كورونا يضرب عمال أوروبا ووظائفهم

01 مايو 2020
أحد مصانع فولكسفاغن كبرى شركات السيارات في ألمانيا (Getty)
+ الخط -


بينما يحاصر الفيروس "كوفيد 19" وتداعيات العزل والإغلاق، الاقتصادات العالمية، ويخسر عشرات الملايين وظائفهم في الولايات المتحدة، ويرتفع العدد في أوروبا إلى أكثر من ذلك بكثير، يجد عمال العالم صعوبة في الاحتفال بعيدهم السنوي، اليوم الجمعة، الذي يصادف مستهل مايو/أيار.

وفي تقريرها الصادر يوم الأربعاء، حذّرت منظمة العمل الدولية من أن استمرار التراجع في ساعات العمل بسبب تفشي جائحة كورونا سيقود إلى زيادة الفقر والمعاناة المعيشية وتجذير الفجوة في الدخول بين الأثرياء والفقراء في أنحاء العالم.

وقالت المنظمة، في بيانها، إن الأزمة الاقتصادية التي أحدثها فيروس كورونا، ألحقت أضراراً بالقدرة على كسب العيش لدى نحو 1.6 مليار عامل في الاقتصاد غير المنظم في أنحاء العالم. وتقدر المنظمة الدولية إجمالي قوة العمل غير المنظم حول العالم بنحو ملياري شخص. وقال المدير العام لمنظمة العمل، غاي رايدر، "خسارة الوظيفة بالنسبة للعمال تعني الفقر المدقع وعدم القدرة على شراء الطعام وانعدام الأمن والمستقبل".

وفي العادة، يمثل يوم الأول من مايو/أيار للعمال في أوروبا وباقي دول العالم، يوم التحرر من رقّ أصحاب المال والمصانع، والنضال المستمر من أجل الحقوق الخاصة بتحديد ساعات العمل، والحد الأدنى من الأجور، والعطل السنوية، والاستحقاقات الوظيفية الأخرى، وإسهاماتهم في تحرير بلدانهم من نير الاستعمار، ولكن عيد العمال هذا العام ربما سيكون عيد نضال العمال والحكومات من أجل الحفاظ على الوظائف وإنقاذ الشركات والمصانع والأعمال التجارية من الإفلاس.

وعلى الرغم من حزم الإنقاذ السخية التي نفّذتها الحكومات الأوروبية، والتي ربما تفوق تريليون دولار في دول الاتحاد الأوروبي ونحو 400 مليار دولار في بريطانيا، ترتفع نسب البطالة مع تراكم خسائر مهمة في قطاع الفنادق والخدمات والطيران، إذ يطارد العديد من شركات الطيران في أوروبا شبح الإفلاس، ما لم تمنح حزم إنقاذ ضخمة خلال الشهور المقبلة وتفتح الحدود أمام حركة الطيران والسفر.

كما تتراكم كذلك خسائر شركات كبرى في التوظيف، مثل شركة إيرباص، التي كشفت عن خسارة بقيمة 481 مليون دولار في الربع الأول. وقال رئيس الشركة إن "أزمة" قطاع الطيران "لا تزال في بدايتها"، متحدثاً عن "أخطر أزمة على الإطلاق واجهها قطاع تصنيع الطائرات".

وفي بريطانيا، توقّع معهد الدراسات الاقتصادية والاجتماعية بجامعة أسكس، أن بريطانيا ربما ستفقد نحو 6.5 ملايين وظيفة، وهو ما يمثل 25% من إجمالي عدد القوة العاملة في بريطانيا. ويرى خبراء أن الحزم السخية التي أعلنت عنها الحكومة البريطانية للأعمال التجارية والشركات، والمقدّرة بنحو 330 مليار جنيه إسترليني، ربما لا تصل كلها للشركات بسبب الإجراءات البيروقراطية وقدرة بعض العمال التجارية على إبراز الوثائق اللازمة.

ويرتفع رقم الإصابات والوفيات في بريطانيا ويفوق حتى الأرقام الرسمية التي أعلن عنها، يوم الأربعاء، كل من فرنسا وإسبانيا، وبالتالي، فإن نقابات العمال تئن تحت ضغط خسارة وظائف أكثر من كونها في جو يسمح لها بالاحتفال بيوم العمال.

وحتى قبل تفشي الفيروس التاجي، فإن النقابات العمالية في بريطانيا تشهد ضموراً وسط تراجع شعبية حزب العمال الذي يميل نحو الاشتراكية ويمثل في تركيبته السياسية ـ الاقتصادية، الطبقات الوسطى وتحت الوسطى وصعود شعبية حزب المحافظين الذي يمثل أصحاب الثروات وكبار موظفي حي المال اللندني وشركاتهم وتقوده مصالح الارستقراطية البريطانية.

وفي ألمانيا التي تعدّ الأفضل استعداداً للتعاطي مع التداعيات السالبة للفيروس وما تبعه من عمليات إغلاق، بدأت الحكومة الفيدرالية في برلين بالتنسيق مع حكومات المقاطعات الألمانية بإجراءات لفك العزلة والإغلاق تدريجياً. وتنفذ الحكومة برنامجاً يجعلها تدفع حصة مالية من أجور الموظفين في الشركات الرئيسية للنمو الاقتصادي. وهو إجراء سيتيح للشركات خفض ساعات العمل لموظفيها وعمالها والحفاظ على المهارات التي دربتها.

أما في إيطاليا التي عادة ما تجري احتفالات غنائية في جميع المدن الإيطالية وتنتهي هذه المسيرات بالحفل الغنائي الضخم في ساحة جيوفاني وسط روما، فإن يوم عيد العمال العالمي سيقتصر على القنوات التلفزيونية والكلمات المتلفزة لقيادات العمال.

وعادة ما تستفيد فنادق العاصمة روما من مناسبات عيد العمال في إنعاش خدماتها الفندقية والمطاعم في الترويج لوجباتها، حيث يتدفق ملايين العمال من الريف للاحتفال في روما. وقدّر تقرير خسارة فنادق روما من هذا الوباء التاجي بنحو 100 مليون دولار يومياً.
المساهمون