يومياً، ينشر الصحافي نضال معلوف فيديوهات جديدة على قناته الخاصة على "يوتيوب"، يحلل فيها الوضع السياسي والاقتصادي في سورية بناءً على الأخبار المستجدة، في تجربة مختلفة عن عمله كرئيس تحرير لموقع "سيريا نيوز" الإخباري. وتدريجياً نجحت تجرتبه مع عشرات آلاف المشاهدات لكل فيديو ينشره.
يتحدّث معلوف عن تجربته الجديدة، واختلافها عن عمله في الصحافة التقليدية "كان الأمر بمثابة تحدٍ لا بد منه. ففي الأعوام العشرة الأخيرة تغير نمط الجمهور، وأصبح يُفضّل المحتوى المرئي على المكتوب، خصوصاً جيل الشباب في منطقتنا؛ إذ إنه يميل إلى متابعة شخص يسمعونه ويثقون به. المعادلة تغيرت اليوم، ونموذج المؤسسة التي يقف وراءها أشخاص، تحول إلى نموذج الشخص الذي تقف وراءه مؤسسة، وأظن أن وسائل الإعلام كلها سوف تضطر بشكل أو بآخر إلى أن تتحول إلى هذا النموذج والعمل على المحتوى المرئي الذي يفضله الجمهور اليوم".
لعل الفارق الأساسي بين الصحافة التقليدية التي عمل فيها معلوف طويلاً، و"يوتيوب" هو التواصل المباشر مع الجمهور، من خلال التعليقات الي توضع أسفل كل فيديو، وهو ما يساهم غالباً في تطوير السرديات التي يقدمها صناع المحتوى على يوتيوب، كما تدفعهم إلى التفكير بابتكار آليات وأساليب مختلفة. في هذا الإطار يقول معلوف: "التعليقاتلها دائماً أهمية كبيرة، فنحن نخاطب الجمهور، لذا التعليقات تتيح لنا معرفة إذا ما كانت الفكرة قد وصلت كما نريد، ومؤشراً لتحديد الفجوة بيننا وبين المستخدم. في قناة يوتيوب اكتشفت أخيراً أن الطريقة الأفضل هي تسجيل التعليقات المتكررة التي أشعر بأنها تمثل مجموعة من المتابعين لم تصل الفكرة إليهم بشكل كامل، وإعادة مناقشة الفكرة وإيضاحها مرة أخرى بفيديو جديد. النقد مهم طبعاً، لكن لا يمكننا أن ننكر أنه مزعج أحياناً، فلا أحد يحب النقد. عندما تأتيني تعليقات تحتوي نقدا أعيد التفكير بالموضوع، ولإثبات وجهة نظري أقوم بمراجعة العديد من المراجع في سياق الأحداث؛ فالنقد يحمّلنا مسؤولية ويساعد على إعداد مادة متكاملة، لإدراك وجود شريحة من الناس تراقبك وتسمعك".
لعل أكثر ما يثير الاهتمام في المحتوى الذي يقدمه نضال معلوف عبر قناته على يوتيوب، هو حرصه الدائم على مخاطبة الجمهور السوري بكل أطيافه، في الداخل والخارج. فما مدى إمكانية صناعة محتوى يناسب كل السوريين اليوم؟ يقول معلوف: "لا يتوجب على الصحافي العمل بالسياسة، أو أن يكون متحيزاً لطرف؛ وإن فعل، فلا يمكن اعتبار ما يقدمه عملاً صحافياً وإنما عملاً حزبياً. فمن باب الاحتراف والأخلاقية المهنية يتوجب على الشخص أن يكون موضوعياً ودقيقاً ويمثل مصالح الجمهور. وفي الحالة السورية، الموضوع أكثر تعقيداً؛ فلسنا في بلد مثالي تنطبق عليه تلك المعايير، ولكن يمكننا مخاطبة الجمهور بطريقة موضوعية. هذا لا يعني الحياد؛ فالموضوعية هي أخذ كل وجهات النظر بعين الاعتبار، ورؤيتها بأعين جميع الأطراف. مخاطبة الآخر أمر بالغ للأهمية، فمن غير المجدي الاكتفاء بمخاطبة من يتفقون معنا بالرأي، بل يتوجب علينا أن نملك الجرأة لمخاطبة الآخر ومحاولة جذبه وتقريب وجهات النظر؛ هذا ما يُسمى بصحافة الأزمة".
يخصص نضال معلوف عبر قناته على "يوتيوب" مساحة لتاريخ سورية. وحول حاجة السوريين اليوم إلى التاريخ يقول: "لم أكن في البداية مهتماً بالتاريخ، ولكن بعد ما جرى في البلد، حاولت أن أفهم لماذا حدث ما حدث؟ نتيجة البحث، اكتشفت أن تجارب التاريخ مهمة جداً في لتحليل السياسي، حيث لا يمكن لشخص يمارس السياسة والتحليل السياسي، أو لصحافي مهتم بالشأن العام في بلد يمر بالعديد من الأزمات مثل سورية، أن يفهم ما يحدث من دون أن يكون مطلعا على السياق التاريخي العام".