تونس تستردّ الأراضي الزراعية المنهوبة

23 مايو 2017
مطالب بإعادة توظيف الأراضي المستردة (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
أعلنت الحكومة التونسية عن خطة لاسترجاع أكبر قدر ممكن من أراضي الدولة التي تم الاستيلاء عليها من قبل نافذين، ما جعلها خارج الدورة الاقتصادية على الرغم من قيمتها العالية.
وتعتبر أراضي الدولة من أخصب وأكبر الأراضي الزراعية في تونس، غير أن غياب الرقابة وسوء استغلالها عبر تعاقدات طويلة الأجل أضعف من مردودها، خاصة أن ريع هذه الأراضي غالبا ما يذهب إلى جيوب المستغلين الذين يتحكمون في هذه المساحات الشاسعة.
وقد كان لهذه السياسة انعكاسات اجتماعية وخيمة على حياة صغار المزارعين، ساهمت الثورة في إبرازها إلى العلن، لتنتظم في شكل حركات احتجاجية مُطالبة بسحب الأراضي من المستثمرين، ما دفع الحكومة إلى فتح هذا الملف والشروع في استعادة جزء من هذه الأراضي المنهوبة.

ويعتبر المهتمون بالشأن الزراعي أن سياسة استرجاع الأراضي الحكومية لا تجري بطريقة تراعي الأوضاع التنموية والاجتماعية للقرى والمدن الحاضنة لهذه الأراضي بل تنطلق من هاجس جلب الأموال لسد العجز الحالي في ميزانية الدولة.
في المقابل، يقول الخبير الزراعي وعضو لجنة الزراعة والأمن الغذائي في البرلمان، ناصر شويخ، إنه لا يمكن الجزم بأن هذا الصنف من الأراضي خارج عن الدورة الاقتصادية، مشيرا إلى جزء من هذه الأراضي يعاني من سوء استغلال نتيجة عدم احترام مستغليه للشروط التي وضعتها الدولة مقابل تمكينهم من هذه المزارع.
وأضاف شويخ في تصريح لـ"العربي الجديد" أن المزارع الحكومية الكبرى على غرار "الشعال" و"تيبار" وغيرها، تساهم بجزء مهم في تزويد الأسواق المحلية من المنتجات الزراعية، ما يؤكد مساهمتها في الدورة الاقتصادية من حيث الإنتاج والتشغيل، مؤكدا أن هذه المزارع تمثل ما بين 25 و30% من الأراضي الراجعة للدولة.

وأضاف المتحدث أن الحكومة مطالبة أيضا بإعادة النظر في مدى جدية مستغلي الأراضي الزراعية التي يتم إسنادها لمهندسي الزراعة وعمال الجمعيات الزراعية، لافتا إلى أن جزءًا مهما من هذه المزارع يعرف تراجعا كبيرا في المردود لأسباب متعددة أهمها غياب التمويلات.
وبحسب دراسة لمركز الدراسات الاستراتيجية، لا يزال جزء مهم من الأراضي الزراعية الحكومية مختفياً وغير معلومة الجهات التي سيطرت عليها على مدار العقود الماضية.
وتشير ذات الدراسة إلى أنه بعد تأميم الأراضي التي كان يستولي عليها المستعمر الفرنسي في مايو/أيار 1962، أحصت الدولة قرابة 828.5 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في حوزتها، إلا أنه بعد سنة 1987 أصبحت مساحتها 500 ألف هكتار فقط، ما يطرح تساؤلا حول 328.5 ألف هكتار لم تعد في حوزة الدولة.

وأثبتت ذات الدراسة أنه بعد الثورة عملت الحكومات على استرجاع جزء من هذه الأراضي سواء التي تخلى عنها مستغلوها أو التي وقع إسقاط حق استغلالها بمقتضى أحكام قانونية.
ودعا كاتب الدولة للإنتاج الزراعي عمر الباهي، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى ضرورة إعادة توظيف أراضي الدولة المسترجعة والمقدرة بنحو 80 ألف هكتار، معتبرا أن هذه الأراضي تدعم القطاع وتُنمي حجم الصادرات الزراعية، فضلا عن ضمان تزويد السوق المحلية وتوفير فرص العمل في المحافظات الداخلية.


المساهمون