سياحة تونس تتجاوز أزمتها وتتوقع موسماً نشطاً

تونس

إيمان الحامدي

إيمان الحامدي
11 مايو 2018
2CD9ED76-279B-4789-AC31-720142186056
+ الخط -
كخيط الذهب يرقّ ولا ينقطع. هكذا هي سياحة تونس، فهذا القطاع الذي مرّ بأسوأ فتراته بعد الثورة متأثراً بالأحداث الإرهابية التي شهدتها البلاد، عاد اليوم ليستعيد بريقه، انطلاقاً من المناطق التي شهدت أكثر الأحداث دموية.

محافظة سوسة على الساحل الشرقي للبلاد التي كانت مسرحاً في يونيو/ حزيران 2015 لأكبر عملية إرهابية استهدفت أجانب في منتجع "إمبيريال"، أصبحت اليوم تنتظر موسماً سياحياً واستقبال مليون و200 ألف سائح، بعد عودة الأسواق الكلاسيكية على غرار الأسواق الإنكليزية والفرنسية والألمانية والبلجيكية والهولندية والروسية.

وبحسب أرقام للسلطات السياحية المحلية في سوسة، ارتفعت نسبة الحجوزات 40% مقارنة بالسنة الماضية، إذ استوفت بعض الفنادق نسب الإشغال، ما قد يضطر السياح لاستئجار شقق، فيما تبحث غالبية الفنادق عن يد عاملة إضافية لتأمين خدماتها.

وفي يونيو/ حزيران 2015، استهدف مسلح سياحا على شاطئ منتجع "إمبيريال"، ما أدى إلى مقتل أكثر من 38 سائحا جُلهم من البريطانيين، وإدراج غالبية الأسواق الأوروبية تونس ضمن الوجهات السياحية الخطرة، كما أوقف متعهدو الرحلات برامجهم نحو مجمل محافظات البلاد.


حادثة "إمبيريال"، بتداعياتها السلبية على القطاع السياحي والاقتصاد المحلي، شكلت نقطة تحوّل مهمة في القطاع السياحي، بعد اقتناع وزارة السياحة والصناعات التقليدية والمهنيين بضرورة مضاعفة الجهود للعودة إلى الخارطة العالمية للسياحة من بوابة كبرى تمنع هشاشة القطاع الذي تضرر كثيراً في بفعل الاضطرابات الأمنية والسياسية التي مرت بها البلاد عقب ثورة يناير/ كانون الثاني 2011.


العودة إلى السوق العالمية

بعد 3 سنوات، كثفت فيها السلطات التونسية، عبر قنواتها الرسمية وغير الرسمية، المساعي لإقناع كبار متعهدي الرحلات السياحية بإدراج تونس مجددا ضمن برامج رحلاتهم، تنتظر الفنادق هذا العام استقبال نحو 8 ملايين سائح، مع زيادة مرتقبة في الإيرادات بنسبة 25% مقارنة بالعام الماضي.

وفي بداية إبريل/ نيسان الماضي، توقعت وزيرة السياحة سلمى اللومي في 2018 استقبال 8 ملايين سائح مع ارتفاع معدلات الحجوزات من وجهات تقليدية وأخرى جديدة، مشيرة إلى أن "عودة السياح البريطانيين أمر مهم للغاية بالنسبة إلينا".

وفي العام الماضي، نمت إيرادات السياحة التونسية نحو 18% إلى 2.8 مليار دينار، وقفز عدد السياح الوافدين من 5.7 ملايين زائر عام 2016 إلى 7 ملايين عام 2017.

وبحسب بيانات رسمية لوزارة السياحة، بلغت إيرادات القطاع سنة 2017 نحو 2.8 مليار دينار، أي نحو 1.16 مليار دولار، وتوافد أكثر من 7 ملايين سائح، خاصة من الجزائر وليبيا وعودة السوق التقليدية، إضافة إلى ارتفاع عدد الليالي المقضية وتنامي السياحة الداخلية وارتفاع عدد الحجوزات في بداية سنة 2018.

وذكرت وزارة السياحة أن العائدات بلغت 457 مليون دينار (190.63 مليون دولار) في الربع الأول من هذا العام، صعوداً من 371 مليون دينار في الفترة ذاتها من عام 2017.

وفي نهاية يوليو/ تموز 2017، أعلن توماس كوك، عملاق السياحة العالمي، استئناف رحلاته نحو تونس.


قال الرئيس التنفيذي لشركة السياحة والسفر البريطانية العالمية "توماس كوك"، بيتر فانكهاوزر، إن الشركة ستستأنف رحلاتها إلى تونس بعدما خففت بريطانيا حظر السفر إلى معظم أنحاء تونس، الذي كانت فرضته بعد هجوم مسلح في منتجع تونسي في يونيو/ حزيران عام 2015.

واعتبر فانكهاوزر أن القرار كان غير متوقع، وأنه إيجابي لتونس ولقطاع السياحة، وقال للصحافيين: "توصلت وزارة الخارجية إلى نتيجة مفادها بأن السفر آمن مجددا".

ويرى مهنيو السياحة التونسية في الخطوة البريطانية الحدث الأهم بالنسبة إليهم منذ أزمة 2015، معتبرين أن رفع بريطانيا الحظر على الوجهة التونسية هو رسالة إيجابية لمختلف الأسواق العالمية وإعلان أوروبي عن عودة تدفق السياح.

وكان عاما 2015 و2016 الأسوأ في تاريخ السياحة التونسية بفعل التراجع الحاد للإيرادات وتقهقر نسبة الوافدين بأكثر من 35%، إذ لم تتجاوز إيرادات القطاع سنة 2015 المليار دولار مقابل 1.5 مليار دولار سنة 2014. وقد بلغ عدد الوافدين حينها 5.3 ملايين سائح مقابل 7.1 ملايين عام 2014.

وعام 2016، واصلت إيرادات القطاع تراجعها لتستقر في حدود 950 مليون دولار على رغم الارتفاع الطفيف في عدد الوافدين الذي لم يتجاوز 5.7 ملايين سائح.

وسجلت بيانات ديوان السياحة التونسي في الفترة الممتدة بين 2014 و2016 نتائج سلبية بنسبة (-35.6%) في الإيرادات و(-20%) في العدد الإجمالي للسياح.

مصدر رئيسي للعملة الصعبة


يمثل قطاع السياحة في تونس نحو 8% من الناتج المحلي الإجمالي، ويُعتبر مصدرا رئيسيا للعملة الصعبة والوظائف.

ويمثل عدد العاملين الثابتين في القطاع السياحي نحو 350 ألف تونسي، لكن يرتفع عدد العاملين بطريقة غير مباشرة إلى 700 ألف.

كذلك تساهم السياحة في تنشيط قطاعات اقتصادية أخرى، على غرار الزراعة والنقل والبناء.

وتتوافر في تونس جميع مقومات الجذب السياحي. كما يجد السائح بغيته مهما تنوّعت. فإلى جانب شواطئها الممتدة على طول 1200 كيلومتر على مياه البحر الأبيض المتوسط والمجهزة بمرافق وخدمات سياحية متطورة، هناك المقصد السياحي الثقافي ممثلاً بكنوز من التراث والآثار والمتاحف تعكس كلها تواتر حضارات عريقة شهدتها تونس منذ فجر التاريخ.



كذلك تتمتع تونس ببنية خدمات متطورة في مجال المواصلات والنقل جواً وبراً وبحراً، بالإضافة إلى خدمات الاتصالات الحديثة التي تستوعب كل ما تنتجه تكنولوجيا الاتصال الحديثة، وقد وفر هذا لتونس إمكان أن تكون سوقا مالية مهمة تنتشر فيها المصارف والمؤسسات المالية العالمية الكبرى.


رهانات جديدة

ولم تؤثر الأزمات التي مر بها القطاع السياحي في السنوات السابقة في جاذبية القطاع للمستثمرين، إذ واصلت عدة جهات ساحلية استقطاب مجموعات فندقية وذات صيت عالمي.

وخلال ندوة الاستثمار 2020 في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، كسبت تونس رهان استقطاب عدد من الاستثمارات إلى القطاع، منها مشروع سياحي قطري ضخم، يعتزم مستثمرون قطريون إطلاقه بكلفة 300 مليون دولار.

ويتمثل المشروع بمنتجع سياحي يمتد على مساحة 15 هكتارا في منطقة قمّرت السياحية، شمال تونس العاصمة، ويتضمن مركز تسوق وفندق 5 نجوم وشققا سكنية وقاعة مؤتمرات تستوعب 5 آلاف كرسي.

ويُنتظر أن يكون المنتجع السياحي الذي تشرف عليه شركة الديار القطرية، في ولاية توزر، جنوب غرب تونس، جاهزا خلال عام 2018، وبلغت تكاليفه 80 مليون دولار.

كذلك تسعى وزارة السياحة إلى كسب أسواق جديدة بعيدا من أسواقها الأوروبية التقليدية، وقد تمكنت في العامين الماضيين من كسب رهان السوق الروسية التي فاق عدد وافديها خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي 23 ألف سائح، بزيادة 82% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2017، والسوق الصينية التي بلغ عدد سياحها 11 ألفا بزيادة 62% عن الفترة ذاتها من العام المنقضي.

دلالات

ذات صلة

الصورة

اقتصاد

ليست تونس، بتاريخها وحضارتها، دولة سياحية استثنائية وحسب، بل لطالما كانت ملتقى الثقافات العالمية، ومركزاً للعديد من الدول المطلة على البحر المتوسط تارة، والدول المغربية والأفريقية طوراً. ولعل موقعها الجغرافي سبب في غناها التراثي والثقافي.
الصورة

اقتصاد

تسبب فيروس كورونا في حالة من الإرباك لدى الكثير من السياح وهواة السفر، خاصة وأن العديد من السياح حول العالم كانوا يخططون لقضاء عطلة الربيع في أماكن مختلفة. لكن مع ذلك بإمكان العائلة القيام بجولة سياحية عالمية خلال 3 ساعات... افتراضياً.
الصورة
تونس/سياسة/فتحي بلعيد/فرانس برس

اقتصاد

أحيت النتائج الصحية الجيدة التي حققتها تونس في مكافحة جائحة كورونا آمال قطاع السياحة بتحقيق انتعاشه في حال استغلال تراجع الوباء في الحملات الدعائية التي تنوي وزارة السياحة إطلاقها من أجل جلب الزوار إلى البلاد باعتبارها وجهة آمنة صحيا.
الصورة
عودة الحياة إلى تونس

أخبار

عادت الحياة إلى شارع الحبيب بورقيبة بتونس، مساء أمس الخميس، سويعات بعد الضربة الموجعة التي جدّت وسط العاصمة، وأكد تونسيون أنّ الإرهاب لن يخيفهم ماداموا صفّاً واحداً من أجل بلادهم، ورسالتهم أقوى من الدم ومن المخططات التي تستهدف زعزعة أمنهم.
المساهمون