وزارة الإعلام السورية تلاحق المنصات الرقمية

22 اغسطس 2024
شارع الأمين في دمشق القديمة، 22 مارس 2023 (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **ملاحقة المنصات الرقمية**: يمنح القانون السلطات السورية الحق في ملاحقة المنصات الرقمية غير المرخصة من قبل وزارة الإعلام، بهدف ضبط المحتوى الذي ينتهك الآداب العامة والقيم المجتمعية.

- **آليات التنفيذ**: يمكن للسلطات ملاحقة المنصات والقائمين عليها داخل مناطق السلطة، وتقديم ادعاء رسمي عبر النائب العام، لكن لا يمكن ملاحقة المنصات أو الأشخاص غير المعروفين أو العاملين بأسماء وهمية من خارج الحدود.

- **الانتقادات**: تتهم بعض الآراء القرار بأنه يهدف لملاحقة الإعلام المعارض والتضييق على الحريات، رغم أنه يظهر كتنظيم ودستوري.

أعطى قانون "تنظيم التواصل على الشبكة ومكافحة الجريمة المعلوماتية" في سورية الحق للسلطات التنفيذية بملاحقة المنصات الرقمية غير المرخصة من قبل وزارة الإعلام، بغض النظر عمّا تقدمه من محتوى. وقد قررت وزارة الإعلام التابعة للنظام السوري لتصدي للمنصات الرقمية غير المرخصة، وملاحقة مشغليها قضائياً، وتحديداً التي تقدم مضامين "هابطة تنتهك حرمة الآداب العامة وتسيء إلى قيم المجتمع السوري وثوابته الوطنية والأخلاقية"، بحسب ما جاء على موقعها الإلكتروني الرسمي في 16 أغسطس/ آب الحالي.
يهدف قرار وزارة الإعلام السورية إلى ضبط المنصات الرقمية التي تعمل في الشارع السوري بشكل علني، وتختص بلقاءات مع الناس وسؤال مقابل الربح أو حكاية، بالإضافة للتسلية والكاميرا الخفية وغيره. وقال معاون وزير الإعلام، أحمد ضوا، قبل نحو شهر، في برنامج "ما وراء الحرب" على القناة الإخبارية السورية، إن وزارة الإعلام لم تُرخص أيّاً من المنصات الرقمية التي تعمل على منصات التواصل الاجتماعي. وأضاف ضوا أن مسؤولية ما تقدمه هذه المنصات من "محتوى هابط" تقع على عاتق المجتمع أولاً، الذي بحسبه "لا يتحمل أفراده مسؤولية مقاضاة المنصات الهابطة"، ثم فرع مكافحة الجرائم الإلكترونية التابع لوزارة الداخلية. ووجّه مُقدم البرنامج بهاء خير انتقادات لاذعة للمنصات الاجتماعية العاملة ضمن الشارع السوري التي تقدم "محتوىً هابطاً تسوق من خلاله للعنف والجريمة والجنس" وتروج لـ"الموبقات" كما مقابل الربح المادي. وعرضت القناة الرسمية تقريراً أظهر معلّقين يعبّرون عن سخطهم ورفضهم لما تقدمه هذه المنصات الرقمية من محتوى "يسيء للأخلاق العامة والأعراف والتعاليم الدينية". 
يقول المحامي شادي الخليل، لـ"العربي الجديد"، إن السلطات السورية تستطيع ملاحقة وضبط جميع المنصات الرقمية والقائمين عليها طالما أنها تعمل داخل مناطق السلطة وبشكل علني، ويمكن مقاضاتها بتوكيل النائب العام لتقديم ادعاء رسمي باسم قسم مكافحة الجرائم الإلكترونية في حال وجود جريمة باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، مثل القرصنة والاختراق وجرائم القدح والذم وأمن الدولة وانتحال الشخصية والابتزاز والتشهير واستغلال القاصرين في مواقع إباحية والاحتيال، وكذلك الترويج للمخدرات. 
هذا القانون لا يطاول مجموعات التواصل الخاصة والمجموعات المغلقة، طالما أنها تعمل ضمن نطاق ضيق ومحدود وغير مُعلن أو في متناول العامة. ويضيف الخليل أنه لا يمكن ضبط أو ملاحقة المنصات أو الأشخاص منتجي المحتوى غير المعروفين أو الذين يعملون بأسماء وهمية وخاصة من خارج الحدود.
وتتّهم الإعلامية هند مكارم السياسة الإعلامية المتّبعة منذ بداية الحرب في سورية بالوقوف خلف هذه المنصات وتسويقها إعلامياً واجتماعياً لما تساهم فيه من إفراغ لمضمون قضايا المجتمع السوري الأساسية وتشييئها. وتضيف لـ"العربي الجديد": "أجزم بأن معظم المنصات الإعلامية العاملة بشكل علني تُوجه وتُدار من جهات وإدارات حكومية وأن هناك فروعاً أمنية مُختصة بالمتابعة والمراقبة والدعم والتسويق، أو الملاحقة والحصار".

يقول المرشد الاجتماعي مزيد أمين، لـ"العربي الجديد"، إن وزارة الإعلام السورية "لم تكن يوماً طرفاً نزيهاً في تصويب عمل المنصات الرقمية أو وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي، وغالباً ما استخدمت كل المتاح من وسائل لخدمة سياسات السلطة السياسية والاجتماعية، وسخّرت كل الإعلام والفنون والثقافة للعمل الدعائي والترويجي". 
وتجمع الآراء حول أن القرار الجديد لوزارة إعلام النظام بالتعاون مع وزارتي الداخلية والعدل، وهذه الملاحقات، ليس هدفها ضبط المحتوى المقدم على منصا التواصل بقدر ملاحقة الإعلام المعارِض، والتضييق على الحريات العامة، فالقرار مضمونه الحفاظ على القيم المجتمعية، وباطنه زيادة القمع والتضييق على ما تبقى في السجن الكبير الذي يقبع فيه السوريون جميعاً.
وبالتالي نحن أمام قرار وزاري ظاهره تنظيمي ودستوري هادف للحفاظ على النسيج الاجتماعي السوري، وباطنه ضبط هذه المنصات وغيرها تحت عباءة الإعلام الرسمي، بحيث يُمكن استخدامها وفق سياسة ترويجية يعجز أو يخجل بها الإعلام الرسمي. وكلنا يُدرك الدعم غير المحدود من السلطات السورية للبعض من المنصات الرقمية أو صانعي المحتوى أمثال رفيق لطف وحسين مرتضى وشام حمدان، هؤلاء الذين تجاوزوا كل أخلاقيات العمل الإعلامي في حربهم على حراك السويداء السلمي جنوبي سورية. 
وبالمجمل هناك تنسيق بين الإعلام الرسمي والمنصات الاجتماعية المحلية وبرامج عمل وأهداف مشتركة، تبدأ بتسليع قضايا الأمة وإفراغها، وتوجيه آلية التفكير لدى المتلقي نحو الاستسلام للأمر الواقع والقبول بالموجود، وتأطير حرية التفكير ضمن حدود محتوى إعلامي هابط ومسيء لأخلاقيات المجتمع السوري والعربي عموماً. وفي قراءة لمنصات اجتماعية محلية يمكن لأي متابع أن يلاحظ اندفاع شريحة واسعة من جيل الشباب السوري ودعمه الكبير لهذه المنصات منطلقاً من مبادئ حرية المتابعة والاختبار من دون الحذر والانتباه إلى ما تقدمه من محتوى. 

المساهمون