كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي تدمير جنوب لبنان في الأيام الأخيرة. ومع كل منزل ومبنى وأرض وسوق تحوّلت إلى أنقاض زادت حسرة السكان المنكوبين، حتى وهم منذ مدة غير قليلة في مناطق بعيدة بعدما أرغموا على مغادرة ديارهم، وهي أماكن عيشهم ومزارعهم ومصادر أرزاقهم منذ عقود.
بالنسبة إلى الجنوبيين المنكوبين بالحرب الحالية مناطقهم هي من الأجمل وعاشوا فيها دائماً في سلام وتآخِ مع بعضهم البعض، رغم أنهم عرفوا سابقاً سنوات قاسية من الاحتلال والحروب، كما كانت أراضيهم في السنوات الأخيرة وسيلة مواجهتهم أعباء الأزمة الاقتصادية الحادة التي لم ترحم أحداً في لبنان.
يحترقون على واقعهم الجديد الذي خسروا فيه كل شيء، ولم يستطيعوا فعل أي شيء أيضاً لأن لا حول لهم ولا قوة في مواجهة عدو لم يستثن أحداً، وجعل الجنوب أرضاً محروقة. يسأل الرجل المسن حلمي جابر في النبطية: "هل هناك نكبات أكبر؟".
ليس ما خسره الجنوبيون في نكبات الأيام الأخيرة التي تلت أيضاً أخرى شهدها نحو عام من القصف الإسرائيلي لمناطقهم بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 منازل ومحلات وحقولا وأماكن جميلة أخرى، بل أرواحهم. وقد أصبح كثير منهم في بلدان أخرى غادروا إليها قسراً خوفاً على أنفسهم وعائلاتهم وبينهم أطفال يجب أن يتوفر لهم مناخ الاستقرار لحياتهم وضمانات تحقيق مستقبل جيد.
حالياً تشهد كتل الإسمنت المتهاوية في الجنوب على وحشية إسرائيل، ومن بعيد تبقى قلوب لن تتهاوى مهما حصل... وستعود.
(العربي الجديد)