باتت الشركات ومتاجر القطع في ألمانيا تدفع أموالاً مقابل وضع أموالها في حسابها المصرفي في العديد من البنوك الألمانية، وذلك وفقاً لبيانات نشرها البنك المركزي الألماني بعد مسح شمل أكثر من مائتي مؤسسة مالية في ألمانيا، ونشرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أمس الثلاثاء، بعض محتويات المسح.
وحسب المسح الذي أجراه البنك المركزي الألماني "بندسبانك"، فإن 58% من البنوك الألمانية باتت تفرض فائدة سالبة على ودائع الشركات و20% منها تفرض فائدة سالبة على ودائع متاجر القطع.
وتعني الفائدة السالبة، أي أقل من الصفر، أخذ نسبة من أموال العميل. ويعني ذلك من الناحية المالية، أن عملاء معظم البنوك الألمانية من الشركات ومتاجر القطع يدفعون حالياً أموالاً للبنوك الألمانية في مقابل إيداع أموالهم. وهذه البيانات التي وردت في المسح تعطي مؤشرات واضحة على أن البنوك الألمانية باتت تتخوف من تداعيات دخول الاقتصاد الألماني في ركود عميق خلال العام المقبل.
وتستخدم البنوك المركزية الفائدة السالبة لإجبار البنوك التجارية على سحب أموالها من حساباتها مع البنك المركزي وإقراضها للشركات والمستهلكين أملاً في إنعاش الاقتصاد عبر زيادة القوة الشرائية.
ويقول المسح الذي شمل 220 مؤسسة مالية وأجري في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، أي بعد أسبوعين فقط من خفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة من ناقص 0.4% إلى ناقص 0.5%، أن 58% من المصارف تأخذ من الشركات نسبة من إيداعاتها، فيما تفعل 23% من البنوك الأمر نفسه مع متاجر القطع.
وكانت الحكومة الألمانية قد وضعت حزمة إنفاق مالي وحوافز مباشرة لإنقاذ الاقتصاد الذي يترنح على حافة الركود في نهاية أغسطس/آب الماضي. وقال وزير المالية الألماني أولاف شولتز، وقتها، إن الحكومة ستضخ 50 مليار يورو (حوالي 55 مليار دولار) لهذا الغرض.
وأضاف شولتز أن ألمانيا ستتصدى بكل قوتها لأي أزمة مالية. وخلال الأزمة المالية العالمية في 2008، تدخلت ألمانيا بشكل مباشر لدعم الاستهلاك، ومنحت المواطنين قروضاً لشراء السيارات الجديدة بدلاً من سياراتهم القديمة، ودعمت الشركات للاحتفاظ بالموظفين بدلاً من التخلي عنهم، عبر دفع جزء من مرتباتهم.
وفي تقريره الاقتصادي الشهري الذي تم نشره حديثاً، قال البنك المركزي الألماني، إن تباطؤ الاقتصاد الألماني قد يستمر على الأرجح في الربع الأخير من العام الجاري 2019، مع إضافة أنه لا يتوقع أن يزداد التباطؤ بشكل ملحوظ.
وكان الاقتصاد الألماني قد أفلت من الانكماش في الربع الأخير من 2018 حيث ثبت على نسبة صفر في المائة، بعد تراجع بنسبة 0.2 في المائة في الفصل السابق.
وقال محللون إنهم يتوقعون هذا الأداء الذي بلغ أقل من 0.1 في المائة، لكنه يسمح لألمانيا بالإفلات من انكماش تقني يتمثل في تراجع لفصلين متتاليين.
وسجل الاقتصاد الألماني تباطؤاً كما كان منتظراً مع ارتفاع نمو إجمالي الناتج الداخلي 1.4 في المائة خلال عام، بعدما راجع مكتب الإحصاء الألماني تقديرات سابقة أعلنها في يناير/ كانون الثاني للنمو الاقتصادي بنسبة "+1.5 في المائة".
وكانت مجلة دير شبيغل الألمانية قد ذكرت، أن الحكومة الائتلافية في ألمانيا ستكون على استعداد للتخلي عن قاعدة الميزانية المتوازنة وأخذ ديون جديدة للتصدي لركود محتمل.
وتتبنى ألمانيا ميزانية متوازنة منذ عام 2014 وهي قاعدة مالية سنها وزير المالية المحافظ السابق فولفغانغ شويبله وأبقى عليها خلفه الديمقراطي الاجتماعي أولاف شولتس.
لكن وزارة المالية امتنعت عن التعقيب على تقرير دير شبيغل. من جانبها، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن حكومتها لا تزال ملتزمة بمستوى مرتفع للاستثمارات العامة.