توقعات بحجب إيران السلع عن كردستان وإغلاق الحدود للضغط على الأسواق

24 سبتمبر 2017
توقعات بارتفاع أسعار السلع وتراجع العملة مع الانفصال (Getty)
+ الخط -
أبدت إيران تحفّظها على خطوات حكومة كردستان العراق نحو الانفصال، ووصلت الأمور إلى اتخاذ موقف واضح وشديد اللهجة جاء على لسان أمين مجلس الأمن القومي الأعلى، علي شمخاني، والذي ذكر قبل أيام أن بلاده ستغلق كل منافذها الحدودية مع الإقليم، وستلغي جميع اتفاقياتها الاقتصادية والتجارية، كما ستجمد علاقاتها بالكامل إذا ما أخذ شكلا مستقلا ومنفصلا عن العراق.

توجه واضح لدى الإدارة الإيرانية سينعكس سلبا على اقتصاد الإقليم بالدرجة الأولى، وسيؤثر بطبيعة الحال على ميزان التبادل بين إيران والعراق بشكل عام، وسيوقف الاستثمارات.

ووصف المستشار الاقتصادي الرئاسي الأسبق، سعيد ليلاز، العلاقات الاقتصادية بين إيران والإقليم بالجيدة، وقطاعات التعاون المشترك بينهما بالمثمرة، قائلا إن حجم الصادرات إلى العراق الذي وصل في يوم من الأيام إلى ثمانية مليارات دولار سيتدهور كثيرا فور قطع العلاقات.

وفي حديثه مع "العربي الجديد"، قال ليلاز، إن نسبة كبيرة من البضائع الإيرانية المصدرة للعراق تمر بالمنافذ الحدودية البرية مع إقليم كردستان، فضلا عن وجود صادرات ترسل للإقليم ذاته، وهو ما يعني أن الانفصال حال حدوثه سيترك نتائج سلبية، مشيرا إلى أن الكل سيتأثر سلبا.

وفيما يتعلق بالتوقعات المتعلقة بالمؤشرات الاقتصادية، أجاب ليلاز أن قطع العلاقات مع إيران يعني ارتفاع أسعار السلع، وصعود سعر صرف الدولار أمام العملة المحلية في الإقليم، وهو ما يعني زيادة في نسبة التضخم الاقتصادي، واصفا الأضرار المتوقعة بالجدية، والتي على المعنيين في كردستان العراق التركيز عليها من الآن لإدراك تبعات استفتاء من هذا القبيل.

وكون الإقليم يعتمد كثيرا على الواردات من الخارج، فضلا عن كونه ممراً هاما للبضائع الإيرانية التي تنقل لمناطق ثانية في العراق، فسيكون المعنيون فيه مضطرين للبحث عن بدائل اقتصادية بشكل فوري وسريع.

وحسب ليلاز فإن إسرائيل ودولا أوروبية قد تشكل بديلا اقتصاديا عن إيران وحتى عن تركيا في بعض الأحيان، لكن هذا صعب المنال، حسب رأيه، والسبب يتعلق برفض تركي إيراني سوري عراقي لكل السيناريوهات التي يحضر لها المعنيون في الإقليم، واصفا الأمر بالمعقد كونه يتطلب كذلك تعاونا مع بعض الأطراف في الداخل السوري الذي يعاني من عدم استقرار في الوقت الراهن بما يشكل ممرات اقتصادية آمنة للإقليم، وهو ليس شأنا سهلا.

ولطالما ارتبط الرفض الإيراني للانفصال بقلق كبير يتعلق باقتراب إسرائيل من إيران، فليس لدى جيرانها باستثناء أذربيجان علاقات مع هذا الكيان، وانفصال كردستان العراق يعني تواجد إسرائيل اقتصاديا على الحدود الغربية لإيران، وهي بالأساس منطقة حدودية حساسة حتى دون تحقق سيناريو الانفصال.

وبحسب موقع تسنيم الإيراني، بلغت صادرات البضائع الإيرانية للإقليم قبل عام 2014 نحو 8 مليارات دولار، بينما وصل الرقم حاليا إلى 4 مليارات دولار بأفضل حالاته.

لكن الملحق التجاري في السفارة الإيرانية لدى العراق، محمد رضا زاده، أعرب خلال اجتماع بين قطاعات حكومية وخاصة استقبلته محافظة غلستان شمالي إيران العام الماضي، أن حجم التبادل بين بلاده والعراق وصل إلى 13 مليار دولار، من ضمنها ما يزيد عن 6 مليارات دولار هي حجم صادرات السلع غير النفطية الإيرانية للعراق، مؤكدا تضاعف معدل هذا النوع من الصادرات 17 مرة خلال العقد الأخير.

وفيما يتعلق بالاستثمار الإيراني في الإقليم نقلت مواقع إيرانية عن مسؤول العلاقات بين إيران وكردستان العراق عبد الله أكريا قوله، إنه ورغم رغبة إيران بالاستثمار في تلك المنطقة، لكن المشاريع الواقعية لا تقارن بمثيلاتها التركية، فالشركات الاستثمارية الإيرانية هناك حجمها صغير، وتفضل طهران الاستثمار بشكل أكبر في مناطق ثانية من العراق، ولا سيما الجنوبية منه.

والجدير بالذكر أن العلاقات بين طهران وكردستان العراق، تطورت إبان عام 2003، وبعد سقوط الرئيس الأسبق صدام حسين، وشملت قطاعات حكومية وخاصة على حد سواء، وبين إيران والإقليم ثلاثة منافذ حدودية، هي برويز خان، باشماق وتمرتشين، وأكثر من 70% من الصادرات الإيرانية للعراق تمر عبرها.

وقد وقّعت إدارات محافظات إيرانية عدة عقود وصفقات مع كل من السليمانية وأربيل يزيد عددها عن الأربعين، وهي محافظات أذربيجان الغربية، كردستان، كرمانشاه، أصفهان وهمدان، وذكرت بعض المواقع الإيرانية أن كردستان العراق يحصل أحيانا على حجم 55% من الصادرات المرسلة للعراق ككل.

ولدى القطاع الحكومي الإيراني مشاريع وصفقات في كردستان العراق في قطاعات الكهرباء، النقل، السكك الحديدية، الاتصالات، الخدمات الفنية والهندسية والتقنية فضلا عن مشاريع ترتبط بتشييد الطرقات وبناء السدود.

أما القطاع الخاص الإيراني فنشاطه أكبر، وعقد أصحابه العديد من صفقات التعاون مع شركات في كردستان العراق، وبحسب بعض المصادر فإن عدد الشركات الإيرانية المسجلة في أربيل يبلغ 100 شركة، بينما يصل إلى 105 في السليمانية، وهناك ما يقارب 500 شركة مندمجة أو على شراكة مع شركات في الإقليم.

وعن هذه النقاط، يقول الخبير الاقتصادي علي إمامي أن العلاقات بين الإيرانيين والأكراد قديمة، وبينهما تقاطعات ثقافية وحضارية متعددة، قد تكون أكبر من تلك التي بين الإيرانيين والعرب، وهو ما تجلى بارتباط تجاري واقتصادي بين الطرفين يعود لأزمنة طويلة وتأثر بتغييرات السياسة أحيانا، لكن بطبيعة الحال حافظت العلاقات على مستوى جيد منذ أكثر من عقد، حسب تعبيره.

وذكر إمامي لـ "العربي الجديد" أن إيران تصدر للإقليم بضائع غذائية بشكل رئيس، فضلا عن البضائع المستخدمة في البناء من قبيل الاسمنت والفولاذ والمعادن بالإضافة إلى البتروكيماويات، ولا يوجد واردات تذكر من الإقليم، ويتم السداد نقدا في أغلب الحالات.

وأشار إمامي كذلك إلى قطاع السياحة والسفر، حيث تشكل المعابر الحدودية المشتركة طريقا لمرور نحو 3 ملايين الأشخاص سنويا بين الطرفين، سواء من الإيرانيين أو الأكراد أو العرب، لأغراض سياحية أو دينية أو علاجية.

وأضاف أن رفض طهران وأنقرة للاستفتاء نابع من قلق كبير، ومتوقعا أنه سيؤثر على علاقات الإقليم الاقتصادية مع كل من إيران وسورية وتركيا، فضلا عن بغداد، محذرا من أن معدلات التبادل التجاري مع إيران ستنخفض للغاية.


المساهمون