في بعض الأنظمة الصحية، يُعتقد أنّ تناول أنواع معينة من الأطعمة معاً، يمكن أن يؤدي إلى المرض وتراكم السموم ومشاكل في الجهاز الهضمي، على عكس التوليفات المناسبة التي تساعد في تخفيف هذه المشكلات.
ما حقيقة هذه الادعاءات؟
ظهرت مبادئ الجمع بين الطعام لأول مرة في الطب الهندي القديم، وأُعيد إحياء مبادئ الجمع بين الطعام في أوائل القرن العشرين من خلال نظام Hay الغذائي. يعتمد مفهوم الجمع بين الطعام على فكرة أنّ بعض الأطعمة تتوافق بشكل جيد، بينما لا تتوافق مع الأطعمة الأخرى، ومن القواعد الأكثر شيوعاً: عدم تناول البروتين مع الدهون، وتجنب تناول البروتينات مع النشويات، وكذلك الأمر بالنسبة إلى تناول النشويات والأطعمة الحمضية، وعدم الجمع بين أنواع مختلفة من البروتين، وتجنب تناول منتجات الألبان، وخصوصاً الحليب، على معدة فارغة، ويُنصح بتناول الفواكه والخضروات بشكل منفصل.
تستند قواعد الجمع بين الطعام إلى اعتقادين:
- النشويات والبروتينات والدهون تُهضم بسرعات مختلفة، لذلك فالجمع بين طعام سريع الهضم وطعام بطيء الهضم، يسبب ازدحاماً في الجهاز الهضمي، ما يؤدي إلى آثار سلبية على الصحة والهضم.
- الأطعمة المختلفة تتطلب عمل إنزيمات مختلفة، وهذه الإنزيمات تعمل بمستويات مختلفة تبعاً لمستويات الحموضة في الأمعاء. فإذا تطلّب نوعان من الأطعمة مستويات مختلفة من مستويات الحموضة، لن يتمكن الجسم من هضمهما بشكل صحيح في الوقت نفسه.
ماذا وجدت الدراسات؟
بالنسبة إلى الاعتقاد الأول الذي يستند إلى فكرة أنّ الجسم غير مجهز لهضم الوجبات المختلطة، فهذا الاعتقاد غير صحيح. جسم الإنسان متطور لهضم الوجبة المختلطة والأطعمة الكاملة في وقت واحد؛ إذ تحتوي الخضروات والحبوب على الكربوهيدرات، لكنّها تحتوي أيضاً على عدة غرامات من البروتين، كذلك تعتبر اللحوم غذاءً بروتينياً، لكن حتى اللحوم الخالية من الدهون تحتوي على بعض الدهون. لهذا السبب، لا داعي للقلق من أنّ الجسم يختار بين هضم البروتين والدهون أو النشويات والبروتينات، لأنّه سيهضمها معاً.
أما الاعتقاد الثاني، بأنّ الإنزيمات تحتاج إلى درجة حموضة مختلفة في الجهاز الهضمي، فتناول الأطعمة الأكثر قلوية أو حمضية لا يغير درجة الحموضة في الجهاز الهضمي بدرجة كبيرة. فالمعدة عموماً شديدة الحموضة، وعند تناول وجبة قد تنخفض نسبة الحموضة، لكن ينطلق المزيد من حمض المعدة بسرعة، حتى تزداد نسبة الحموضة لأنّها تساعد في بدء هضم البروتينات وتنشط إنتاج الإنزيمات في المعدة. وعند وصول الطعام إلى الأمعاء يكون الوسط قلوياً، وهو الوسط المناسب الذي تعمل عنده الأنزيمات بشكل أفضل.
تركيبات غذائية لتحسين الهضم
مع ذلك، هناك العديد من التركيبات الغذائية التي يمكن أن تحسن أو تقلل كثيراً من هضم وامتصاص الأطعمة الأخرى، مثل الحمضيات والحديد. الحديد نوعان: حديد الهيم (Heme) الذي يأتي من اللحوم، والحديد غير الهيم الذي يأتي من مصادر نباتية. يمتص الجسم حديد الهيم جيداً، لكن امتصاص الجسم للحديد غير الهيم منخفض جداً (1-10 في المائة فقط).
ومن أكثر الطرق فاعلية لزيادة امتصاص الحديد، إضافة فيتامين سي، أي إنّ الجمع بين الأطعمة الغنية بفيتامين سي (الفواكه الحمضية والفلفل الحلو) مع المصادر النباتية للحديد (السبانخ والفاصوليا) يحسن امتصاص الحديد. كذلك الأمر بالنسبة إلى الجزر والدهون. الكاروتينات مركّبات موجودة في الخضروات ذات اللون الأحمر والبرتقالي والأخضر الداكن، مثل الجزر والطماطم والفلفل، وهي تقلل من خطر الإصابة ببعض الأمراض، مثل بعض أنواع السرطان وأمراض القلب ومشاكل الرؤية. هذه الكاروتينات تذوب في الدهون، لذا لكي يمتصها الجسم جيداً، يُوصى بتناولها مع الدهون الصحية مثل المكسرات أو زيت الزيتون. وينطبق هذا على السبانخ ومنتجات الألبان. تحتوي بعض الأطعمة، مثل السبانخ والشاي، على الأكسالات التي ترتبط بالكالسيوم، وتكون مركباً غير قابل للذوبان، ما يقلل من امتصاص الكالسيوم ويزيد من خطر الإصابة بحصوات الكلى. لذلك، يوصى بعدم تناول السبانخ مع المنتجات الغنية بالكالسيوم، كالألبان.