يوتيوب أخفق في الحد من المحتوى الإسرائيلي العنيف والمضلل

يوتيوب أخفق في الحد من المحتوى الإسرائيلي العنيف والمضلل

30 ابريل 2024
في جامعة جورج واشنطن الأميركية، أبريل 2024 (علي خالق/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- التقرير يسلط الضوء على استخدام يوتيوب في نشر حملات دعائية إسرائيلية ضد حماس، مع التركيز على تأجيج المشاعر عبر رسومات وعبارات تحذيرية.
- ينتقد التقرير غياب آليات فعّالة للإشراف على المحتوى الإعلاني بيوتيوب، مما سمح بنشر إعلانات تحرض على العنف وتنتهك حقوق الإنسان.
- يكشف عن استثمارات إسرائيلية ضخمة في إعلانات يوتيوب موجهة لدول غربية، مع فشل غوغل في الإشراف الفعّال على المحتوى العنيف وحماية الحقوق الرقمية.

أصدر المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (حملة)، تقريراً بعنوان "تأثير يوتيوب على الحقوق الرقميّة للفلسطينيّين خلال الحرب على غزة" هو عنوان التقرير الجديد الذي، سلّط الضوء بشكل أساسي على سياسات منصة يوتيوب وممارساتها التمييزيّة، ومدى امتثالها للقانون الدولي لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى بذل الجهود اللازمة لمراعاة حقوق الإنسان، وتأثيرها على الحقوق الرقمية للفلسطينيين في أعقاب حرب الإبادة على غزة.
بدأ تقرير "حملة"، من الأيام الأولى التي تلت السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حين "لاحظ متصفحو يوتيوب
الظهور التدريجي لحملة دعائية لوزارة الخارجية الإسرائيلية، تحثّ المشاهدين على "مناصرة إسرائيل في عملياتها ضد حركة حماس". وقد اتّسم جزء كبير من الفيديوهات في هذه الحملة الدعائية "برسومات عالية الجودة وعبارات تحذيرية، كانت قد صُمّمت خصيصاً لإثارة ردود أفعال عاطفية قوية".

"يوتيوب" وغياب الآليات الواضحة

بينما دأب عدد من الباحثين في العقد الأخير على تحليل الدعايات السياسية على "يوتيوب"، اتضح في بحث متاح على "غوغل سكولار" أن المنصة تفتقر إلى مراجع تتمحور حول استخدام آلية الإعلان لغرض الدعاية والترويج خلال الحرب.
ويشير تقرير "حملة" إلى أنه لم تمض فترة طويلة على السابع من أكتوبر حتى بدأ حساب وزارة الخارجية الإسرائيلية على
"يوتيوب" بإنتاج فيديوهات تم الترويج لها على شكل إعلانات مضمّنة على المنصة، و"سرعان ما بدأ مستخدمو المنصة في أوروبا بالإشارة على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أنهم يتلقون بشكل موجه محتويات استثنائية عن حركة حماس، تشمل غالبًا لغة بصرية و/أو صوراً". وفقًا لمعطيات مركز شفافية الإعلانات في "غوغل" (مالكة "يوتيوب")، نشرت وزارة الخارجيّة الإسرائيلية على حسابها على "يوتيوب" نحو 200 إعلان منذ السابع من أكتوبر، تم الترويج لها على المنصة حتى 27 أكتوبر، أي طيلة 20 يوماً.
وقد واجه إعلانان نقداً واسع النطاق على الشبكة، استند أحدهما إلى قصة أطفال شهيرة: يظهر نص الإعلان على خلفية أقواس قزح وأحصنة وحيدة القرن مع عبارة "نعرف أن طفلكم لا يستطيع قراءة ذلك. ولكننا نحمل إليكم رسالة مهمة كأهل. 40 طفلاً قتلوا في إسرائيل على يد إرهابيي حماس (داعش). وكما ستفعلون أنتم أي شيء وكل شيء من أجل أطفالكم سنفعل نحن المثل من أجل حماية أطفالنا. والآن، عانقوا أطفالكم وناصرونا". حظي هذا الفيديو بـ 1.1 مليون مشاهدة وفقًا لمعطيات "يوتيوب". ورغم أن كلمة "ناصرونا" الواردة في الإعلان، هي مناشدة لدعم حرب الإبادة في قطاع غزة، فإن شركة غوغل لم تعتبره تحريضًا على العنف وانتهاكًا لحقوق الإنسان.
في فيديو آخر نُشر بصيغة إعلان أيضاً في شهر أكتوبر، ولكنه لم يعد متاحاً في مركز شفافية الإعلانات، ظهر مقطع مصوّر بعنوان "جرائم ضد الإنسانية"، مشيرًا إلى ما يلي: "إنهم يرتكبون أفظع الجرائم ضد الإنسانية. يذبحون الأطفال، يقتلون بوحشيّة: ويختطفون كبار السن والأطفال الصغار، والنساء والرجال الأبرياء، ويغتصبون نساء بلا رحمة. لم يلتزم العالم يوماً الصمت أمام جرائم كهذه ضد الإنسانية، لا يمكن للعالم الآن أن يقف صامتاً"، الصور في هذا الإعلان شملت أكياس جثامين وجسد رهينة نصف عار، في حالة إغماء، في الجزء الخلفي من شاحنة، وهي الصورة التي تكرّرت في إعلانات أخرى مع عبارة "حماس هي داعش".

وهذا الخلط تحديداً بين حركة حماس وبين تنظيم داعش، هدف بشكل أساسي إلى تأجيج المشاعر، وتصوير الاستعمار الإسرائيلي المتواصل من 76 سنة، بصورة مضللة للمشاهد الغربي "على ما يبدو لتجنيد الدعم للعملية العسكرية الإسرائيلية". وبحسب ما خلص إليه تقرير "حملة"، فإن هذا المحتوى "يخرق مبادئ غوغل التوجيهية، خصوصاً تلك التي تتطرق إلى المحتويات العنيفة والتصويرية".

تحليل "بوليتيكو"

نقل المركز تحليلاً أجراه موقع بوليتيكو عن "حملة الإعلام الاجتماعي الإسرائيلية الجارفة في دول أوروبية رئيسية لحشد الدعم لردها العسكري ضد حركة حماس، مع التركيز على الإعلانات التي تشمل مشاهد وحشيّة وعاطفية". ورصدت "بوليتيكو" 75 إعلانًا على حساب وزارة الخارجية الإسرائيلية على "يوتيوب" جميعها موجهة بشكل أساسي إلى فرنسا، وألمانيا، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة. وبعد توجّه الموقع إلى غوغل، حذفت هذه الأخيرة 30 من هذه الإعلانات.
وادعت "غوغل" أنها لم تسمح باستخدام لغة عنيفة في إعلاناتها، أو صور مروعة أو منفّرة أو توثيقات لصدمات جسدية. وهو ما يعاكس الواقع بحسب تقرير "حملة"، الذي أشار إلى أن "غوغل" أخفقت على مستويين: أولا في الإشراف الناجع على الإعلانات التي خرقت المبادئ التوجيهية قبل نشرها، وثانياً، في الإشراف على الفيديوهات المصنوعة مجانًا، مستخدمةً الخصائص المدمجة في المنصة والتي كان يجب أن تشمل تحذيراً بخصوص المحتوى التصويري.

تحليل "سمراش"

قدرت منصة سمراش Semrush، وهي منصة تحليلات للبيانات، أن وزارة الخارجية الإسرائيلية أنفقت 71 مليون دولار أميركي على إعلانات يوتيوب، وقد خصص الجزء الأكبر من الاستثمار للإعلانات الموجهة لفرنسا، وألمانيا والمملكة المتحدة. هذا الاستهداف المتعمد لهذه الدول الثلاث تحديدًا لم يكن واضحًا البتة في معطيات مركز شفافية الإعلانات في غوغل، الذي أخفق في توضيح مدى استهداف كل دولة. وقد أخفق المركز أيضًا في توضيح سائر أشكال الاستهداف وفقًا للفئات المختلفة، مثل المجموعة الديموغرافية، والاهتمامات، والهوايات، والسلوك على شبكة الإنترنت. 

اختفاء

لعل القاسم المشترك بين كل التحليلات التي أجريت حول الإعلانات على "يوتيوب" هو أن الاحتلال عمد إلى نشر فيديوهات مؤذية وعنيفة كمواد إعلانية، متجاوزاً بذلك منظومة إدارة المحتويات الإعلانية في غوغل، وقد بقيت هذه المقاطع على المنصة لساعات، وأيام، قبل حذفها من قبل "يوتيوب". وسبق أن أشارت شركة غوغل إلى أن "تقنياتنا الإشرافية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وقد تم تصميمها لحماية مستخدمينا وللحفاظ على أمن منصاتنا الإعلانية. الحالات الأصعب والأكثر دقة وتعقيدًا تخضع للفحص والتقييم من قبل خبراء مدربين خصيصاً لهذا الغرض. نحن نتخذ التدابير اللازمة إذا خُرقت سياساتنا"، لكن لم تكن هذه هي الحال منذ السابع من أكتوبر.

المساهمون