مصر: تقرير حقوقي يدين الإملاءات الأمنية للتغطية الصحافية لوفاة مرسي

02 يوليو 2019
توفي مرسي الشهر الماضي (محمد حسام/الأناضول)
+ الخط -

وقفت المذيعة نهى درويش أمام كاميرا قناة "إكسترا نيوز" المصرية، تقرأ بكل جدية تصريحات مصدر طبي مسؤول حول وفاة الرئيس المعزول محمد مرسي، وتقول: "... وقد أكد المصدر أنّ جميع الوثائق التي تؤكد تقديم الرعاية الصحية له موجودة وسيتم تقديمها للجهات المعنية، وتم الإرسال من جهاز سامسونغ".

حَدث درويش لم يكن مجرد خطأ وقعت فيه مذيعة، ولكنه حادث كاشف لما وصل إليه حال أغلب وسائل الإعلام في مصر. وكان مدخلًا للتقرير الصادر اليوم، الثلاثاء، عن "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" (منظمة مجتمع مدني) للتدليل على مدى تأثير سياسة الإملاءات الأمنية والأوامر الحكومية على صناعة الإعلام والتأثير في الرأي العام في مصر.

ورصد التقرير تغطية بعض وسائل الاعلام المصرية، من حيث التناول والتزام معايير المهنية، خبر وفاة مرسي.

تغطية الصحف

ففي صحيفة "الأهرام"، بحسب التقرير، "جاء خبر وفاة مرسي في الصفحة الرابعة (صفحة حوادث وقضايا) يوم 18 يونيو/ حزيران، غير مصحوب بصورة، واختلف حجم الخبر في الطبعة الثانية عنه في الطبعة الأولى، فقد جاء الخبر في الطبعة الأولى على عمود واحد وستة أسطر، بينما جاء في الطبعة الثانية في الصفحة نفسها على أربعة أعمدة وثمانية أسطر، وذلك بعدما أُضيف للخبر البيان الصادر من النيابة العامة. أما الصفحة الأولى فقد تصدرتها زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لبيلاروسيا، وأخبار عن ليبيا والرئيس الأميركي دونالد ترامب وأخرى متنوعة دون ذكر لوفاة رئيس سابق لمصر".

وقالت الشبكة، في تقريرها، إنّه "من الملاحظ أنّ صحيفة الأهرام أرادت عن عمد تهميش خبر وفاة الرئيس الأسبق محمد مرسي، وذلك من خلال أنّها تناولت الخبر في صفحة الحوادث، وذكرت اسم محمد مرسي دون ألقاب، ولم تنشر أي صورة لمحمد مرسي، ولم تتناول الحدث في أعمدة الرأي أو في الثلاث صفحات التي تخصصها الصحيفة لأصحاب الرأي، ولكن تطور الأحداث فرض على الصحيفة تناول الموضوع من وجهة نظر السلطة، فقط".

أما تناول صحيفة "الوطن" لخبر الوفاة، بحسب التقرير، فجاء في النصف الأسفل من الصفحة الثالثة على مساحة 2 عمود تحت عنوان "وفاة مرسي أثناء محاكمته في التخابر.. والنائب العام: تحدث أمام المحكمة 5 دقائق". في المقابل، جاء في النصف الأعلى من الصفحة صورة رئيس الوزراء خلال كلمته أمام مؤتمر "سيمليس شمال أفريقيا"، فيما غطت الصفحة الأولى أخبار زيارة السيسي لبيلاروسيا، وأخبار امتحانات الثانوية العامة، تراجع مبيعات "هواوي"، وفيلم "كازابلانكا"، ومؤتمر القوى الوطنية في ليبيا، وبطولة الأمم الأفريقية.
وعلقت الشبكة: "الملاحَظ أنّ صحيفة الوطن قد حذت تماماً حذو صحيفة الأهرام، والشيء الوحيد الذي أضافته هي صورة محمد مرسي التي تضمنها خبر الوفاة".

وفي تغطيتها، أعطت صحيفة "المصري اليوم"، وفق التقرير، خبر وفاة مرسي مساحة بارزة في النصف العلوي من الصفحة الأولى، وذلك على مساحة 3 أعمدة، بالتساوي وإلى جوار تغطية زيارة السيسي لبيلاروسيا ورومانيا. وتضمن الخبر صورة أرشيفية لمرسي أثناء محاكمته في إحدى الجلسات السابقة، وكتبت الصحيفة العنوان باللون الأحمر.
وعلّقت الشبكة: "رغم أنّ مضمون الخبر جاء في أغلبه شبه مطابق لما جاء في كل الصحف، إلا أنّ أحمد شلبي وفاطمة أبوشنب، كتبا اسم محمد مرسي مسبوقاً بلقب الرئيس الأسبق، كما أضافا للخبر التأهب الأمني وتشديد مصلحة السجون الحراسات على العنابر التي يحتجز داخلها أفراد من الجماعة المحظورة".


وفي يوم 19 يونيو/ حزيران، أفردت "المصري اليوم" مساحة 5 أعمدة من النصف السفلي للصفحة الأولى لتقرير صحافي كتبه شلبي وأبوشنب، وعصام أبوسديرة، وتناول التقرير خبر دفن مرسي وصلاة الجنازة عليه. وجاء الخبر على لسان عبد المنعم عبد المقصود، محامي أسرة مرسي. وكتبت الصحيفة اسم مرسي مسبوقاً بلقب الرئيس الأسبق. وتضمن التحقيق صورة أرشيفية على عمود واحد لمرسي أثناء محاكمته في إحدى الجلسات السابقة، وهو يرتدي بدلة زرقاء، وجاءت تتمة الموضوع في النصف الأسفل من الصفحة الرابعة، على أربعة أعمدة مصحوبة بصور على 2 عمود للرئيس المعزول بالأبيض والأسود. وتناول التقرير ما حدث خلال الجلسة الأخيرة للمحاكمة.

كما تضمنت الصفحة الرابعة (قضايا ساخنة) من "المصري اليوم"، رد الهيئة العامة للاستعلامات على تغريدات منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن وفاة مرسي. وضمت هذه الصفحة، بحسب تقرير الشبكة، عمود رأي للدكتور عمرو الشوبكي، بعنوان "رحيل مرسي"، وفي الصفحة الخامسة نشرت الصحيفة عمود الكاتب سليمان جودة تحت عنوان "وفاة محمد مرسي!".
وعلقت الشبكة "والملاحظ أنّ صحيفة المصري اليوم، كسرت القيود المفروضة على الصحافة المصرية، حيث تناولت الصحيفة الخبر في مكان بارز على الصفحة الأولى وأعطت العنوان اللون الأحمر الذي يعبّر عن أهمية الخبر، وذكرت اسم محمد مرسي مسبوقاً بلقب رئيس".

تغطية القنوات الفضائية

وعن تغطية بعض القنوات الفضائية، رصدت الشبكة تغطية قناة "النهار" التي بثت خبر وفاة مرسي في موجز الأنباء، يوم 17 يونيو/ حزيران، وجاء الخبر في الترتيب الأخير بين الأخبار، في الدقيقة الخامسة وعشرين ثانية، واستمر الخبر لمدة ثلاثين ثانية من الموجز الذي استمر نحو 6 دقائق، وقُرئ الخبر بالطريقة الموحدة التي قُرئت في جميع وسائل الإعلام.

وسبق خبر وفاة مرسي، زيارة السيسي لبيلاروسيا ومقابلة رجال الأعمال، تأمين المنشآت الحيوية لتأمين بطولة كأس الأمم الأفريقية، وقبول دفعة جديدة بالمعاهد الصحية للقوات المسلحة، وإدانة وزارة الخارجية التفجيرات الإرهابية في مقديشو.

وفي قناة "صدى البلد"، رصد التقرير، في حلقة يوم 17 يونيو/ حزيران، من برنامج "على مسؤوليتي" الذي يقدمه أحمد موسى، والتي استمرت نحو ساعتين و27 دقيقة لواقعة وفاة مرسي. وقسّم موسى الحلقة إلى قسمين، حيث استضاف في القسم الثاني الذي استمر نحو 40 دقيقة إبراهيم ربيع (قدمه البرنامج باعتباره قيادياً إخوانياً) للحديث عن جماعة "الإخوان المسلمين"، بينما انفرد موسى في الجزء الأول من البرنامج بباقي الزمن.

تغطية المواقع الإخبارية

وعن تغطية بعض المواقع الإخبارية، رصد التقرير تغطية موقع "مصراوي" لخبر وفاة مرسي بخبر نُقل عن التلفزيون المصري بعنوان "وفاة الرئيس المعزول محمد مرسي العياط"، ثم تبعه بخبر تفاصيل سقوطه أثناء المحاكمة، وكان أيضاً منقولاً عن التلفزيون المصري، ثم نشر الموقع 12 خبراً حول وفاة الرئيس المعزول.
وعلّقت الشبكة في التقرير بالقول إنّه "من الملاحظ في موقع (مصراوي) أنّه نشر عن خبر وفاة مرسي بسرعة وكثافة، وجاءت بعض الأخبار قصيرة ونقلاً عن التلفزيون الرسمي أو موقع قناة (العربية)، وبعض تلك الأخبار ذات محتوى تم تكراره رغم اختلاف العناوين. ولم يخرج الموقع في معالجة قضية وفاة مرسي عن كونه صدى صوت للبيانات والإعلام الرسمي، والاختلاف البسيط أنه وضع لقب الرئيس المعزول قبل اسم محمد مرسي خلافاً للإعلام الرسمي، وعندما حاول رسم بروفايل لمرسي استعرض فقط القضايا التي تتم محاكمته فيها".


وعن تغطية موقع "اليوم السابع"، رصد التقرير نشره البيانات الرسمية أو الاستعانة بشخصيات معروف قربها من السلطات التنفيذية، حيث استعان الموقع يوم 17 يونيو/ حزيران، بكل من خالد أبو بكر ومعتز عبد الفتاح، في محاولة لتبسيط حادث وفاة مرسي. وعلقت الشبكة: "اختار اليوم السابع أن يكون في الجزء الأمني تماماً، وذلك بأن يكون منبراً للأصوات المعروفة بولائها للسلطة التنفيذية والمعبّرين عنها دون المجازفة بالتجويد غير مأمون العواقب".

المساهمون