ترامب يستغل خسائر "كورونا" الاقتصادية انتخابياً

12 مارس 2020
ترامب محاصر بالفيروس ومساءلته النيابية (Getty)
+ الخط -


بينما اعتبره محللون محاولة لاستغلال أزمة انتشار فيروس كورونا الجديد انتخابياً، وتقديم حلول تخدم أهدافاً حزبية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب نيته تقديم إعفاءات ضريبية جديدة للموظفين، وخطط لمزيد من الإنفاق الحكومي، بدعوى حماية الاقتصاد الأميركي من الركود، وتقديم العون للمتضررين من أزمة انتشار الفيروس، أو من الإجراءات التي تستهدف الحد من انتشاره.

وفي محاولة لتخفيف الهجوم على إدارته، لتباطئها في التعامل مع الفيروس والتقليل من خطره، وتنفيذاً لبعض خططه السابقة التي كانت تُقابَل بالرفض، أعلن ترامب أنه وفريق مستشاريه الاقتصاديين يدرسون فكرة تخفيض ضريبة الرواتب على الأفراد حتى نهاية العام الحالي، بالإضافة إلى رفع الحد الأدنى من الدخل، مساهمةً منه في تعويض من يضطرون للتوقف عن العمل، والبقاء في بيوتهم، بسبب الإجراءات الرامية للحد من انتشار الفيروس.

وانتقد أعضاء مجلس النواب من الحزب الديمقراطي اقتراح الرئيس الأميركي، واعتبروه عديم الفائدة وخاطئا ومضللا، واقترحوا في مقابله تقوية نظام التأمين ضد البطالة، وتأكيد منح إجازات مدفوعة الأجر، مع توفير المعونات الغذائية للفئات الأكثر احتياجاً.

وقال دون باير، عضو مجلس النواب عن ولاية فيرجينيا الذي عزل نفسه بعد إصابة أحد أصدقائه بالفيروس: "إحدى العقبات التي تواجه فكرة تخفيض ضريبة الرواتب تتمثل في حالة من فقدوا وظائفهم، أو من يعملون مع شركات التكنولوجيا الجديدة، لأنهم لن يحصلوا على تلك الإعفاءات، كما أن مزاياها تكون محدودة جداً لمن تقل دخولهم عن 25 ألف دولار سنوياً، وهم كثيرون جداً". وفضل باير تعويض الأميركيين في الوقت الحالي، من خلال إعانات نقدية مباشرة للمتضررين".
وفي لقاء مع شبكة سي ان ان، انتقد أوستان غولسبي، أستاذ الاقتصاد بجامعة شيكاغو، وكبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس السابق باراك أوباما، فكرة التخفيضات الضريبية، كونها لن تجدي في تحقيق هدف تنشيط الاقتصاد وحمايته من الانزلاق في الركود.

أضاف: "كيف يمكن للإعفاءات الضريبية إنقاذ الاقتصاد، إذا كنا نطلب من المواطنين البقاء في منازلهم وعدم الخروج للإنفاق". وأكد جولسبي أن "اقتصاديات الفيروس" تحتم علينا العمل على إبطاء انتشاره، مشيراً إلى أن "هذا هو السبيل الوحيد لإنقاذ الاقتصاد".

بدوره، رفض جاريد برنشتاين، كبير المستشارين الاقتصاديين لنائب الرئيس السابق جو بايدن، فكرة التخفيضات الضريبية، مؤكداً، على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر "عدم جدواها في حالة من اضطروا للبقاء في منازلهم بسبب الفيروس، ولم يكن بقاؤهم بالمنزل مدفوع الأجر".

واقترح برنشتاين استمرار أصحاب الأعمال في دفع رواتب العاملين، الذين فُرض عليهم عدم الخروج للعمل للحد من انتشار الفيروس، من خلال شيكات ترسل إليهم بالبريد أو إيداعات مباشرة في حساباتهم بالبنك، على أن يتم إبلاغ الحكومة الفيدرالية بالمبالغ المدفوعة، لتعويض أصحاب الأعمال من خلال إعفاءات ضريبية أو مدفوعات مباشرة.
وانتقد ماتيو إجلسياس، الكاتب والمدون ومؤسس موقع فوكس VOX الإخباري، فكرة التخفيضات الضريبية، وقال يوم الثلاثاء إنه يدعم أي فكرة سواها، مؤكداً أن "من يستفيد بتلك الفكرة هم موظفو المكاتب الذين يتحصّلون على راتب 150 ألف دولار سنوياً، بينما لا يحصل العاملون في مطاعم وسط المدينة على شيء ويضيع منهم أجر ساعات العمل والإكراميات".

وسخر إجلسياس من رغبة ترامب في مد التخفيضات الضريبية لنهاية العام، مغرداً على حسابه على تويتر: "أريد تخفيضاً ضريبياً ينتهي يوم الانتخابات، وتخفيضاً ضريبياً لفنادقي، مع منح حزم إنقاذ للمتبرعين لي من أصحاب شركات النفط".

وعلى صلةٍ بالأمر، وفي خطوة مشابهة لما أوصى به في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001، وأيضاً بعد إعصار كاترينا الذي ضرب البلاد عام 2005 وتسبب في خسائر قدرت بنحو 125 مليار دولار، أوصى بنك الاحتياط الفيدرالي، وتبعه مكتب مراقبة العملة التابع لوزارة الخزانة الأميركية، بالتعاون مع العملاء المدينين، الذين تأثرت أعمالهم بسبب الإجراءات المتخذة لمنع انتشار فيروس كورونا، مؤكداً ضرورة الحرص في الوقت نفسه على التزام البنوك بالقواعد المفروضة في مثل تلك الحالات.

ومثلت الخطوة حلقة جديدة من مسلسل محاولات البنك الفيدرالي التخفيف عن الأفراد والشركات الصغيرة، في أعقاب هزات عنيفة تعرضت لها سوق الأسهم الأميركية، كما كافة أنشطة الاقتصاد الأميركي، مع انتشار فيروس كورونا خارج الصين، وتسجيل آلاف الحالات من الإصابة وعشرات الوفيات، ثم وصوله إلى الولايات المتحدة وحدوث حالات وفاة بسببه فيها.

وقبل أسبوعين، خفض البنك الفيدرالي معدل العائد على أمواله بمقدار نصف في المائة، كما زاد من مليارات الدولارات التي يتيحها لإقراض البنوك بصفة شبه يومية، من خلال اتفاقات إعادة الشراء (ريبو)، إلا أن كل ذلك لم يفلح، حتى الآن، في طمأنة المستثمرين ولا حتى المواطنين العاديين.
ويوم الإثنين، قفز مؤشر التذبذب التابع لبورصة شيكاغو لعقود الخيارات، المعروف باسم فيكس VIX، والذي يطلق عليه مؤشر الخوف، إلى مستوى 62 نقطة، وهو أعلى مستوياته منذ احتدام الأزمة المالية العالمية في 2008. وتزامن ارتفاع المؤشر مع تهاوي الأسهم في وول ستريت، وخسارة مؤشراتها الرئيسية الثلاثة أكثر من 7% في بداية تعاملات الأسبوع.

وأكدت تعاملات يوم الثلاثاء استمرار الارتفاع في معدلات تذبذب أسعار الأسهم في السوق الأميركية، بعد أن افتتح مؤشر داو جونز الصناعي تعاملاته على ارتفاع بأكثر من 900 نقطة، تمثل أكثر من 3.6% من قيمته، على خلفية الإعلان عن خطط ترامب لتحفيز الأسواق، ليفقد بعدها أكثر من تسعمائة نقطة، قبل أن يرتد مرة أخرى مرتفعاً بأكثر من ألف وثلاثمائة نقطة.
المساهمون