملها المستهلك نتيجة هذه الأزمة القائمة".
ويؤكد برو أن "الخط الساخن لتلقي الشكاوى في الجمعية لم يتوقف خلال الأيام الماضية، حيث يشكو المستهلكون من الفوضى والأسعار وأيضاً من المواد الفاسد ومنتهية الصلاحية"، داعياً المواطنين إلى التنبه.