الجوع يفتك بالأسر الأكثر فقراً في غزة بسبب توقف الإعانات الاجتماعية

28 أكتوبر 2024
فلسطينيون بأوعية فارغة في غزة (عبد الرحيم الخطيب/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعاني الأسر الفلسطينية في غزة من أوضاع اقتصادية متدهورة بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر، مما أدى إلى فقدان مصادر الدخل والمساعدات المالية، وارتفاع نسبة البطالة والفقر إلى 100%.

- تتفاقم الأزمة المالية بسبب الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني، مما حرم 81 ألف أسرة فقيرة من المخصصات المالية، وزاد من معاناتها في ظل الظروف القاسية.

- يواجه سكان مراكز الإيواء صعوبات كبيرة في تلبية احتياجاتهم الأساسية، ويطالب مستحقو الرعاية الاجتماعية بصرف المخصصات المالية بشكل عاجل.

 

لا تجد الفلسطينية، خديجة أبو حميد، ما تقدمه لأطفالها في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعانيها أسرتها بفعل تواصل العدوان الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفقدان مختلف مصادر الدخل أو مخصصات الأسر الفقيرة التي كانت تتلقاها كل ثلاثة أشهر من السلطة الفلسطينية، الأمر الذي فاقم سوء أوضاعهم المتردية أصلاً.
ويتشارك المستفيدون من الإعانات الاجتماعية والمصنفون رسمياً بأنهم أفقر الفقراء أو ضمن الشرائح الأكثر هشاشة، في الواقع الصعب الذي يمر به أهالي غزة، منذ بدء الحرب التي ضاعفت نسب البطالة والفقر، والذي وصل وفق الإحصائيات الرسمية الأخيرة إلى نسبة 100%، جراء خسارة المواطنين بيوتهم ومصادر دخلهم، كذلك مصادر الإعانات والمساعدات الإنسانية والإغاثية.

سبق الأزمة المالية للأسر الفقيرة التي تفاقمت مع انطلاق شرارة العدوان، حصار إسرائيلي مشدد منذ 17 عاماً أثر على مختلف النواحي المعيشية والاقتصادية، إلى جانب الانقسام الفلسطيني الداخلي، الذي حرم الأسر الفقيرة من الحصول على مخصصاتها المالية البسيطة على الرغم من صرف تلك المستحقات كل ثلاثة أشهر، فيما كانت ترجع السلطة الفلسطينية عدم الصرف إلى الأزمة المالية التي تعصف بالحكومة.

ظلال قاتمة على 81 ألف أسرة فقيرة

تلقي الأزمة المالية بظلالها القاتمة على مختلف شرائح المجتمع الفلسطيني، فيما تزداد قساوتها على الشرائح الهشة، وفي مقدمتها منتفعو وزارة التنمية الاجتماعية، والتي تضم كبار السن، والأرامل والمطلقات وذوي الإعاقات المختلفة وأصحاب الأمراض المزمنة.
ويستفيد من برنامج الحماية الاجتماعية النقدية نحو 81 ألف أسرة فقيرة في كل محافظات قطاع غزة، بقيمة تتراوح بين 750 شيكلاً (200 دولار) و1800 شيكل (470 دولاراً) كل ثلاثة أشهر، فيما حُرمت تلك الأُسر منذ بدء الحرب، من الحصول على المُخصصات التي توفرها لهم وزارة التنمية الاجتماعية بدعم من الاتحاد الأوروبي.

خديجة أبو حميد، التي تعيل أبناءها بعد وفاة زوجها، تقول لـ"العربي الجديد" إنها كانت بالكاد توفر المتطلبات الأساسية لأسرتها قبل العدوان، بفعل بساطة المستحقات التي تصرف كل ثلاثة أشهر، والتي تعرضت للقطع التام قبل ما يزيد عن عام سبق الحرب، إلا أن العدوان الإسرائيلي زاد الأمور تعقيداً.

وتلفت أبو حميد إلى تراكم العديد من الأزمات منذ بدء العدوان الإسرائيلي، خاصة بعد خروجها من بيت العائلة جراء التهديدات الإسرائيلية، واضطرارها إلى النزوح داخل مدرسة إيواء تفتقر إلى أدنى المقومات الأساسية. وتضيف: "لم أحصل على خيمة للابتعاد عن الاكتظاظ الشديد داخل المدرسة على الرغم من تسجيلي في مختلف المؤسسات، كما لا أستطيع شراء واحدة لغلاء أسعارها".

صعوبة العيش في مراكز الإيواء

أما الفلسطيني مهند عفانة الذي يعاني إعاقة حركية، فيوضح مدى صعوبة العيش في مراكز الإيواء التي تفتقر للاحتياجات الأساسية للأشخاص من غير ذوي الإعاقة، فيما تتضاعف الأزمات أمام الأشخاص المعاقين، جراء عدم مواءمتها لمتطلباتهم، إلى جانب افتقارها للأدوات المساعدة، أو أي من المعونات الغذائية والإنسانية والطبية.
يلفت عفانة لـ"العربي الجديد" إلى أنه لم يفكر في الخروج من مركز الإيواء على الرغم من الإرهاق الشديد الذي يصيبه بداخله، بسبب عدم امتلاكه المال الذي يُمكّنه من شراء خيمة، أو توفير الطعام والمتطلبات اليومية المهمة لأسرته، موضحاً أنه يعتمد على الوجبات البسيطة التي تُقدّم على نحو غير منتظم داخل مركز الإيواء لسد رمق عائلته.
ويشير عفانة إلى أنه فكر في إنشاء مشروع بسيط لتوفير الدخل اليومي، إلا أنه لا يملك رأس المال، ولم يجد من يقرضه المال بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعانيها الجميع، لافتاً إلى أنه منذ اللحظة الأخيرة التي صرف فيها شيك الشؤون الاجتماعية قبل العدوان لم يحصل على أي مساعدة مالية نقدية.

سلال خاوية من الأصناف الأساسية

أما الفلسطينية فاطمة نويجع فتقول إنها عادت إلى خيمتها بسلة خضار خاوية من أصناف الطعام جراء فقدان العديد من الأصناف الأساسية، وتوفر بعض الأصناف بأسعار فلكية لا يمكنها حتى التفكير بها، خاصة في ظل القطع التام لمخصصات الشؤون الاجتماعية التي كانت تحصل عليها منذ وفاة زوجها قبل بدء العدوان.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

تلفت نويجع لـ"العربي الجديد" إلى أن الأوضاع في السابق لم تكن مريحة أو وردية، إذ كانت تعمل في مجال الخياطة لضمان سداد إيجار المنزل، وتخصيص المستحقات التي يتم صرفها من وزارة التنمية كل ربع سنة أو يزيد لتوفير المتطلبات الأساسية، إلا أن اجتماع النقص والغلاء وفقدان مصادر الدخل "حوّل الحياة إلى جحيم حقيقي".
وتُبيّن نويجع أن العدوان الإسرائيلي لم يكتف بتهجيرها قسراً برفقة أسرتها والتسبب بقطع مصدر دخلها وخسارتها أدواتها وتجريدها من الشعور بالأمان أو الخصوصية، بل وصل إلى حد عدم القدرة على توفير لقمة العيش التي تعتبر من أبسط حقوق ومبادئ الحياة الآدمية الكريمة.
ويطالب مستحقو الرعاية الاجتماعية في غزة بالوقف الفوري لسياسة المماطلة في التعاطي مع مستحقات الشؤون الاجتماعية، التي يعتمد عليها عشرات الآلاف من المرضى والفقراء والأشخاص ذوي الإعاقة، والتعجيل بصرفها لمستحقيها، داعين وزارة التنمية والسلطة الفلسطينية للالتزام بدفع مخصصات الأسر الفقيرة والعمل على زيادتها، لتمكينها من العيش بكرامة، وتوزيع المساعدات على مستحقيها بعيداً عن كل الاعتبارات الأخرى، خاصة مع ارتفاع نسبة الفقر في ظل الحرب الإسرائيلية الطاحنة ضد القطاع.

المساهمون