تعود المنافسة بين المغنين اللبنانيين هذا الموسم، والواضح أن الجميع اتخذ موقعاً جدياً للمنافسة، بعد ثلاث سنوات من الركود والإصدارات الخجولة.
المغنية اللبنانية نجوى كرم أصدرت أغنية "شغّل موسيقى"، من كلمات عامر لاوند وألحان علي حسون. ليس جديداً على كرم التعاون مع الموزع السوري علي حسون، وزميله الشاعر عامر لاوند. لطالما شكل الثلاثي نجاحات سابقة. في "ملعون أبو العشق" (2019)، حققت ما يزيد عن 226 مليون مشاهدة على "يوتيوب"؛ إذ صدرت الأغنية ككليب من إخراج وليد ناصيف، معتمداً على ما يعرف بتصوير الـ Real، متخذاً من شارع الحمرا في بيروت موقعاً للتصوير.
في جديدها الغنائي، تعود نجوى كرم إلى عصر الكليبات التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى دقائق معدودة بعيداً عن البهرجة. لعلّ اختيار كرم للمخرج دان حداد لم يكن موفقاً، مقارنة مع خطها الغنائي القائم على اللون الشعبي. لكن المحاولة هنا تبدو مرتبكة، إذ تتداخل الصور في سيناريوهات غريبة جداً، تقول عنها نجوى كرم إنها "تجدد"، زاعمةً أنها تبتعد عن نمطية اعتُمدت لسنوات. لكنها تقع دائماً في فخ الصراع على هذا الجديد، وهذا ما يجعلها مغنية بصوت قوي فقط، لا تدرك حرفية "التمثيل" ولا حتى في كليب مُصور لمدة لا تزيد عن خمس دقائق. محاولة تبقيها داخل دائرة البحث عما هو جديد، من دون أن تدرك أنها تخطت إطار التجارب، وحققت لأكثر من ثلاثين عاماً من العمل نجاحات منحتها هوية خاصة في الغناء الشعبي اللبناني. نجاحات حولتها سفيرة في المهرجانات العربية والدولية بهذا اللون.
تعود نجوى كرم إلى شركة روتانا، فلطالما تباهت المغنية بعلاقتها بالشركة. ورغم البرود بين الطرفين في السنوات الأخيرة، استعادت كرم موقعها هذا الموسم ضمن الشركة، وحملت نتاجها الغنائي إلى الرياض، والتقت مجموعة من المستشارين في الشركة للاستماع إلى الأغاني، ونشرت صورة داخل مكاتب روتانا تؤكد قوة الصلة بين الفريقين. كيف لا؟ والسوق الغنائي بأكمله يتوقف على حفلات ضمن فعاليات الرياض التي تقودها هيئة الترفيه السعودية، وتعتبر "روتانا" الجناح التنظيمي للحفلات والمناسبات التي تقام طوال أيام السنة هناك.
تحدٍّ آخر يواجه نجوى كرم في الاستعانة بقلة من الشعراء والملحنين الذين أسهموا في إثبات نجاحها أو أبقوا عليه أخيراً. والواضح أن اللحن الأخير "شغل موسيقى" لا يمكن أن يوصف بالجديد، شأن كل الالحان التي يخص بها علي حسون نجوى كرم، بل هو مزيج من ميلودي عراقي، إيقاعي، مع بعض التحديثات في قالب يختزل الخط الجديد للغناء في الملاهي الليلية، إنما بصورة تتناسب مع حضور نجوى كرم وتاريخها الغنائي، وهو ما استسلمت له في أعمالها الأخيرة، وحاولت أن تقول عنه إنه جديد ويتناسب مع صورتها في المزج بين ما هو مطلوب ورؤيتها في التحديث. تحضر في الكليب أزياء ليست تقليدية، وبعيدة عن طريقة نجوى كرم المعتادة. لكن، يبقى الحكم النهائي للجمهور في ما يخص الأغنية نفسها.