بين قرطاج والقصبة... هل هناك صراع أجنحة في الإعلام التونسي؟

06 فبراير 2018
(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن مختلف الأطراف الفاعلة في القطاع الإعلامي في تونس بدأت تُفكر في حلول عملية للأزمة التي يعرفها القطاع، والبحث عن أرضية مشتركة ومواصلة الحوار بين نقابة الصحافيين التونسيين والدولة التونسية.

ويأتي ذلك بعد يوم غضب ناجح، ومشاركة قياسية من الصحافيين فى كل المناطق التونسية للتعبير عن غضبهم من التضييقات التي يعرفونها أثناء أداء عملهم خاصة من قوات الأمن التونسي. بالإضافة إلى هجوم النقابة على الحكومة وعلى وزير الداخلية فيها الذي حُملت وزارته مسؤولية الانتهاكات، وبعد تحميل النقابة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي جزءًا من مسؤولية ارتفاع نسق الاعتداءات على الصحافيين، بعد اتهامه لمراسلي وسائل الإعلام الدولية بتشويه تونس خلال تغطيتهم للاحتجاجات التي عرفتها بعض المدن فى بداية شهر يناير/ كانون الثاني الماضي.

وانطلقت بوادر الحوار، أمس الاثنين، عند استقبال السبسي للمكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين. فقد أكد الرئيس التونسي على أهمية الحوار ومحاسبة الدولة التونسية لكل من يقوم بانحرافات في المسار الديمقراطي الذى اتخذته منذ سنة 2011.

من جانبه، أكد نقيب الصحافيين التونسيين ناجي البغوري على "التفاعل الإيجابي لرئيس الدولة والتزامه بحماية ودعم حريّة الإعلام والتعبير باعتبارها أحد أهم ضمانات نجاح المسار الديمقراطي، وتأكيده على أهميّة مواصلة الحوار مع كل الأطراف المعنيّة لتجاوز الإخلالات الأخيرة وضمان عدم تكرارها في المستقبل".

وأضاف البغوري أنه لمس نية في "العمل على مزيد دعم حرية الصحافة والنهوض بقطاع الإعلام العمومي وتحسين ظروف عمل الصحافيين من خلال التسريع بإرساء التشريعات اللازمة".

هذا اللقاء ولئن اعتبره البعض مؤشراً جيداً على حسن إدارة الأزمات والبحث لها عن حلول قبل أن تتفاقم، رأى البعض الآخر فيه انعكاساً للصراع الخفي الدائر بين قصر القصبة (مقر رئاسة الحكومة التونسية) وبين قصر قرطاج (مقر رئاسة الجمهورية التونسية). فلا يخفى على أحد في الساحة السياسية التونسية وجود صراع خفي بين الطرفين قد يوظف فيه الإعلام لخدمة هذا الطرف أو ذاك.



ويبدو أن رئاسة الجمهورية حاولت أن تستثمر ذلك لتبرز صورة الرئيس التونسي كحامٍ للديمقراطية، باعتباره الضامن لتطبيق الدستور، رغم أن رئاسة الحكومة هي الطرف الأكثر فاعلية في المجال الإعلامي. فهي من تتولى قانونياً الإشراف الإداري على مؤسسات الإعلام الرسمي. فى حين أن رئاسة الجمهورية لها دور محدود جدًا في هذا المجال من الناحية القانونية، لا يتجاوز صلاحية تعيين رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا).

و"الهايكا" والقوانين المنظمة لعملها والأعضاء المفترضون لإدارتها، هي جوهر الخلاف بين النقابة والحكومة التونسية في نظر البعض الآخر. 

إذ إنّ النقابة والكثير من قوى المجتمع المدني ترفض مشروع القانون المنظم للقطاع السمعي البصري الذي قدمته الحكومة التونسية، ورأت فيه تراجعاً إلى الوراء. في حين ترى الحكومة ممثلة في وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان أنه قانون راعى مقتضيات الدستور التونسي.

المساهمون