على خشبة المسرح تجسدت أحلام مجموعة من الأطفال الفلسطينيين بزيارة مدينة القدس، والتعرّف إلى حواريها ومناطقها وأزقتها التراثية.
وتضمن الأوبريت الفني، الذي نظمه مركز ابن العربي للثقافة والنشر، بمُشاركة الهيئة العامة للشباب والثقافة، الأربعاء، "نحن أبناء القدس" ثلاثة مشاهد، تناولت حنين الأطفال وآمالهم وأحلامهم البسيطة، التي تقتصر على زيارة المدينة المُحتلة.
ويأتي الأوبريت الفني، وهو من ألحان الفنان رمزي داود، وتوزيع الفنان محمود سلمي، وسيناريو وإخراج المُخرجة رزان السعافين، في اختتام فعاليات مُبادرة "نحن أبناء القدس"، لتجسيد شوق وتطلعات الأطفال لزيارة القدس، والتي لطالما سمعوا عنها أو شاهدوا صورها.
وبدأ الأوبريت بحوار بين طفلتين، تتمنى الأولى زيارة مدينة القدس، بينما تُخبرها الثانية والتي تحمل الجنسية الأميركية، بأنّها زارت العديد من المدن والعواصم الأجنبية إلا أن فلسطين ومدنها تبقى هي الأجمل والأغلى، وتُعاود الأولى التأكيد على أنه من حق الفلسطيني زيارة القدس بهويته الأصلية، والتجول في حواريها، والتقاط الصور، وصناعة الذكريات.
وعلى أنغام أغنية "يا رايحين ع القدس خذوني معاكم، لأدعي لربي وأقول ربي يحميكم"، بدأ المشهد الثاني لمجموعة زهرات يرتدين الثوب الفلسطيني التراثي، تناوبن على إلقاء النصوص الشعرية والكلمات المؤثرة، الخاصة بقصيدة "في القدس"، والتي تروي مدى شوق الأطفال لزيارة المدينة المُحتلة، وغصتهن من وجود الاحتلال الإسرائيلي الجاثم على صدور الفلسطينيين، والذي يحرمهم من خيرات مدنهم وقراهم وحواريهم.
وينتهي الأوبريت بالمشهد الثالث، والذي احتوى على أغنية "نحن أبناء القدس" التي قدمها الأطفال بست لهجات عربية وأجنبية، وتدعو إلى شدّ الرِحال للمسجد الأقصى، وربط جميع معالم مدينة القدس برموز الانتصار، والمعالم التاريخية الموجودة في كل دولة من الدول التي تضمن الأوبريت لهجاتها، كالوصاية الأردنية الهاشمية، وانتصار السادس من أكتوبر المصري، والسعودية التي تُعتبر أولى القبلتين، إلى جانب دلالة المسجد الأزرق في إندونيسيا.
وتوضح مُخرجة الأوبريت الفني رزان السعافين، لـ"العربي الجديد"، أنّ مبادرة "نحن أبناء القدس" تأتي ضمن مبادرات الهيئة العامة للشباب والثقافة، وتسعى إلى "تعزيز الهدف الأسمى لدى الشباب واليافعين والناشئة والأطفال والمتمثل في زيارة المسجد الأقصى المبارك، ومدينة القدس بشكل عام، والتجول في أسواقها، والتعرف إلى التراث هناك، خاصةً بعدما أخذت محاولات التهويد وطمس المعالم الفلسطينية منحى خطيرا مع تقدم السنوات".
وتبيّن السعافين أن "هناك رغبة كبيرة في نفوس الناس لزيارة الأقصى والتعرف إلى معالمها"، بعيداً عن الظروف السياسية، مضيفةً: "نحن نريد تسيير الرحلات الجَماعية، والرحلات المدرسية، والجامعية، والتجمعات الشبابية، والرحلات العائلية والثقافية".
من جهته، يقول رئيس مجلس إدارة مركز ابن العربي للثقافة والنشر أحمد دلول إنّ الأوبريت الفني "يعكس واقع مدينة القدس، وتفاصيل ما يجري فيها، ويُجسِّد أمنيات الأطفال برؤية مدينة القدس كما زاروها من قبل، أو كما يتمنون أن يزوروها، وتحول بينهم وبينها المعابر والحواجز والممارسات العدائية الإسرائيلية".
ويلفت دلول في حديثه مع "العربي الجديد"، إلى أن الأوبريت "يأتي في إطار المسؤولية الأخلاقية تجاه القدس، ومستوحى من قصيدة محمود درويش، التي تُصوِّر كيف يعيش أهل المدينة، وأوضاعهم الصعبة، إلى جانب تصوير المعاناة الأكبر، المتمثلة في كيفية التعامل مع الأشخاص الذين يرغبون في زيارة القدس من مدن أخرى".
ويوضح دلول أنه تم تدريب الأطفال على الأوبريت على مدار 25 يوماً، وذلك "لتجسيد معاناة الأطفال، بالموسيقى التصويرية الناعمة، التي تلامس قلوب العالم، ويحمل فيها الأطفال رسالة للجميع بأن أمنيتهم زيارة حواري القدس والصلاة في المسجد الأقصى".
وسبق عرض الأوبريت الفني تقديم الأطفال لوحات شِعرية، عبّروا فيها عن حنينهم إلى مدينة القدس، عبر قصيدة "حلم رجوعي إلى القدس"، وقصيدة "بكيت حتى انتهت الدموع"، كما تم عرض مجموعة صور فوتوغرافية من مدينة القدس تحاكي واقعها الصعب في ظل وجود الاحتلال الإسرائيلي والحواجز التي تقطع أوصالها، إلى جانب الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على أهلها، وبجانبها مجسمات عن قبة الصخرة المُشرفة، ومجسمات عن المدينة، تصوّر تفاصيلها وملامحها العامة.