مهرجان البندقية السينمائي: رسالة مفتوحة بإمضاء غزّة

03 سبتمبر 2024
المخرج الأميركي نيو سورا في عرض فيلم HappyEnd في مهرجان البندقية (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **منصة للتعبير السياسي:** منذ أكتوبر 2023، أصبحت المهرجانات السينمائية مثل مهرجان البندقية منصة للتضامن مع الفلسطينيين في غزة ضد الهجمات الإسرائيلية، مما أثار اعتراضات على عرض أفلام إسرائيلية.
- **انتقادات السينمائيين الفلسطينيين:** انتقد السينمائيون الفلسطينيون هوليوود لتبنيها رواية مؤيدة لإسرائيل، وأشادوا بـ NATAS لرفضها استبعاد فيلم وثائقي عن غزة من ترشيحات إيمي 2024.
- **ردود الفعل والمقاطعة:** دافع المخرج الإسرائيلي آموس جيتاي عن مشاركته في المهرجان، مما أثار غضب السينمائيين الذين دعوا لمحاسبة إسرائيل على جرائمها.

منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تحوّلت المهرجانات السينمائية إلى منصة إضافية للتعبير السياسي، خصوصاً للفنانين والسينمائيين المتضامنين مع الفلسطينيين في قطاع غزة، في وجه آلة الحرب الإسرائيلية. وها هو مهرجان البندقية يفتح النقاش مجدداً، حول الدور الأخلاقي لصنّاع السينما بالوقوف ضد الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 11 شهراً تقريباً.

فيلمان إسرائيليان في مهرجان البندقية

تزامناً مع مهرجان البندقية السينمائي الذي يُعدّ من أهم المناسبات السينمائية العالمية، وجّه مجموعة من صناع الأفلام رسالة مفتوحة إلى إدارة المهرجان، معربين فيها عن رفضهم مشاركةَ أفلام إسرائيلية في الفعالية، في ظل الظروف الحالية في قطاع غزة واستمرار المجازر ضد المدنيين. تأتي هذه الرسالة جزءاً من حملة واسعة تهدف إلى حشد الدعم العالمي للقضية الفلسطينية، والدعوة إلى اتخاذ موقف واضح ضد الإرهاب الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية.
الرسالة التي حملت أكثر من 300 توقيع، اعترضت على عرض فيلمين إسرائيليين في المهرجان. الفيلم الأول هو Al Klavim Veanashim (الكلاب والرجال) للمخرج داني روزنبرغ، وهو فيلم باللغة العبرية تدور أحداثه في سياق عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر. أما الفيلم الثاني فهو "لماذا الحرب" للمخرج آموس جيتاي من بطولة إيرين جاكوب، وماثيو أمالريك، وميشا ليسكوت، وجيروم كيرشر.
جاء في الرسالة التي نشرتها مجموعة "فنانون من أجل فلسطين ــ إيطاليا"، بأن فيلم "الكلاب والرجال" صُوّر "في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية على غزة، وهو يساهم في تبييض الإبادة الجماعية. وكما هو الحال مع (الكلاب والرجال)، أُنتج فيلم "لماذا الحرب" من قبل شركات إنتاج إسرائيلية متواطئة تساهم في نظام الفصل العنصري والاحتلال والإبادة الجماعية من خلال صمتها أو مشاركتها الفعلية في تبييض الجرائم عبر الفن". وأضاف الموقعون في الرسالة: "أعلى محكمة في العالم، المحكمة الدولية، أعلنت أن إسرائيل قد تكون ترتكب إبادة جماعية ضد 2.3 مليون فلسطيني في غزة، وأن نظام الفصل العنصري والاحتلال العسكري غير قانوني. كما قدم المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية طلباً لإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، بتهم الإبادة و"تعمد تجويع السكان المدنيين والتسبب في وفاة عشرات الآلاف من الأبرياء... ظل مهرجان البندقية السينمائي صامتاً إزاء فظائع إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني. هذا الصمت يثير استياءنا العميق. كوننا عاملين في الفن والسينما في جميع أنحاء العالم، ندعو إلى اتخاذ تدابير فعالة وأخلاقية لمحاسبة إسرائيل على جرائمها ونظامها الاستعماري القمعي ضد الفلسطينيين".
ومن ضمن الأسماء الموقّعة على الرسالة سينمائيون غربيون وآخرون فلسطينيون مثل: هاني أبو أسعد، وروزاليند نشاشيبي، ورائد أنضوني، وصالح بكري، وإنريكو بارنتي، وألساندرا فيريني، ونيكولو سيني، وسيمونا كافالاري، وكيا باسيتي، وباولا ميشيليني، ودافيد سيرينو، وسول ويليامز، وبريت ستوري، ومونيكا ماورير.
من جهته، دافع المخرج الإسرائيلي آموس جيتاي عن مشاركته في مهرجان البندقية السينمائي رغم الدعوات إلى المقاطعة. وفي تصريحات له، أوضح جيتاي أنه يرفض استخدام السينما منصةً للتعبير عن الكراهية أو وسيلةً لفرض مقاطعات، مشدداً على أهمية الحفاظ على الحوار الفني والثقافي وسيلةً لفتح قنوات التفاهم بين الشعوب. وقد أثارت تصريحاته غضباً إضافياً، خصوصاً أنه حاول، بتكرار، المساواة بين جرائم الاحتلال المتواصلة منذ 11 شهراً، وبين عملية طوفان الأقصى.

سينمائيون فلسطينيون

كان قد سبق مهرجان البندقية رسالة أخرى، لكن هذه المرة لسينمائيين فلسطينيين حصراً، عبروا فيها عن انتقاداتهم الحادة لهوليوود وصناعة السينما الغربية بسبب تبنيها رواية أحادية الجانب لصالح إسرائيل وتجاهل معاناة الشعب الفلسطيني. وفي تقرير نشرته مجلة فاريتي، أشار السينمائيون الفلسطينيون إلى أن هوليوود لطالما ساهمت في تطبيع صورة إسرائيل على أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، بينما تُصور الفلسطينيين غالباً إرهابيين أو ضحايا غير ذوي أهمية، وهو عامل "ساهم في الدمار المستمر في غزة".
هذه الرسالة هي أول مبادرة مشتركة لصنّاع الأفلام الفلسطينيين منذ بدء الإبادة الجماعية في غزة. وعبّر الموقعون عن شكرهم للأكاديمية الوطنية لفنون وعلوم التلفزيون (NATAS) لـ"مقاومتها للضغوط وإصرارها على حرية التعبير"، برفضها محاولات استبعاد فيلم وثائقي يركز على غزة من ترشيحات إيمي لعام 2024. الفيلم الحائز جائزة بيبودي "أنا بيسان من غزة وما زلت على قيد الحياة"، الذي أخرجته الصحافية والناشطة الفلسطينية بيسان عودة، يروي معاناة أسرتها أثناء هروبها من قصف الاحتلال على منزلهم. وقد رُشّح لجائزة إيمي للأخبار والوثائقيات عن فئة القصة الإخبارية الصعبة المتميزة القصيرة. ومع ذلك، حاولت جماعات مناصرة للاحتلال، موجودة في هوليوود، الضغط لسحب الترشيح، إثر "اتهام" عودة بارتباطها بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهو ما رفضته الأكاديمية.
وجاء في الرسالة: "إن محاولة فرض الرقابة على صوت بيسان (عودة) ليست سوى أحدث محاولة قمعية لحرمان الفلسطينيين من حقهم في استعادة روايتهم، ومشاركة تاريخهم، وفي هذه الحالة لفت الانتباه إلى الفظائع التي يواجهها شعبنا على أمل أن نتمكن من وضع حد لها".

تابع الموقعون: "نحن نفهم جيداً قوة الصورة والسينما، ولفترة طويلة جداً كنا غاضبين من اللاإنسانية والعنصرية التي أظهرها بعضهم في صناعة الترفيه الغربية تجاه شعبنا، حتى خلال هذه الأوقات الصعبة للغاية. من خلال أفلامنا، حاولنا تقديم روايات وتصورات وصور بديلة لعكس صورة "الكائنات عديمة القيمة والقابلة للاستغناء عنها" النمطية واللاإنسانية والتي تمكن من تبييض و/أو تبرير الجرائم التي ارتكبت لعقود من الزمن ضد الفلسطينيين. ولكن لماذا يجب علينا دائماً ارتداء "قفازات الملاكمة" للدفاع عن فننا ضد الرقابة القاسية التي تستهدفنا فقط على أساس هويتنا، وليس إبداعنا؟".

سينما ودراما
التحديثات الحية

من أبرز الموقعين على الرسالة: ميشال خليفي، ومي المصري، وهاني أبو أسعد، ونجوى نجار، وإيليا سليمان، ورشيد مشهراوي، وفرح النابلسي، ومحمد بكري، ومها حاج، ومهدي فليفل، ورائد أنضوني، وكمال الجعفري، وصالح بكري، وخديجة حباشنة، ومهند يعقوبي، وطرزان ناصر، وعرب ناصر، وأسامة بواردي.

المساهمون