طالب حزب فرنسا الأبية اليساري، الذي يرأسه المرشح السابق إلى الانتخابات الرئاسية جان ــ لوك ميلانشون، هيئة تنظيم وسائل الإعلام المرئية والرقمية في فرنسا بالتدخّل لوضع حدّ للهجوم الإعلامي "غير المقبول" الذي يتعرّض له الحزب من قبل بعض وسائل الإعلام، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تاريخ بدء العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة.
ونشر حزب فرنسا الأبية بياناً صحافياً، أدان فيه الهجوم الإعلامي غير المسبوق الذي يتعرّض له "منذ تأزّم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وصولاً إلى اليوم". وطالب الحزب هيئة تنظيم وسائل الإعلام بضرورة تذكير القنوات الإعلامية، "وتحديداً قناة سي نيوز، بواجباتها الأخلاقية وضرورة التعاطي الموضوعي والصادق مع المعلومات، وذلك بما يتوافق والقانون الجنائي الخاص بالصحافة".
المواقف التي عبّر عنها أعضاء الحزب، منذ السابع من أكتوبر، جعلتهم عُرضة "لهجوم شبه يومي، كثيف وشديد الخطورة، وغير مبني على أيّ أساس واقعي" في الإعلام.
وقدّم الحزب للهيئة 21 مقطعاً من وسائل إعلامية مختلفة، يظهر من خلالها هذا التعاطي الإعلامي غير المُحايد، سواء للتعليق أو انتقاد مواقف وتصريحات مختلفة صادرة عن أعضائه. تسعة من هذه المقاطع مأخوذة من قناة سي نيوز، وسبعة منها من قناة بي إف إم تي في، والمحطتان خاصتان ومعروفتان بخطهما التحريري اليميني المُحافظ. وكان رئيس الحزب، جان-لوك ميلانشون، قد تقدّم بدعوى قضائية في بداية الشهر، ضد راديو ج والصحافي فريديريك حظيظة، بعد وصف أحد ضيوف برنامج الأخير لميلانشون بالـ"قذر المُعادي للسامية".
هذه الهجمة على حزب فرنسا الأبية لم تقتصر على القنوات الإعلامية، بل يجد الحزب اليساري نفسه في قلب عاصفة من الانتقادات السياسية، منذ رفض أعضاؤه وصف حركة حماس بـ"المجموعة الإرهابية"، واعتبارهم عملية طوفان الأقصى، التي نفذها مقاومو "القسّام"، الجناح العسكري لحركة حماس، هجوماً مسلحاً من تنفيذ قوات فلسطينية، وغيرها من المواقف في ما يخصّ العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، ما جعلهم عرضة للاتهامات بـ"معادة السامية" و"الإرهاب" وكونهم "يساراً إسلامياً فاشيّاً".
وأتت هذه الدعوة للتحرّك ضد التعاطي الإعلامي مع حزب فرنسا الأبية بعد نحو أسبوع من طلب مجلس شورى الدولة الفرنسي من هيئة تنظيم وسائل الإعلام المرئية والرقمية التحكّم بشكل أفضل بما يصدر عن قناة سي نيوز. وجاء عن المجلس أنه "من أجل تقييم مدى احترام أي قناة تلفزيونية لمبدأ التعدّدية في المعلومات، يجب على الهيئة أن تأخذ بعين الاعتبار تنوّع التيارات الفكرية والآراء التي يمثلها جميع المشاركين في برامج البث، بما في ذلك الكتاب والإعلاميون والضيوف، وليس فقط الحكم على وقت الكلام المُعطى للشخصيات السياسية". وأعطى المجلس لهيئة تنظيم وسائل الإعلام مدة ستة أشهر للبتّ في مدى احترام قناة سي نيوز للتعدديّة واستقلالية المعلومات. وجاء هذا الطلب على خلفيّة تقدّم منظمة مراسلون بلا حدود بشكوى أمام مجلس الشورى، في إبريل/ نيسان من عام 2022، لمطالبته بتوجيه إنذار إلى القناة، بسبب غياب التنوّع في الآراء المعروضة على شاشتها. واعتبرت حينها منظمة مراسلون بلا حدود أن القناة "لم تعد قناة إخبارية، بل إعلام رأي".
وبعد قرار مجلس الشورى، قال الأمين العام لمراسلون بلا حدود كريستوف دولوار، عبر منصة إكس، إن ما حصل هو "انتصار كبير، ولكن أيضاً قرار تاريخي في ما يخصّ الديمقراطية والصحافة".