لا يخفى على أحد نجاح النسخة الحية من سلسلة مانغا One Piece الشهيرة والمرتبطة بأنمي يحمل الاسم نفسه، لتكون هذه النسخة هي أول نسخة حية عن أنمي أو مانغا تلاقي هذا النجاح، بعد العديد من التجارب الفاشلة، على رأسها النسخ الحية من Death Note.
كاتب المانغا أودا إيشيرو أودا بنفسه لم يتخيل أن يحصل عمله على نسخة حية عندما بدأه عام 1997، لكن مع التقنيات الموجودة حالياً صار هذا ممكناً. يعود الفضل في نجاح العمل إلى عوامل عدة، أهمها قوة الإنتاج وفريق التمثيل والإخراج، وأخيراً إشراف المانغاكا الذي عمل ككلب حراسة للنص، على حد قوله، للتأكد من أن النص مناسب.
يحكي One Piece قصة لوفي الذي يحلم بأن يصير قرصاناً، مثله مثل العديدين، بعدما أعلن قرصان شهير عن وجود كنز له هو One Piece، مخفي في مكان ما، ليصبح العالم بعدها مليئاً بالقراصنة الذين يبحثون عن هذا الكنز. لوفي الصغير يجد فاكهة تدعى فاكهة الشيطان، ليأكلها ويتحول إلى فتى مطاطي. لكنه يخسر القدرة على السباحة ومقاومة الماء. ومن هذه المفارقة الساخرة لشخص يريد أن يصبح قرصاناً في البحار تظهر روح العمل الكاريكاتورية. يبدأ لوفي مغامرته من سرقة خريطة من جنود البحرية، ويقابل نامي وزورو، ويشكل بعدها طاقمه وتبدأ المغامرة.
في ثماني حلقات فقط، مدة كل منها ساعة، يحقق لوفي حلمه ويصبح قرصاناً مطلوباً بعد قيامه وفريقه بالعديد من المغامرات الظريفة، نتعرف خلالها إلى ماضي كل منهم المؤثر وأحلامهم الخاصة، وأكثر من ذلك السبب الذي يدفعهم إلى اتباع صبي أحمق كقائد. الاختلاف الذي يتميز به لوفي يجعله قائداً مناسباً، لو كان أبعد ما يكون عن القائد التقليدي.
هذه تقريباً هي روح One Piece. قرصان ليس كالقراصنة، فهو يظن أن القراصنة أبطال ما يقومون بمغامرة، وينقذون الأشخاص الذين يحتاجون للمساعدة. هذه السذاجة الطفولية هي سمة العمل، وما جعل النسخة الحية ناجحة ليس فقط الإنتاج أو فريق التمثيل الممتاز، إنما التمكن من القبض على هذه الروح والتأكد من عدم محاولة إضفاء أي جديّة زائدة عليها وعدم الانزلاق لكوميديا تهريجية تتجاوز الغروتسكية الموجودة أصلاً في العمل. وبهذا، أصبح عملاً مناسباً للصغار والمشاهدة العائلية كما يجب أن يكون. صناعة الجو المناسب لاحتواء غرابة العمل هو أمر حققه مسلسل "نتفليكس" الجديد.
أغلب شخصيات One Piece كاريكاتورية. فتى من المطاط، رجل سمكة، شاب يحمل سيفاً في فمه، والعديد من الصفات الغريبة التي من الصعب أن تجتمع إلا في One Piece، أو السيرك. في النسخة الحية، يحصل باغي المهرج على حضور أكبر من حضوره في الحلقات الأولى من الأنمي، ففي النسخة الحية نرى حلقة كاملة تدور في السيرك المرعب الخاص بهذا القرصان الغريب. هذه الحلقة ساهمت في الإمساك بروح One Piece الغريبة بشخصيات من لحم ودم، فكل ما يحدث داخل خيمة سيرك سيبدو مقبولاً للعين، وبخفة شديدة سنقبل بهذا العالم الجديد كسيرك لا بلا حدود يمكننا قبول كل ما فيه. وقد تكون الغروتسكية هي الكلمة التي تصف شخصيات هذا العالم أكثر، فمع الفتى المطاطي كبطل، نرى رجلاً يقطع ساقه ويأكلها ليسمح لطفل بالاحتفاظ بما تبقى من الطعام.
صادف أيضاً أن يتناسب عالم One Piece مع توجه "نتفليكس" في إدخال التنوع العرقي في أعمالها، ففي One Piece كل شيء ممكن، وكل هذه الأعراق تساهم في جعل العمل كرنفالياً بأمثل ما قد يكون.
مع النجاح الذي لاقته النسخة الحية وتجاوز حلقات الأنمي الرقم الألف، واستمرار المانغا في تحقيق مبيعات عالية، والعديد من العروض المسرحية، يمكننا أن نعتبر حكاية One Piece هي حكاية مغامرة الكنز الخاصة بهذا العصر، مغلقةً الباب خلف جون سيلفر وجزيرة الكنز الخاصة به مع بطل مختلف يشبه أي طفل يحلم ببراءة، ويجعل من فكرة شريرة فكرة سامية.
البهجة التي يخلقها لوفي ورفاقه ذوو الطباع السيئة المحببة والمبادئ العالية في الوقت نفسه، كفيلة بجعل العالم ينتظرها يوماً بعد يوم، سواء أكانت في مانغا أو أنمي أو مسلسل نسخة حية. ويبدو أن الحكاية ستستمر بأشكالها الثلاثة ليختار الجمهور ما يناسبه.