شروط جديدة للمركزي السوداني تعرقل الاستيراد

20 يونيو 2018
الإجراءات الحكومية تربك الاستيراد (زكريا غونيس/الأناضول)
+ الخط -
أحجم عدد من الشركات السودانية عن الاستيراد بسبب إجراءات البنك المركزي الأخيرة، والتي اشترط فيها على المستوردين العودة إلى جهات اختصاصهم قبل رفع الطلبات إليه، مخالفاً بذلك ضوابطه السابقة مطلع العام الجاري، الذي قال فيه "على المستوردين الحصول على موافقة البنك المركزي (دون العودة لأي جهة) قبل البدء في عمليات الاستيراد".
ووصف الأمين العام لغرفة المستوردين علي صلاح في تصريحٍ لـ"العربى الجديد"، الاشتراطات التي وضعها البنك المركزي بأنها تزيد من تعقيد إجراءات الاستيراد، لأنها تتطلب معاملات مع جهات جديدة. وانضم وزير التجارة حاتم السر، لقائمة منتقدي سياسة بنك السودان المتعلقة بالاستيراد، حيث نقلت وكالة السودان للأنباء "سونا" قوله إن بعض سياسات وضوابط البنك المركزي الخاصة بالاستيراد "مزعجة" للمستوردين، ولكنه وصفها بأنها "مؤقتة" لمعالجة بعض الصعوبات التي يمر بها الاقتصاد الوطني.
وتأتي الشروط الجديدة في إطار سلسلة الضوابط السابقة التي أعلن عنها، بعد أن قام بحظر 19 سلعة من الدخول إلى السودان بحجة أنها سلع كمالية غير مرغوب فيها نتيجة لشح النقد الأجنبي، حيث يسعى البنك إلى توظيف الدولار في سلع أساسية مهمة.
ولكن فشل الحكومة في إيقاف الارتفاع المستمر لأسعار السلع عقب حظرها 130 شركة تعمل في مجال الاستيراد والتصدير من كافة التعاملات المالية والمصرفية بسبب إجراءات المركزي، جعلها تفتح باب الاستيراد مجدداً لكل السلع.



وجاء حظر الشركات إلحاقاً لما قرره البنك المركزي في أغسطس/ آب من العام الماضي حينما جمد استيراد الأدوية ذات البديل المحلي لدعم الصناعة المحلية لتوفير النقد الأجنبي، إلا أن تلك الإجراءات لم تحقق أغراضها، فاختفت سلع وأدوية من الأسواق وارتفعت أسعارها بصورة كبيرة، ما جعل بنك السودان يعيد النظر في سياساته السابقة.
وتباينت آراء الخبراء حول قرار بنك السودان الأخير والقاضي بتدخل جهات الاختصاص "التجارة المواصفات"، ففي الوقت الذي يرى فيه البعض خطوة جيدة تعيد الثقة لوزارة التجارة للقيام بدورها الأصيل والمواصفات في ضبط الجودة، إلا أن آخرين يرون أنها تمثل تعقيداً إضافياً يعطّل عمليات الاستيراد.
وطالب خبراء اقتصاد بضبط عمليات الاستيراد مع تزايد جهات الاختصاص والشروع في تكوين جسم رقابي منعاً لحدوث سلبيات في التطبيق.
ومن جانبه، قال نائب رئيس الغرفة التجارية سمير أحمد قاسم لـ"العربى الجديد"، إن كثرة التعقيدات تعطل عمليات الاستيراد في الوقت الذي تآكلت فيه رؤوس أموال تجار نتيجة لانهيار أسعار العملة، مشيراً إلى أن فقدان البلاد للنقد الأجنبي يضعها في خانة عدم مواكبة الظروف الاقتصادية. وأضاف: "إذا شعر المستورد بالتضييق عليه وعدم ثبات في السياسات سيتوقف تلقائياً عن الاستيراد، ما قد يقوده إلى اللجوء لوضع أمواله بسوق العقارات والعملات الأجنبية". وتابع قاسم: "عموماً نحتاج إلى مرونة وتسهيلات، حيث أن التعقيدات تضر بالاقتصاد والإنتاج، مما ينعكس سلباً على المواطن في معيشته اليومية".
وقبل نحو شهرين، أعلنت غرفة المستوردين اعتزامها الدفع بمذكرة عاجلة لمحافظ بنك السودان المركزي، تتضمن الأضرار والخسائر التي لحقت بقطاعات المستوردين بسبب إجراءات وسياسات البنك المركزي الخاصة بالوارد وقرارات حظر السلع. وحينها قال رئيس اتحاد الغرف التجارية يوسف أحمد، إن قرارات المركزي المتقلبة ألقت بتداعيات سالبة على النشاط التجاري والاستيراد، مشيراً إلى أن قضية الاستيراد كجزء من الميزان التجاري تستوجب وضوح الرؤية من حيث الاستمرار أو التوقف.
وفي المقابل، يرى الخبير الاقتصادي الفاتح عثمان في حديثه لـ"العربي الجديد" خطوة وضع ضوابط للاستيراد بالجيدة، ولكنها تحتاج إلى تدعيم لتسهيل الإجراءات وحسم الفوضى التي يمكن أن تحدث.
وأكد عثمان أن البنك يفتقر إلى الخبرة في التصديقات وأولويات السلع الواردة في ظل ندرة العملات الأجنبية، مضيفاً أن كثيراً من المعايير كانت معيبة أو بمعنى أدق لا يملك البنك معياراً ثابتاً.
وأوضح الخبير الاقتصادي أنه على الرغم من فترة تحجيم الاستيراد السابقة، إلا أن كل الإجراءات فشلت في توفير السلع الاستراتيجية، فالواضح أن هناك خللا في طريقة الإدارة.
وقال الخبير المصرفي طه حسين لـ"العربى الجديد"، إن المستوردين عليهم ضغط كبير، موضحاً أن استيراد سلع إنتاجية تساعد في زيادة الإنتاج أمر منطقي وتوجه سليم. وطالب بوجود محفزات للمستوردين والمصدرين، مؤكداً على ضرورة وجود تكامل بين بنك السودان المركزي ووزارة التجارة والصناعة بهدف توطين الصناعات المستوردة.
المساهمون