مومياوات مصرية بدروع من طين

05 فبراير 2021
تتطلب الدراسة إعادة فحص تحليلات التصوير المقطعي السابقة (Getty)
+ الخط -

عثر باحثون على درع طيني نادر بعد تحليل مومياء تعود للأسرة العشرين في مصر القديمة، وفقاً لدراسة جديدة في مجلة PLOS ONE، أعدها باحثون في "جامعة ماكواري" الأسترالية.

ويعتقد المؤلفون أن اكتشاف الدرع الطيني لجسد امرأة محنطة داخل أغلفة النسيج هو إضافة جديدة لفهمنا للتحنيط في مصر القديمة. أشارت الدراسات التي أجريت على الجثث المحنطة، من أواخر المملكة الحديثة إلى الأسرة الحادية والعشرين (1294-945 قبل الميلاد) في بعض الأحيان، إلى وجود قشرة صلبة من الراتنغ تحمي الجسم داخل أغلفة، وخاصة بالنسبة للمومياوات الملكية في تلك الفترة.

من هنا، اكتشف الباحثون درعاً طينياً نادراً يغطي مومياء بالغة في متحف "تشاو تشاك وينغ" Chau Chak Wing في سيدني. يرجع تاريخ التابوت إلى قرابة العام 1000 قبل الميلاد. باستخدام التصوير المقطعي للأسنان والهيكل العظمي، حدد المؤلفون أن الشخص المحنط كان شخصًا بالغًا، يراوح عمره بين 26 و35 عاماً.

بدأت المومياء رحلتها من مصر إلى سيدني عام 1857، حين عاد السير تشارلز نيكولسون من رحلته من مصر التي اشترى فيها بالإضافة إلى المومياء التابوت المغطى بالطين ولوح المومياء، كمجموعة تبرع بها إلى "جامعة سيدني" عام 1860.

تقول كارين سوادا، الباحثة المتخصصة في الآثار المصرية القديمة في "جامعة ماكواري"، والباحثة الرئيسية في الدراسة، إن الدراسة تقدم اكتشافاً جديداً في التحنيط المصري سيوسع فهمنا لكيفية معاملة المصريين القدماء لموتاهم. "نظراً إلى أن علماء الآثار لا يزالون يبحثون عن الغرض من الدرع في التحنيط، توفر هذه الدراسة ثروة من البيانات الجديدة. نعتقد أن الدراسات الإشعاعية السابقة للجثث المحنطة في متاحف أخرى، قد تكون أخطأت في التعرف إلى درع الراتنغ داخل الأغلفة، وأن العديد منها قد يكون مصنوعاً من الطين"، كما توضح.

لن تقوم هذه الدراسة فقط بإبلاغ الدراسات الإشعاعية المستقبلية للأفراد المحنطين، ولكنها تتطلب إعادة فحص تحليلات التصوير المقطعي للجثث المحنطة السابقة. ويحدد نقش التابوت المالك على أنه امرأة تحمل اسم مروح Meruah.

وعلى الرغم من أن الشخص المحنط خضع إلى فحص التصوير المقطعي عام 1999، إلا أن المؤلفين أعادوا مسح الجسم للدراسة الحالية باستخدام تقنية محدثة. على الرغم من أن فحوصات الجسم لم تكشف عن الأعضاء التناسلية الخارجية للجثة المحنطة، إذ تمت إزالة الأعضاء التناسلية الداخلية أثناء عملية التحنيط، فإن الخصائص الجنسية الثانوية العظمية (عظام الورك والفك والجمجمة)، تشير بقوة إلى أن الشخص المحنط كان أنثى.

حددت التقنيات المستخدمة في التحليل، مثل التأريخ بالكربون المشع لعينات النسيج المأخوذة من أغلفة الكتان، أن الجثة تعود إلى الفترة بين 1200 و1113 قبل الميلاد، في أواخر عصر الدولة الحديثة. وهذا يعني أن الجسد أقدم من التابوت، ما يشير إلى أن التجار المحليين في القرن التاسع عشر وضعوا جثة لا علاقة لها بالتابوت لبيعها كمجموعة كاملة.

أما عن طبيعة درع الطين، فقد أظهرت تحاليل قشرة الطين، التي تغلف الجسم بالكامل، وهي مغطاة بطبقات من الكتان، أنها وضعت بعد وقت قصير من التحنيط الأولي، بهدف إعادة توحيد الجسم وضم أجزائه، بعدما حدث تلف نسبي في الجسم بعد فترة قصيرة من التحنيط.

إضافة إلى غرضه الترميمي العملي، يشير المؤلفون إلى أن درع الطين أعطى أولئك الذين يعتنون بالمتوفى الفرصة لمحاكاة الممارسات الجنائزية التي كانت تمارسها النخبة المصرية وقتها، والمتمثلة في طلاء الجسم بقشرة راتنغية مستوردة باهظة الثمن، لكن هذه المرة بمواد أرخص ومتاحة محلياً. على الرغم من أن استخدام درع الطين لم يتم توثيقه مسبقاً في الأدبيات المصرية القديمة، إلا أن المؤلفين لاحظوا أنه ليس من الممكن حتى الآن تحديد مدى تكرار هذا العلاج للمومياوات من غير النخبة في أواخر المملكة الحديثة لمصر القديمة.

المساهمون