أحيت النتائج الصحية الجيدة التي حققتها تونس في مكافحة جائحة كورونا آمال قطاع السياحة بتحقيق انتعاشه في حال استغلال تراجع الوباء في الحملات الدعائية التي تنوي وزارة السياحة إطلاقها من أجل جلب الزوار إلى البلاد باعتبارها وجهة آمنة صحيا.
وطالب مهتمون بالشأن السياحي باستغلال تحسن الوضع الصحي في البلاد وارتفاع نسبة الشفاء في توجيه رسائل إيجابية للسياح الأجانب والمحليين الذين يخططون لقضاء إجازاتهم الصيفية بعد انقضاء فترة الحجر الصحي وإعادة فتح المجالات الجوية والبحرية.
ودعا الاقتصادي المهتم بالشأن السياحي، عدنان بالحاج عمر، وزارة السياحة إلى بذل جهود من أجل الترويج لتونس كوجهة آمنة في صيف 2020، مشددا على ضرورة تكثيف الدعاية في الفترة الممتدة بين مايو/ أيار الجاري ويونيو/ حزيران المقبل، بهدف إنقاذ ما تبقى من موسم السياحة الصيفي.
وقال بالحاج عمر لـ"العربي الجديد"، إن وجهات مهمة منافسة لتونس في محيطها المتوسطي، على غرار إسبانيا وإيطاليا والبرتغال، لا تزال ترزح تحت تأثير تداعيات فيروس كورونا، وهو ما يمثل فرصة مهمة لتونس لاستغلال عامل التعافي المبكر من الفيروس لجلب السياح والترويج لها كوجهة آمنة من "كوفيد 19".
وفي تونس يزيد يوميا عدد حالات الشفاء بالتوازي مع تراجع الإصابات اليومية التي تعلن عنها وزارة الصحة.
ولا تتجاوز نسبة الوفيات بالفيروس في تونس 0.5 بالمائة من مجموع المصابين، كما يزيد يوميا بالعشرات عدد المتعافين.
وصناعة السياحة قطاع حيوي في تونس، حيث يوفر أكثر من 400 ألف فرصة عمل بصفة مباشرة وغير مباشرة، كما يعد القطاع من المصادر الأساسية للعملة الصعبة في البلاد.
وقبل بدء الجائحة الصحية العالمية كانت تونس تخطط لجلب أكثر من 10 ملايين سائح خلال هذا العام بعد تعافي القطاع من ضربات موجعة سببتها العمليات الإرهابية التي استهدفت سياحا أجانب في متحف باردو بالعاصمة والمنتجع السياحي بمحافظة سوسة عام 2015.
وحسب وزارة السياحة، تم تسجيل وفود قرابة 9 ملايين و400 ألف سائح إلى البلاد في عام 2019، وكانت التوقعات تنبئ بتواصل هذا الارتفاع خلال السنة الحالية، غير أن فيروس كورونا غيّر كل المعطيات بعدما توقفت الحجوزات نهائيا منذ منتصف مارس/ آذار الماضي.
وخلال الفترة الممتدة من بداية يناير/ كانون الثاني إلى 10 مارس/ آذار 2020، أي قبل الحجر الصحي الشامل، توافد قرابة مليون و222 ألف سائح، بارتفاع يقدر بـ7.8 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2019، وتحقيق مداخيل بلغت 807.6 ملايين دينار، أي بزيادة تقدر بـ21.6 بالمائة مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2019، حسب بيانات رسمية.
ورغم أن العودة السياحية، على الأرجح، قد تشهد المزيد من التأخر، إلا أن العاملين بالقطاع السياحي في تونس بدأوا في وضع بروتوكول الأمن الصحي السياحي استعدادا لإعادة فتح النزل واستقبال السياح الأجانب والمحليين.
كذلك تعمل وزارة السياحة والصناعات التقليدية بالتعاون مع المهنيين على وضع استراتيجية لفترة ما بعد كورونا، تهدف في الأساس إلى استعادة نشاط القطاع السياحي، مع مراعاة التغيرات العالمية في هذا المجال، وتنويع المنتج السياحي بما يتماشى والمرحلة القادمة.
وأكد رئيس الاتحاد الوطني للصناعة الفندقية، عفيف الكشك، وضع بروتوكول "الأمن الصحي السياحي"، الذي تضمن مجموعة من النصائح والتوصيات الوقائية لفائدة المؤسسات السياحية والفنادق والمطاعم ومركّبات الترفيه.
وبين المتحدث أن دليل الإجراءات الصحية الوقائية استند إلى توصيات منظمة الصحة العالمية ومنظمة السياحة العالمية والعديد من المؤسسات الوطنية والدولية المتخصصة.
واعتبر رئيس الاتحاد الوطني للصناعة الفندقية أن البروتوكول الوقائي يحسّن قدرة الوجهة التونسية على كسب ثقة السياح وإعادتهم إلى تونس، معتبرا أن عودة النشاط السياحي، ولو جزئيا، ستساهم في تخفيف الأعباء المالية على المهنيين وتساعد على ضمان فرص العمل في القطاع.
وأكد أن شعار "تونس وجهة آمنة من كورونا"، يمكن أن يكون ناجعا في هذا الظرف العالمي الصعب، وفق قوله.
وتراجعت العائدات السياحية في تونس بنحو 15 في المائة، منذ مطلع العام وحتى 20 إبريل/ نيسان الماضي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مسجلة 976.5 مليون دينار (334.4 مليون دولار)، فيما تتوقع الحكومة تكبد القطاع خسائر حادة بسبب انتشار فيروس كورونا الجديد.