إسرائيل تسعى للسيطرة على محطات إسالة الغاز في مصر

26 مارس 2019
إسرائيل تستهدف تعزيز صادراتها من الغاز (فرانس برس)
+ الخط -
لم تكتفِ دولة الاحتلال الإسرائيلي بالاتفاق على تصدير الغاز إلى مصر، رغم إعلان القاهرة عن اكتشاف أكبر حقل لإنتاج الغاز في منطقة الشرق الأوسط، وهو حقل ظهر، بل أعلنت إحدى الشركات التابعة لها عزمها شراء حصة في مرفأ غاز مسال مصري، في خطوة تستهدف تعزيز وجودها في سوق الطاقة بالمنطقة.
والتزمت وزارة البترول المصرية الصمت تجاه التقرير الذي أصدرته شركة "ديليك دريلينغ" الإسرائيلية، أول من أمس، والذي أشار إلى إمكانية شراء الشركة حصصاً في مرفأ للغاز الطبيعي المسال في مصر.

وقال مصدر مصري في مجال الغاز الطبيعي، لـ "العربي الجديد"، إن طرح الشركة الإسرائيلية فكرة شراء حصص في محطات إسالة الغاز الموجودة في مدينة دمياط (شمالي العاصمة القاهرة) سابقة خطيرة، إذ إن الحديث سابقاً كان عن تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر فقط، ولكن من دون تملُّك رؤوس أموال ثابتة. وأعلنت الشركة الإسرائيلية أنها تستطلع خيارات تعزيز صادرات الغاز الطبيعي إلى مصر، بما في ذلك إمكانية شراء حصص في مرفأ للغاز الطبيعي المسال هناك.
و"ديليك دريلينغ" شريك في حقول غاز بحرية في إسرائيل وقبرص، ووقّعت بالفعل اتفاقات للتصدير إلى مصر. وقالت الشركة، في تقريرها السنوي لعام 2018، إن إحدى قنوات زيادة المبيعات قد تتمثل في مرفأي الغاز المسال قرب إدكو ودمياط على ساحل المتوسط، وإنها "تدرس ترتيبات شتى مع ملاك مرافق التسييل". وأوضحت أن ذلك قد يشمل شراء طاقة تسييل، أو حتى شراء حصص في المحطات ذاتها.

وقال المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، لـ "العربي الجديد"، إن الحديث عن تصدير إسرائيل الغاز الطبيعي لمصر، ليس جديداً؛ إذ إنه تم بالفعل التوصل إلى اتفاقات قبل ذلك، لكن هناك 3 شروط مصرية لإتمام تلك الاتفاقات، وهي موافقة الأجهزة الأمنية، خصوصاً جهاز الأمن القومي، على الاستيراد، ووجود قيمة مضافة للاقتصاد المصري، والشرط الثالث أن تتنازل إسرائيل عن قضايا التحكيم الدولي المرفوعة ضد القاهرة، بسبب توقف ضخ الغاز المصري إلى الأراضي المحتلة.
وأوضح المصدر أن الجديد في الأمر هو الحديث عن شراء إسرائيل حصصاً في محطات الإسالة الموجودة في دمياط.

وقال: "إذا سمحت مصر باستيراد الغاز الطبيعي الذي تسيطر عليه إسرائيل من الأراضي والمياه الإقليمية الفلسطينية المحتلة، ستحقق محطات الإسالة الموجودة في دمياط مكاسب ضخمة، وفي هذه الحالة لن يفكر مُلّاكها في البيع، لأنها ستُدرّ عليهم عائداً كبيراً".
وأضاف المصدر أن "هناك ضغطاً إسرائيلياً على مصر في قضايا التحكيم الدولي، لإجبارها على الاستيراد، لأن الغاز الطبيعي المكتشف في الأراضي والمياه التي تحتلها إسرائيل سيصبح من دون جدوى اقتصادية إذا لم يتم تسييله في مصر، لأنها أقرب دولة تمتلك محطات إسالة، وتكلفة إنشاء مثل تلك المحطات باهظة على إسرائيل. وأضاف المصدر أن إسرائيل، إذا وضعت يدها على محطات الإسالة الموجودة في مصر ستكمل بذلك الحلقة الاقتصادية المتعلقة بإنتاج الغاز الطبيعي، وستصبح قوة اقتصادية في هذا المجال، موضحاً أنه "إذا سمحت مصر باستيراد الغاز، وباعت محطات الإسالة الموجودة لإسرائيل، فسيكون ذلك تحقيقاً لكل الطموح الإسرائيلي في هذا المجال".

واتفق شركاء مصريون وإسرائيليون، في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، على شراء 39 في المائة من أسهم الشركة المالكة لخط أنابيب غاز شرق المتوسط مقابل 518 مليون دولار، في صفقة قالت الشركات إنها ستمكن من البدء في تصدير الغاز إلى مصر ربما في 2019.
وستسمح الصفقة بتزويد مصر بنحو 64 مليار متر مكعب من الغاز، قيمتها 15 مليار دولار، من حقلي تمار ولوثيان البحريين. وتملك شركة غاز شرق المتوسط خط أنابيب تحت البحر يمتد بين عسقلان الفلسطينية المحتلة، والعريش في مصر.

وبغية الشراء في غاز شرق المتوسط، تدفع كل من ديليك دريلينغ الإسرائيلية ونوبل إنرجي التي مقرها تكساس، واللتين تطوران معاً حقول الغاز، 185 مليون دولار، في حين تدفع شركة غاز الشرق المصرية 148 مليون دولار. وقال الرئيس التنفيذي لديليك دريلينغ، يوسي أبو، آنذاك، إن "هذه صفقة تاريخية، تحوّل مصر إلى مركز طاقة إقليمي وتضعها في مصاف مراكز الطاقة العالمية الكبيرة".

وتتضمن الصفقة أيضا موافقة غاز شرق المتوسط على إنهاء التحكيم مع مصر وإسقاط الدعاوى بحق القاهرة فيما يتعلق بإلغاء صفقة غاز قبل عدة سنوات، حسبما ذكرت ديليك في بيان. وتلعب مصانع الإسالة الموجودة على شاطئ البحر المتوسط في مدينتي دمياط وإدكو في مصر، دوراً رئيسياً في عمليات تصدير الغاز، كونها المسؤولة عن تحويله من الحالة الغازية إلى السائلة، ما جعل مصر تمتلك بنية تحتية تؤهلها للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة في المنطقة.

وبدأ تشغيل محطة إسالة الغاز في إدكو عام 2005 باستثمارات تقدر بملياري دولار. وتضم وحدتين لإسالة الغاز بطاقة 7.5 ملايين طن سنوياً.
وتضم المحطة شراكات عديدة، منها 12% للهيئة المصرية العامة للبترول التابعة لوزارة البترول، و12% للمصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) وهي شركة قابضة مصرية تأسست عام 2001 بقرار رئيس مجلس الوزراء، و35.5% لـ"شل"، و35.5% لـ"بتروناس" الماليزية، و5% لـ"إنجي" الفرنسية.

أما محطة إسالة الغاز في دمياط (المصرية الإسبانية للغاز) فبدأت العمل في ديسمبر/كانون الأول 2003. وصدرت أول شحنة في يناير/كانون الثاني 2005.


المساهمون