في إطار مبادرة للترفيه عن الأطفال في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ أكثر من شهرين، تعزف رؤى حسونة على آلة العود، فيما يتحلّق حولها أطفال يواكبونها بالغناء وسط هدير الطائرات ودويّ القصف في رفح، جنوبيّ قطاع غزة.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 1.9 مليون من سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة نزحوا بسبب الحرب، نصفهم من الأطفال.
واضطر كثيرون إلى ترك كل شيء وراءهم هرباً من القصف الإسرائيلي الذي لحق بهم حتى إلى رفح التي يتكدس فيها قسم كبير من النازحين داخل القطاع المحاصر في ظروف بائسة.
تقول رؤى حسونة، البالغة من العمر 23 عاماً، وهي من رفح، إن الحرب أثرت كثيراً في الأطفال، و"نحن نبحث عن أي طريقة للتنفيس عنهم وجعلهم يغنون... بهدف التخفيف من الاضطرابات النفسية لديهم".
وتضيف مشيرة إلى المسيَّرات التي تعبر السماء: "عندما يجلس الطفل في حلقة الموسيقى، يتجاهل صوت الزنانة، ليسمع صوت العود ويغني معه. وهذا من أفضل الأشياء التي أقوم بها"، إذ ترتسم البسمة على وجوه الأطفال ويدندنون بأصوات خجولة ويصفق بعضهم، قبل أن يبدأ صبي من بينهم بالرقص داخل الحلقة.
تقول رؤى إن "الأطفال يعانون كثيراً وبداخلهم خوف. يمكننا بأقل الأشياء وبأبسط الإمكانات مساعدتهم. فالموسيقى قادرة على التخفيف عنهم وترك تأثير إيجابي فيهم".
أطفال غزة يعانون
عدا عن الغناء، يقوم فريق من خمسة شبان متطوعين بتعليم الأطفال الرسم وتلوين وجوههم.
يقول عوني فرحات (34 عاماً)، منظم المبادرة الذي كان مقيماً في هولندا، لكنه عاد إلى قطاع غزة خلال الهدنة الشهر الماضي: "هذا مشروع مهم جداً... مما لاحظناه، فإن الوضع النفسي للأطفال سيّئ للغاية".
تضم المبادرة نحو 15 شخصاً يعملون مع الأطفال يومياً من طريق تنظيم أنشطة ترفيهية متنوعة، تراوح بين الألعاب البهلوانية والموسيقى والحكواتي.
يقول فرحات إن "الأطفال يحبون ذلك. نأتي ونجدهم ينتظروننا للعب والمشاركة... هذه مساحة مهمة، فهي تخلق لهم مكاناً لتفريغ المشاكل النفسية التي خلقتها هذه الحرب".
يقول نزار شاهين (15 عاماً) الذي نزح من بني سهيلة قرب خانيونس إلى رفح: "جئت لمشاهدة الألعاب لأنسى كل ما رأيته في هذه الحرب. فقدت الكثير من أقاربي وأصدقائي وأريد أن أنسى". ويضيف: "هذه الألعاب تنسينا أن فوقنا طائرات"، لكنه يشعر "بالاختناق... لا نعرف إلى أين نذهب ولا يوجد شيء لنأكله أو نشربه... لا شيء".
غزة أخطر مكان في العالم للأطفال
وكتبت "يونيسف": "أُجبر حوالى مليون طفل على النزوح قسراً من منازلهم. أحياء بأكملها، حيث كان الأطفال يلعبون ويذهبون إلى المدارس، تحولت إلى أكوام من الأنقاض، بلا حياة فيها".
وأوقع العدوان الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول أكثر من 19 ألف شهيد، أغلبهم من النساء والأطفال.
(فرانس برس، العربي الجديد)