كيف يتأثر اقتصاد الحوثيين بهجمات إسرائيل على إيران؟

28 أكتوبر 2024
يمنيون يتسوقون في سوق بالعاصمة صنعاء (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعتمد جماعة الحوثيين بشكل كبير على الدعم الإيراني ونهب الموارد المحلية، حيث استولت على الاحتياطي النقدي للبنك المركزي اليمني والصناديق السيادية، وتستخدم غسل الأموال والضرائب غير المشروعة لتمويل أنشطتها.

- تعتمد الجماعة على بيع المشتقات النفطية من إيران وشراء النفط من الإمارات لبيعه بأسعار مضاعفة، بالإضافة إلى الزكاة والتحويلات المالية من الخارج، مما يعزز اقتصادها رغم الامتناع عن دفع الرواتب.

- تأثير الضربات الإسرائيلية على إيران سيكون محدوداً على الحوثيين، حيث تعتمد الجماعة على موارد محلية كبيرة، لكن أي تدهور في النظام الإيراني قد يؤثر على الدعم المقدم لهم.

 

مع الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على إيران، يأتي السؤال عن حجم تضرر حلفاء إيران في المنطقة العربية من هذه الهجمات اقتصادياً، وفي مقدمتهم جماعة أنصار الله (الحوثيين) التي تُعَدّ من أبرز حلفاء إيران، إذ يعتمد اقتصادها في بعض جوانبه على الدعم الإيراني. ويأتي ذلك بعد توجيه إسرائيل ضربة عسكرية لمواقع إيرانية، رداً على استهداف طهران مواقع إسرائيلية.
وكان النظام الإيراني قد أطلق مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الجاري أكثر من 200 صاروخ على مواقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، رداً على مقتل رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وفقاً لما قالته طهران. واستهدفت هذه الضربات، حسب الإسرائيليين، قواعد للقوات الجوية، فيما أعلن الإسرائيليون أنه لم تتضرر أي بنية تحتية، وأن الهجوم لم يلحق أضراراً بأيّ طائرة أو يتسبب في أي إصابات.

الاعتماد على طهران ونهب الخزينة

منذ ما قبل انقلاب الحوثيين على الدولة في 21 سبتمبر/ أيلول 2014 عملت الجماعة على بناء كيانها الاقتصادي، إذ اعتمدت على الدعم الذي تحصل عليه من إيران في شراء العقارات والأراضي، وتأسيس شركات ومؤسسات مالية، والاستثمار في دول أخرى على رأسها لبنان.
وعقب الانقلاب، أقدم الحوثيون على نهب الاحتياطي في البنك المركزي اليمني في صنعاء، إذ اتهمهم رئيس الوزراء اليمني الأسبق أحمد عبيد بن دغر، بنهب أربعة مليارات دولار من الاحتياطي النقدي في البنك المركزي، فيما أكد خبراء اقتصاد أن ما نُهب يبلغ 5 مليارات دولار، ونحو تريليوني ريال يمني. واستولى الحوثيون أيضاً على الصناديق السيادية، وصندوق التقاعد الذي يقدر بنحو 7 مليارات ريال، وصندوق وزارة الدفاع الذي يتجاوز عشرات المليارات، ومدخرات هيئة التأمينات التي تتجاوز 10 مليارات ريال يمني (الدولار = نحو 520 ريالاً يمنياً في صنعاء حالياً).

وتُعَدّ عملية غسل الأموال من أهم العمليات التي يعتمد عليها اقتصاد الحوثيين، حيث أفاد تقرير صادر عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي عام 2022 بأن حجم الأموال المغسولة خلال فترة الحرب في اليمن يتجاوز 30 مليار دولار، وهو رقم يعادل موازنة اليمن لثلاثة أعوام في الظروف الطبيعية.

كذلك فإن الضرائب والجمارك والجبايات المالية غير المشروعة تُعَدّ من أهم الأوعية الإيرادية للحوثيين، التي من خلالها تجري تنمية اقتصاد الجماعة، حيث إن مناطق الحوثيين تضمّ ما بين 75 - 80% من سكان اليمن، وتُجبى مليارات الريالات منهم سنوياً.
ويمارس الحوثيون غسل الأموال عبر شركات صرافة غير مرخصة رسمياً واستغلال سوق العقارات غير المنظم، وتجارة المشتقات النفطية، وتهريب الأموال إلى الخارج، والاستيلاء على أموال الخصوم السياسيين، واستخدام ما يُسمى بالحارس القضائي للاستحواذ على الشركات والمستشفيات.
 

معونات نفطية وإيرادات ضخمة

ويعتمد الاقتصاد الحوثي على بيع المشتقات النفطية التي تحصل عليها الجماعة كمعونات من النظام الإيراني، فضلاً عن شرائها النفط من الإمارات عبر تجار تابعين للجماعة، وبيعه في مناطق سيطرتها بسعر مضاعف وفقاً لما تحدث به مصدر خاص لـ"العربي الجديد" طلب عدم الكشف عن هويته.
وتُعَدّ الزكاة من أهم الموارد المالية للحوثيين الذين أنشأوا هيئة خاصة بها، وفي هذا السياق ذكر فريق خبراء العقوبات الأممي المعنيّ باليمن في تقرير سابق له أنّ إيرادات الزكاة بلغت نحو 45 مليار ريال بالطبعة المتداولة القديمة، متهماً الجماعة بإنشاء شركات خاصة لتمويل الحرب مع مواصلة الامتناع عن دفع الرواتب، واستيلائها على نحو 70% من إجمالي الموارد في اليمن.
كذلك، تُعَدّ التحويلات المالية من الخارج إلى مناطق سيطرة الحوثيين ذات الكثافة السكانية الكبيرة من أهم الموارد المالية التي تغذي اقتصاد الحوثيين، إذ تقدر التحويلات المالية إلى اليمن سنوياً بما يقرب من 9 مليارات دولار، معظمها من المغتربين، وجزء منها تحويلات المنظمات الدولية.

تأثير محدود للضربات الإسرائيلية على الحوثيين

المحلل الاقتصادي عبد الرحمن المقطري قال لـ"العربي الجديد" إن "الاقتصاد في مناطق سلطة حكومة صنعاء يمثل 70 - 75% من الاقتصاد اليمني، والموارد التي تحصل عليها سلطة صنعاء كبيرة جداً مقارنة بالموارد التي تحصل عليها سلطة الحكومة المعترف بها دولياً في عدن، فموارد سلطة صنعاء بالذات تأتي من الضرائب والجمارك والزكاة، ومن عوائد الإتصالات، وكل هذه موارد تصبّ في إطار الميزانية غير المعلنة لسلطة صنعاء، وتمثل أرصدة ضخمة تفوق أكثر من تريليون ريال".

وأضاف المحلل الاقتصادي أن "تأثير أي ضربة على إيران سيكون محدوداً على الحوثيين، وإن كانت هناك موارد اقتصادية تأتيهم من إيران بشكل معونات نفطية، كالنفط والغاز وغيره، وقد يتأثر هذا الجانب، لكنّ الجوانب الأخرى المتعلقة بالضرائب والجمارك والرسوم والزكاة والأوقاف لن تتأثر".
وأشار المحلل الاقتصادي إلى أن "عوامل استقرار العملة في مناطق الحوثيين تعود إلى غياب العرض النقدي، كما أنّه لا طباعة للنقود، ولا عملة جديدة، وكلّ هذا يجعل سعر الصرف شبه ثابت مقارنة بعدن، فالحكومة في عدن تمول نفقاتها من طباعة النقود، ومن الاقتراض من البنك المركزي، لكن في صنعاء لا تنفق الحكومة شيئاً على مشاريع أو رواتب، ولهذا لا ضغط على العملة". تابع: "هذا ما يستدعي التأمل في آلية أو إدراة الموارد في صنعاء مقارنة بإدارة الموارد في عدن، ففي الأخيرة الموارد جميعها مبعثرة ما بين المخا وعدن ومأرب وحضرموت، ولا تصب في ميزانية الحكومة، بينما سلطة صنعاء تسيطر على كل الموارد، وهذا هو عامل استقرار قوي لها، ولديها موارد ضخمة تجعلها في غنى عن أي تأثيرات عليها".
الصحافي محمد الحكيمي، قال لـ"العربي الجديد" إن "هناك علاقة بين الجانب السياسي والجانب الاقتصادي لأي أزمة، وكلا الجانبين يتأثر ويؤثر في الآخر، وبلا شك فإن أي ضربة إسرائيلية على إيران ستؤثر بشكل أو بآخر في النظام الإيراني وتماسكه، وهذا سيؤثر أيضاً في الجماعات الموالية له في المنطقة العربية، وفي مقدمتها جماعة الحوثي التي لا تساوي شيئاً دون الدعم الإيراني المقدم إليها، سواء في الجانب السياسي أو الاقتصادي أو العسكري".
وأضاف الصحافي أنّ جماعة الحوثيين فشلت حتى الآن في التحول من مليشيا إلى دولة، على الرغم من سيطرتها على صنعاء والمدن الشمالية، وسيطرتها على معظم موارد البلاد، لكنها حتى الآن تعجز عن الإيفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها، وفي مقدمتها صرف الرواتب المقطوعة منذ عام 2016، وتقديم الخدمات العامة، وبالتالي لا يمكن أن نتكلم عن اقتصاد حقيقي لحكومة الحوثيين".

المساهمون